في بلد لطالما تغنى بالوفاء لأبناءه، يقف المتقاعدون اليوم في طوابير الانتظار، لا امام ابواب التكريم ، بل عند عتبات البنوك ومكاتب الصرف المتأخرة ، بعد عقود من الخدمة والبذل في مؤسسات الدولة ، يجد آلاف من كبار السن انفسهم في مواجهة شهرية مع القلق والعوز ، لا ذنب اقترفوه سوى انهم تقاعدوا في وطن ينسى من خدمه ، ان تأخر صرف الرواتب لم يعد مجرد خلل اداري ، بل تحول الى ازمة انسانية تهدد كرامة شراح انهكها العمل وعضها المرض ، وتركتها السياسات المتخبطة فريسة للحاجة والاهمال ، كيف يمكن لدولة ان تبنى حاضرها وتنهض بمستقبلها وهي تتنصل من مسؤوليتها الاخلاقية تجاه من بنوا لبناتها الأولى ؟،يعتبر موضوع تأخر رواتب المتقاعدين في العراق لشهر آب / 2025 لأكثر من خمسة ايام من القضايا الأساسية التي تهم فئة واسعة من المواطنين خاصة من كبار السن ، الذين يعتمدون على هذه الرواتب كدخل شهري ثابت، وان شريحة المتقاعدين تعبر عن قلقها البالغ إزاء تأخير صرف رواتب المتقاعدين، معتبرين ذلك تلاعباً بحقوق هذه الشريحة المضحية والمنهكة، وانتهاكاً صريحاً لحقوق الإنسان التي يكفلها الدستور العراقي، وأن الحكومة العراقية تتحمل مسؤولية هذا التأخير، محذرين من أي محاولات للتلاعب بحقوق المتقاعدين المشروعة، وطالب المتقاعدون ومن منطلق المسؤولية الأخلاقية والقانونية، بوضع آلية واضحة ومحددة لضمان صرف رواتب المتقاعدين في موعد ثابت ومعلوم للجميع، مشددين على أن أي تأخير في صرفها يؤثر بشكل مباشر على حياتهم وحياة المواطنين، مؤكدين في الوقت نفسه عدم الوقوف مكتوفي الأيدي تجاه هذا الأمر، كانت هناك مطالبات وضغوط نيابية وشعبية لتحقيق العدالة بين المتقاعدين ، حيث ان العدالة بين المتقاعدين ليس ترفاً بل استحقاق وطني، ومن دونه لا يمكن بناء دولة محترمة قائمة على الانصاف والكرامة ، والسكوت عن هذا الخلل لم يعد مقبولاً ، ومطالبة الحكومة الان بتحقيق اصلاح شامل وعادل في سلم رواتب المتقاعدين دون مماطلة او تمييز، لماذا يستمر هذا التمييز الفاحش في رواتب المتقاعدين وكأنهم ليسوا ابناء وطن واحد ؟، إن قانون المتقاعدين رقم (9) ينص على ضرورة أن تُوحّد رواتب جميع المتقاعدين القدامى ونظائرهم الحاليين، في حين أن المتقاعدين الذين تقاعدوا قبل 2014 لم تشملهم هذه المساواة حتى الآن، أن ملفات هؤلاء المتقاعدين يجب ان تخضع حالياً للمراجعة والإجراءات اللازمة لضمان العدالة والمساوات، وفقاً للقانون، وتأتي هذه الجهود في إطار المطالبات المستمرة لتوحيد الرواتب وفق الانصاف والعدالة والمساواة ، وقد شكّلت مسألة رواتب المتقاعدين القدامى محوراً للنقاشات بين اطراف سياسية واقتصادية وبرلمانية عراقية ، لا سيما مع التحديات المالية التي واجهتها البلاد منذ عام 2014 بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية، فكيف يعقل ان يتقاضى متقاعد أربعة اضعاف ما يتقاضاه متقاعد آخر بنفس المواصفات والمؤهلات وسنوات الخدمة والشهادة ؟