23 ديسمبر، 2024 12:47 ص

عبور المكونات لمجابهة التقسيم

عبور المكونات لمجابهة التقسيم

في تصريح لمسرور برازني نجل رئيس أقليم كردستان مسعود البرزاني؛ تناقلته وكالات الأنباء ودعوته لحاجة العراق للتقسيم الى ثلاثة دويلات؛ كوردية شيعية سنية، ومن الظاهر أن يخفي أسباب أبعد من تقسيم لا يمكن حدوثه على الأقل في الوقت الحالي. وصف برزاني أن السلام بعد نهاية داعش مرهون بالتقسيم؛ مصوراً أن سبب الخلافات؛ لأسباب طائفية ومذهبية وعرقية.يبدو أن تصريح مسرور لا يمثل وجهة نظر الأقليم بصورة عامة؛ في ظل خلافات تعصف بين جبهة تمثل الحزب الديموقراطي الكوردستاني بقيادة مسعود البرزاني، وتطلعاته بالبقاء على رئاسة الإقليم تحت هذا الشعار؛ مناغماً للتوجهات الأمريكية السابقة، التي تدعو للتقسيم الى ثلاثة دويلات.في ظل مجريات الأحداث العراقية، ومواجهاتها لأكبر هجمة إرهابية بربرية؛ فقد تعززت الرؤية التي تقول: لا يمكن العيش إلاّ في عراق موحد، وداعش من صناعة خارجية؛ ساهمت أطراف دولية بإنتشارها؛ منها من رفض العملية الديموقراطية العراقية لأسباب طائفية،

وآخرى تؤمن بمشروع تقسيم المنطقة الى دويلات ضعيفة يمكن إستحلابها، وإنتزاع الحكم من المناطق السنية لشخصيات لا تؤمن بالعملية السياسية، وترفض التعايش السلمي والتقسيم أساس بناء دولتها التوسعية الإرهابية، التي توفر الأسباب للتدخلات الدولية وإشغال المنطقة بنزاعات تستنزف بترولها وشبابها، وبذاك تخرج طبقة سياسية وجماهير مؤيدة للتقسيم.الشاهد على عدم قبول معظم جماهير المناطق السنية بداعش؛ هو هروب الملايين الى خيام النزوح وترك الأموال والبيوت وآلاف القصص التي تتعلق بالبشاعة وهتك الشرف، واللجوء الى مناطق اغلبها شيعية فتبددت التصورات حين آوتهم الحسينيات وإعتنت بهم المرجعيات الدينية والسياسية، فيما لم تستطع كردستان مقاومة الأزمة الإقتصادية وهي لم توفر رواتب موظفيها لأشهر، وإخلالها بالإتفاقية النفطية التي تلزمها بتصدير 550 ألف برميل نفط يومياً مقابل حصولها على حصتها 17% من الموازنة.إن حديث مسرور برزاني يأتي في سياق الضغط على الحكومة المركزية لسببين: أولهما لإبعاد النظر عن الخلافات الكوردية، التي قد تتوحد بخلافات المركز، والثانية للشعور بنهاية مرحلة الإرهاب الوشيكة التي تتطلب إعادة ترتيب الأوراق، وبذاك يستخدم ورقة التقسيم كأداة ضاغطة على المركز، في ظل واقع عراقي؛ أثبت أن قوة العراق بوحدته ولم تعد الخلافات وسيلة لتحقيق مكاسب شعبية، وهذا ما يدعو لسياسة دولة مدنية عابرة للمكونات، تستطيع العبور الى بر أمان السلام والقضاء على الإرهاب والفساد والمصالح الحزبية.مشكلة العراق ليست طائفية أو قومية؛

بقدر ماهي خلافات سياسية تستخدم عواطف الجماهير لمآرب ضيقة، ولا يمكن لبلد أن يعيش بين دويلات منقسمة بالتحارب.العام الحالي هو عام التسويات الدولية، وفي العراق حاجة الى تسوية الخلافات السياسية والذهاب الى مساحة الدولة؛ بدل المساحات الحزبية والعرقية والقومية والطائفية، وهذا ما يتطلب التنازلات المتبادلة والسعي الحثيث لبناء تحالفات سياسية عابرة للمكونات، وبالطبع سيكون محور التحالف تلك النتاجات التي فرضها الواقع القائل أن العراق شعب موحد لذا لم نجد إلاّ من إنحصروا بمصالحهم الضيقة؛ هم من تخلفوا عن محاربة الإرهاب، وهذا لا يمنع من تشكيل التحالف على شرط أن يؤمن بوحدة العراق وسيادة أرضه وصيانة كرامة شعبه، وفي هذا السياق توجد قوى سياسية كثيرة وكبيرة تحضى بتأييد جماهيري قادرة على بناء كتلة عابرة للمكونات، وبالطبع لا تنسى المواقف التي خاضها العراق من 13 عام بمواجهة الإرهاب والفساد والتقسيم.