لا أريد الخوض في حياة السيد الشهيد عبد المجيد الخوئي ، فالكل يعلم حسبه ونسبه ، كما الجميع يعلم مكانته العلمية و الاجتماعية ، ليس على المستوى الحوزوي فحسب ، بل على المستوى الاجتماعي والسياسي في العراق والعالم عموماً ، فهو كان (رحمه) مسؤول مؤسسات الإمام الخوئي في لندن ، وكان الصوت العراقي في الخارج في بيان مظلومية الشعب العراقي أبان حكم الطاغوت الصدامي ، وعندما سقط النظام كان من أول الذين عادوا الى بلدهم العراق ، والذين استبشروا خيراً بزوال الحكم الظالم الذي كان مسلطاً على رقاب العراقيين جميعاً .
الخوئي كان يحمل مشروعاً لوطنه الجريح ، وكان يحمل حلماً لتحقيقيه ، سواءً في الجانب العلمي أو السياسي ، وأحياء تراث أهل البيت ، وتفعيل الدور العلمي للحوزة العلمية في النجف الأشرف ، أو في الجانب السياسي حيث كان يسعى أن تكون مدينته قبلة العالم ومحط العلم والعلماء والفكر والتي ما أن دخلها حتى طارت غربان الظلام ، لتكشر عن أنيابها وتعبر عن حقدها تجاه عائلة الزعامة والإمامة ، التي قدمت الشهداء والعلماء ، فوالدهم هو الأمام الكبير والزعيم الشهير السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ، والذي كان وما زال من ألمع علماء التشيع ، وأكثرهم براعة في تخريج أربع دورات من كبار المجتهدين والعلماء الذين ما زالوا يقدمون زبدة حياتهم خدمة للدين والمذهب ، ناهيك عن دور الإمام الخوئي في حفظ كيان الحوزة العلمية من الاختراق والتشرذم ، فكان سنداً قوي لطالب العلم ، وكان عالماً جليل القدر ، يكفيه فخراً تقديمه لأروع مؤلف في الحديث ” رجال الحديث ” ، والذي مازال يعتبر من مفاخر الأمامية .
السيد عبد المجيد الخوئي كان يحمل موته بين يديه ، لأنه كان يحمل آمال وأحلام مدينته التي تركها مجبراً ، ولكن الموت كان أسبق الى السيد الخوئي ، فتلاقفته شذاذ الآفاق ، وعبدة الأصنام ، وطلاب الفسق والفجور والقتل ، وأزلام البعث المقنع الذين بقتلهم للسيد الخوئي فأنهم قتلوا الكلمة والسلام والمبدأ ، فكانت عملية تعذيبه وقتله تعبر أسوء تعبير عن بشاعة وهدف المنفذين ، والذين أستهدفوا الشهيد الخوئي مباشرة ، دون أي مبرر أو سبباً يدعوهم الى جريمتهم سوى أنهم كانوا أدوات الجهل والحقد الذي ملئ صدورهم ليعبروا عن هذا بقتلهم للخوئي وبهده الصورة البشعة ، والتي عبر عنها من حضر عملية تغسيله ، كيف أنهم عمدوا الى خلع ملابسه ، وجره بين شوارع النجف وهم يضربونه بأنواع الأسلحة من سيوف وسكاكين وغيرها من أسلحة الحقد والكره .
السيد عبد المجيد الخوئي يحمل الورد معه في رحلته الى الشهادة ، ولكن القاتل حمل الحقد والكره له ، وشتان بين الظالم والمظلوم ، والذي سيبقى على مر الزمن الصخرة التي تتكسر عليها كل أحلام الظالمين ، والتي ستبقى تقول لهم ” مهما بغيتهم وطغيتم فان المظلوم سينتصر “