عبد الناصر…التسريب واستمرار الاستحمار؟

عبد الناصر…التسريب واستمرار الاستحمار؟

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ

 

ان المرحوم جمال عبد الناصر انسان عربي عاش الحلم و تحرك على ارض الواقع ليغيره الى الأفضل و عاش التجربة التنفيذية الانقلابية بكل ما تحمله من سلبيات و إيجابيات لأنه في الأول و الاخير كائن بشري و لكنه في كل الأحوال عاش تجربة للنهضة العربية على المستوى الفردي و المجتمعي و الإقليمي و الدولي , و هذه احد حقائق مشروعه التي لها ابعاد جغرافية اثرت في مختلف بلدان العالم , وعلينا ان نعلم ان دولة الصين التي لم يكن يعترف بها احد في العالم ما عدا الجمهورية العربية المتحدة كانت تعيش المأساة النهضوية الحضارية في حين كان الإقليم الجنوبي للجمهورية العربية المتحدة يعيش الازدهار والحركة في خط النهضة التي سبقت كذلك ما يسمى جمهورية كوريا الجنوبية التي كانت تعيش المجاعة و سبقت الجمهورية العربية المتحدة أيضا  ماليزيا و التي هي حاليا احد ارقى بلدان العالم.

ان مشروع جمال عبد الناصر لم يصل الى أهدافه لأته انهزم عسكريا في العام 1967  وجاءت الهزيمة التي كان المسئول عنها جمال عبد الناصر شخصيا وهو اعترف بذلك و قدم استقالته  و من بعدها أعاد شعبنا العربي في الإقليم الجنوبي للجمهورية العربية المتحدة رئيسها لموقع الحكم مرة اخرى لتبدأ مرحلة حرب الاستنزاف و إعادة بناء الدولة العربية و الجيش العربي الثاني و الثالث في الإقليم الجنوبي من جديد , ضمن تكتيكات المعركة و ظروف الواقع و هذه كلها تفاصيل و قصص و حكايات و وثائق كل عربي يريد ن يستفيد من التجربة الناصرية اذا صح التعبير ان يعيد قراءتها و دراستها لكي يستفيد منها في واقعنا المعاصر الحالي بعيدا عن العواطف و الدعايات المغرضة.

وجاء التسريب الأخير للمرحوم جمال عبد الناصر مع معمر القذافي ضمن هذه السياقات والتي اخذت الجهات الإعلامية المرتبطة مع الحلف الطاغوتي الربوي العالمي والحركة الصهيونية والمتصهين العرب الخونة بعدها في الردح والتدليس وتقويل التسريب ما لم يقله واخذ الأمور بعيدا عن سياقها التاريخي الحقيقي.

بالنسبة للتسجيل المنسوب للمرحوم جمال عبد الناصر مع معمر القذافي فأن الدعاية التي تشوه وتشتم جمال عبد الناصر اخذت سياقات لها علاقة في ضرب القومية العربية وكذلك مشروع جمال عبد الناصر واقول “مشروع” وليس الشخص فالمسألة تتحرك في خباثة لها علاقة في قتل اي امل عربي او اعادة نظر في التجربة الناصرية في ايجابياتها او سلبياتها.

ما اريد ان اقوله:

ان هناك قراءة للتسجيل خارج سياق الحدث وهو اسباب قبول مبادرة روجرز لبناء حائط الصواريخ وايقاف للقتل المتواصل الذي كان يحدث ضد العمال المصريين في الإقليم الجنوبي للجمهورية العربية المتحدة الذين كانوا يعملون على بناء حائط الصواريخ ويستشهدون بالعشرات في القصف الصهيوني وايضا كان القبول بالمبادرة تكتيك لمرحلة ضمن الصراع وليس اعتراف في الكيان الصهيوني او القبول في الهزيمة. 

هذا ما لم يفهمه بعض النظام الرسمي العربي وبعض بقالات الارتزاق الفلسطيني الذين اخذوا يزايدون على مشروع جمال عبد الناصر وهم “لا” يفعلون شيئا للقضية على ارض الواقع الا تدمير لبنان آنذاك والزواج من عارضات ازيائه والتجارة في القضية الفلسطينية وتجميع الأموال باسمها واستجداء العمالة مع الأجانب وهذا الخط استمر مع اوسلوا وما بعد اوسلوا وهذا تفصيل اخر مختلف.

ان مسألة القبول في مبادرة روجرز وتبعاتها هذا ما كان يحاول شرحه المرحوم جمال عبد الناصر بأسلوب شعبي بسيط ضمن “لقاء خاص” وليس اجتماع رسمي وواضح ان المسألة اخذت ابعاد تشويه وتدليس وكذب ضد المرحوم جمال عبد الناصر أكثر من محاولة قراءة التسجيل ضمن سياقاته التاريخية الطبيعية وضمن الهدف الحقيقي الذي كان يريد ايصاله جمال عبد الناصر وهو صناعة الوعي والبصيرة وحقيقة المواقف الدخانية والتي لا تصنع انقلابا او تغيير في الواقع بل مزايدات بدون حركة وضوضاء إعلامية بدون تنفيذ واستعراضات كلامية.

ان جمال عبد الناصر “المشروع” كان خطير وخطر يخافه الحلف الطاغوتي الربوي العالمي والحركة الصهيونية لأنه كان يريد صناعة انقلاب على كل الواقع العربي السيء والقابع في ذهنية الاستحمار الذاتي الفردي والاستعباد الأجنبي الخارجي.

 هذا الكلام الدعائي التسقيطي الخارج عن السياق التاريخي هو يريد تسقيط جمال عبد الناصر “المشروع” و”التجربة” وهو استمرار لنفس عقلية محاولة قتل محاولة اعادة النهضة العربية والاستقلال “الحقيقي” عن الأجانب والغرباء. 

ماذا قدم الاخرين بعد 54 سنة من رحيل جمال عبد الناصر وتدمير مشروعه؟ ليس لديهم الا شتم الرجل و”إيجابيات” مشروعه.

و”لا” زالوا يزايدون و”لا” يقدمون شيئا الا جلد الذات وترويج دعايات اعدائنا الصهاينة او القبول بالهزيمة.

ولا زال العرب ينتظرون ان يعود المشروع ليخرجوا من جديد ليقولوا ارفع رأسك يا اخي فقد ولى عهد الاستبداد.

ان العرب ينتظرون المشروع ليقولوا:

“لا” للأستحمار

“لا” للاستعباد الخارجي

“لا” للاستبداد الداخلي

وان لهم الحق في وطن عربي يجمعهم ك “قومية” في وحدة واتحاد على ارضهم وان الأجانب الغرباء مكانهم ليس هنا.

د.عادل رضا

طبيب استشاري باطنية وغدد صماء وسكري

كاتب كويتي في الشئوون العربية والاسلامية

أحدث المقالات

أحدث المقالات