عندما تحاول القضاء على مجموعة تحمل فكر ما، او شعب يحمل هوية معينة، او دولة تنتهج نهج سياسي محدد، فقط عليك ان تصنع لهم اضداد، إما قومي أو ديني أو سياسي، مدعوماً مالياً وفكرياً وهما عاملين أساسيين لحركتهم، عندها تنقسم الشعوب الى طرفين متضادين، يسعى كل منهما ازاحة الآخر ليحل محله، ثم يقوم الإعلام بالدفاع عن كلا الطرفين، تحت مسميات كأن تكون استعادة الحقوق المسلوبة، أوالحرية والديمقراطية، التي يتم فصالها حسب قياسات معينة تختفي خلفها الحقائق الواقعية المغيبة.
الواقع ان الشعب في كل مجتمع ولا سيما في مجتمعاتنا، هو كالطفل في العائلة، ومن الممكن ان يقال عنه ما يقال عن الطفل، مادام غارقاً في جهله مقيداً بقصوره الأخلاقي والفكري، يبحث عن رفاهيته مقابل ضياع وطنه ووطنيته، فيصور له ان حكومته تسلبه حقوقه، فتشرعن له الثورة أو الإنتفاضة، من اجل استرداد ما يعتقد انه سلب منه قسراً، وهذا يحدث في البلدان الآمنة والمستقرة، والحكومات التي لا تناسب اهواء القوى العظمى، اما الدكتاتوريات فيعكس مفهومها وتحسن صورتها.
يذكر (وليام غاي كار) في كتابه (احجار على رقعة الشطرنج) في عام 1829 عقد (النورانيين) وهم مجموعة حاخامات اليهود من أصحاب رؤوس الأموال، وتحدث أحدهم يدعى (رايت) حيث اخبر المجتمعين انه تم تأسيس الشيوعية من “مجموعة من العدميين والإلحاديين وبعض الحركات التخريبية” الهدف منها (إثارة الحروب والثورات في المستقبل)، وتم تكليف (كلنتون روزفلت وهوارس غريلي وتشارلز دانا) لتمويل المشروع وتمويل (كارل ماركس وإنجلز) عندما كتبا “رأس المال والبيان الشيوعي” في حي سوهو في العاصمة الإنكليزية لندن، ويذكر الكاتب انه في الوقت الذي كان يكتب فيه (كارل ماركس) البيان الشيوعي، تحت اشراف مجموعة من اليهود كان (كارل ريتر) من جامعة فرانكفروت يعد النظرية المعادية للشيوعية تحت مجموعة اخرى من اليهود، وكان الهدف هو تقسيم الشعوب الى معسكرين متناحرين، معسكر متدين وآخر لا يؤمن بالدين، ثم يتم تسليح كل منهما ودفعهما للقتال فيما بينهما لتدمير بعضهما، وتدمير كافة المؤسسات الدينية، إسلامية كانت او غيرها، وبهذه الطريق يتم اضعاف الشعوب والقضاء على دولهم، عن طريق استنزاف اموالهم وشعوبهم، فكثرت الحروب واستمرارها يعني تدهور للإقتصاد, تراجع في النمو بكل اشكاله, ضعف في بُنيَة الدولة, تفشي الجهل والأمية, ارتفاع مناسيب الفقر, كثرة الأمراض، وهذا ما أُستُخدِم مع الشعوب العربية، عن طريق عبيد اليهود، اي عن طريق حكام العرب.
بما إن (الشيوعية) اصبحت مكشوفة الفكر والمنهج، ولم تكن لها مقبولية في البلدان العربية والإسلامية، لأنها تدعو للإلحاد ونكران وجود الله، عليهم البحث عن بديل اكثر تأثيراً في مجتمعاتهم الإسلامية، فجاؤوا بالإسلاميين المتعصبين، الذين صنعهم “عبد الوهاب وابن تيمية وابن باز” وهم نظراء “لماركس وإنجلز”، فإتبعوا نفس الإسلوب الإجرامي، الذي اتخذه الشيوعيين في البلدان التي سيطروا عليها.
كان الشيوعيون يقتلون الناس بدون استثناء، فبإسم الثورة، ملئوا الشوارع بجثث الأبرياء، وهو نظير فعل داعش الإرهابي، الإثنان لم يميزوا في قتلهم بين كبير وصغير بين رجل وإمرأة، اغتصبوا النساء وحرقوا الأطفال وهم احياء، قذفوا بضحاياهم من فوق المباني، لن يختلفوا الإثنان في الإسلوب وطريقة التعامل مع الشعب، الشيوعيون كانوا يذبحون المسيحيين وداعش يذبحون المسلمين، يفجرون انفسهم في البلدان الإسلامية الآمنة، واليهود يغتصبون فلسطين، امام مرئ ومسمع العالم، مستوطنات جديدة وتمدد واسع على الأراضي الفلسطينية، حتى غُسِلَ العقل العربي، فأخذ يصف من يحارب إسرائيل إرهابي، ومن يذبح المسلمين الأبرياء مجاهد، إن الفكر المنحرف الذي سيطر على ادمغة المجتمع العربي، جعلهم في دوامة لا يميزون الحقائق، ومجرد إنهم أدوات يحركهم الحكام، عن طريق الإعلام، الذي بدأ ينفث سمومه في المجتمعات العربية والإسلامية, بأفكار سامة وهدامة تستبيح العقول، ليهيئ لها إن الإرهاب إسلام, وإن داعش والقاعدة مجاهدين، وإن القتل والتنكيل والسبي من شرائع الدين, فغدى لهم الأسود أبيض والظلام نور، وللأسف الشديد وبسبب الجهل الفكري الذي تتميز به المجتمعات العربية، اصبح الشعب مقتنع ومؤمن بما يردد في الحكام.
إن الجهل المفرط والتجهيل القسري هو من ضيّع العرب، فجعل بلدانهم ساحات حروب ومواقع لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، فإنشغلوا عمن يسرق ثرواتهم ويقتل أبنائهم ويستبيح بلدانهم، وأخذوا يتقاتلون فيما بينهم.
الشيوعية تأسست بإسم الفقراء والمعدومين والكادحين، لكنها جاءت بالدماء والتقتيل، بمجرد ان احكمت على السلطة فأصبحت حكومات دكتاتورية بإمتياز.
لكن السؤال الاهم: ماهو الاسم الجديد للجماعات الإرهابية القادمة؟ من اي بلد سينطلقون؟ فبعدما كان (أسامة إبن لادن) زعيماً لتنظيم القاعدة، و(أبو بكر البغدادي) زعيماً لداعش، من سيكون زعيمهم القادم؟.