كان لقاءًاً تلفزيونيّاً مثيرًا وعبعوب مندفع بأحلامه “لجعلها أجمل عواصم الدنيا” كما وعد في ذلك اللقاء ولأوّل مرّة أرى من بين”جوقة الانتخابات” من يتّصل بمبدعي العراق للاستعانة بهم لتجميل العاصمة , بدا لي وهو يلفظ اسم الراحل “محمّد غني حكمت” وغيره من مبدعون أنّ الرجل لربّما سيدخل كتاب غينس بذلك الاندفاع .. لكن الخبرة والمحيط والبيئة والثقافة والنشء والفلسفة والاطّلاع على التاريخ مكوّنات أساسيّة لمنصب خطير كمنصب أمين عاصمة عريقة لأعظم امبراطوريّة , أمام هذه الحقائق سيطفو شخص مثل عبعوب بمكوّنه حتمًا وطفت معه بغداد , لذا ارتبك الرجل فبدا كمن يهذر بكلامه وكأنّه فقد السيطرة على زمام مقود أمانة بغداد , فلم نفهم بعدها منك سيّد عبعوب غير الشطحات “نعل” و “أدوس عليه بالـ كذا” و “أنا وسيم بغداد وطهران” .. و”انتي عِلويّة” , زرق ورق” مثلًا , بغداد أفضل عاصمة في العالم قالها السيّد عبعوب بذكرى “عيد الشجرة” , حتّى أنّ عبوعوب فجّر قنبلة من طراز “دايزي كتر” في لحظة انتشاء اعترته وهو قادم من شارع الحمراء من بيروت: “بغداد أفضل من نيويورك وأفضل من طوكيو” , يقصد من ناحية الصدمات والكدمات لربّما , نسي أن يقول أنّ في جوف بغداد أكبر صخرة في العالم عرج عليها هو بنفسه عند ذهابه إلى طهران .. ويقال , والعهدة على القائل: أنّ أحد الإرهابيين الدواعش وكان عراقي الأصل كان قد غادر بغداد قبل 30 عاماً , احتشد مع الحشد الدواعشي لاختراق حزام بغداد قبل أشهر , وكان هو الدليل للحشد , لأنّ الغالبيّة منهم من العراقيين من محافظات أخرى وبقيّة الحشد من جنسيّات مختلفة , وعند اقترابهم من حزام بغداد أمر هذا العراقي البغدادي الأصل بعد استطلاع عميق هو وبعض رفاقه الداعشيّين وصلوا فيه للباب الشرقي وسط بغداد ,
أمر بانسحاب الحشد! , فاستفسروا منه متعجّبين عن سبب عدوله , أجابهم: هذه ليست بغداد! , وكيف عرفت , سألوه , أجابهم هذه المدينة مليئة بأكوام وتلال قاذورات وبمساحات واسعة حتّى روائحها النتنة غريبة ليست روائح مزابل بغداد أيّام زمان يوم كانت المزابل في أماكن محدّدة مسبقاً , أعتقد أنّنا لسنا في العراق أو أخطأنا طريق العاصمة! , ممكن أكون يخيّل إليّ أنّنا على مقربة من إحدى المدن الهنديّة أو الباكستانيّة أو الإيرانيّة أو المصريّة , تخمين غريب , أجابوه مستفسرين , أجابهم نعم وأنّ ألوان المزابل يطغى عليها اللون الداكن ما يعني أنّ تجّار اليوم عديمي الذوق كما وخبراتهم بنوعيّات البضائع المستوردة حزرتها من التالفة منها نفايات بضائع رديئة الصنع من دول فقيرة آسيويّة كثيرة لا تُعد .. أنا متأكّد يا أخوان هذه ليست بغداد فبغداد نفاياتها تلك المحسورة في أماكن مخصّصة لها بغالبها ألواناً ونوعيّةً صناعات عراقيّة كانت تضاهي الصناعات الأوروبّيّة .. وهكذا يكون عبعوب أنقذته وأنقذت الحكومة العراقيّة مزابل بغداد من السقوط بأيدي من لا يرحمون , ولم تكن إيران من أنقذ العاصمة كما ادّعى العامري قائد ميليشيّات التحرير .. المهم قُدّر لمزابل بغداد تدافع عن بغداد فليست ثلوج موسكو وحدها اأنقذت موسكو من السقوط بين يدي جيشان عملاقان جيش نابليون ومن بعده جيش هتلر , في الثانية ؛ والثلوج تغطّي العاصمة موسكو وقف أمينها مرعوباً هلعًا أمام ستالين رئيس السوفييت في الحرب العالميّة الثانية قائلًا: رفيقي ستالين ؛ موسكو على وشك السقوط , ردّ عليه ستالين , كم من الوقت بتقديرك هتلر سيدخل موسكو , أجابه وهو هلع ساعتين تقريباً , فردّ ستالين ؛ إذاً قف مكانك واثبت فيه لمدّة ساعتين ! , وعندما انقضت المدّة , لم يحصل شيئاً ولم تُسمع ولا إطلاقة نار واحدة .. يُقال أنّ ستالين طلب من أمين موسكو الانصراف.