18 ديسمبر، 2024 8:38 م

عبد المهدي : وسفرة ناقصة الى شارع الرشيد !

عبد المهدي : وسفرة ناقصة الى شارع الرشيد !

لم نسمع في وسائل الإعلام من قبل , ولا في الأخبار المتناقلة الخاصة أنْ قام رئيس الوزراء بزيارةٍ الى شارع الرشيد منذ قدومه الى العراق في عام 2003 , ولذلك ومن زاويةٍ ما فقد جرى اعتبار هذه الزيارة كسفرة او رحلة بعد فراقٍ طويلٍ للمكان قد يمتد الى اكثر بكثير من ربعٍ قرنٍ من الزمن او منذ الربع الأخير للقرنِ الماضي , ومهما يكن فهي نقطة تُحسب للسيد عادل عبد المهدي حيث أنه اوّل رئيس وزراءٍ < وربما آخر رئيسِ وزراءٍ > ينزل الى هذا الشارع , وأنه ايضاً اصدر أمراً شديد الأهمية لإعادة فتح الشارع وازالة الكتل الأسمنتية منه .. وتنبغي الإشارة الى أنّ زيارة السيد رئيس الوزراء كانت لجزءٍ من هذا الشارع الستراتيجي وليس بأكمله , وهو على ما يبدو الجزء الممتد من ساحة ” حافظ القاضي ” الى ساحة الرصافي فقط حيث ممنوعٌ مرور المركبات والعجلات بسبب وجود البنك المركزي على الأقل , وهذه المنطقة او المسافة في شارع الرشيد هي من اكثر المناطق المشوَّهة والمشوِهة في العاصمة وقد صار لها نمط خاصٌ بها وليس من السهولة اجتثاثه عن بكرة ابيه , وأمّه كذلك . فزيارة السيد عبد المهدي التي استبقت طلوع الفجر كانت بلا شكّ للتمكّن من سرعة الحركة والتنقّل جرّاء ضيق الوقت والمهام والأعباء الملقاة على عاتقه وما يفرزه عدم اكتمال تشكيلة كابينته الوزراية , ونحن هنا ننتقد وبأستياء تصريحات البعض من ساسة الأحزاب بتوجيههم تهمة الخوف لرئيس الوزراء لعدم مروره في شارع الرشيد في وضح النهار , وكان ذلك كلاماً يفتقد اللياقة والذوق , بالرغم من أننا على تضادٍ حيوي مع كلّ رؤساء الوزراء والذين جاؤوا برفقة وبصحبة الغازي المحتل .

وَ , سفرة او رِحلة عبد المهدي الى شارع الرشيد كانت في الواقع اكثر من ناقصة بسبب عدم امتلاك رئيس الوزراء الفرصة للمشاهدة الميدانية لما امسى وغدا عليه هذا الشارع ” وخصوصاً في الجزء الممتد بين الساحتين المشار اليهما في اعلاه ” حيث حميرٌ تسير من بين المارّة او المشاة , وعربات الحمل الطويلة والصغيرة تكاد تصدم وتصطدم بأقدام المواطنين , وأنّ البسطات الممتدة في وسط الشارع قد احتلت مسافةً أفقيةً اوسع من الرصيف , وقد لايصدّق إلاّ مَن رأى أنّ هنالك ممرّات محددة لا تصلح للسير إلاّ لشخصٍ واحد .! , كما لا نتحدّث هنا عمّا تعرضه وتبيعه الكثير من البسطات والعربات والتي من المفترض تواجدها فقط في ” العلوات ” والمحال المتخصصة , والتي ايضاً لا توجد في الشوارع الرئيسية لا في الصومال ولا اليمن وربما في ادغال افريقيا ايضاً .

ثُمّ اذا ما افترضنا مجازاً أنّ رئيس الوزراء واللجنة التي شكّلها لمتابعة فتح هذا الجزء المنفصل – المتصل في شارع الرشيد , كما اذا ما تمادينا قليلاً او اكثر في الإفتراض بأمكانية إزالة هذه الظواهر واليسطيات والحمير والعربات المتعددة الأحجام والأوزان , فأنّ شارع الرشيد بأكمله بدءاً من ساحة الميدان الى ساحة التحرير فقد تغيّر لونه وتلاشى رونقه , وتبدّلت نكهته وحتى جاذبيته الأخّاذه طوال عمره قبل الأحتلال , فكلها قد ازيلت عن بكرة ابيها , فالمحلات التي كانت تعرض آخر مستحدثات الموضة قد باتت من خيال الذكريات , ودور السينما غدت أمكنةً لمعاملٍ ومخلّفات وسواها , وصارت الصورة الشمولية لهذا الشارع هي لعرض المعدّات واجهزة اطفاء حرائق وعرض كلّ المنتجات التقنية البالية.

وإذ زيارة رئيس الوزراء لهذا الجزء المجتزء من هذا الشارع الذي جرت تسميته تيمّناً بالإزدهار الثقافي للخليفة هارون الرشيد ” والذي تمقته وتكرهه احزاب الإسلام السياسي ” فهي زيارةٌ مفيدةٌ بلا شكّ , ولكنها خطوة اولى في رحلة الترليون ميل وميل .! فمن المُحال عودة او إعادة شارع الرشيد الى سابق عهده , ولعلّ السيد عبد المهدي وكافة الذين يستوطنون المنطقة الخضراء ” وما حولها او بقربها ” فأنهم لا يعلمون ولا يمتلكون أيّ تصوراتٍ أن الغالبية العظمى او القصى من سكّان بغداد يتجنّبون الذهاب الى هذا الجزء المقتطع من هذا الشارع او الى كل مسافة ومساحة هذا الشارع إلاّ للضرورات والمقتضيات القصوى .

وتقتضي وتُحتّم الضرورات أنّ شارع ” الجمهورية ” – المرادف الرئيسي الوحيد للعاصمة ” كما دجلة والفرات ” فأنه لايقلّ فوضىً وذوقاً ووساخةً عن شقيقه الرشيد , بل أنّ السير والمرور فيه عِبرَ سيارةٍ صالون او ” نفرات ” وحتى بواسطة – ستّوته ! ” وتحديداً على الأقل من منطقة باب المعظم الى التقاطع المؤدي بأتجاه تمثال الرصافي , فأنه يستغرق وقتاً اطول واكثر من اجتياز كلّ شارع الرشيد سواءً سيراً على الأقدام او بالمركبات , ولم اعد ادري كيفية توصيف سفرة عبد المهدي المفيدة قياساً الى ما بقربها والى ما حولها والى ما يحيطها من زواياً سواءً كانت زواياً حادّة او قائمة او منفرجة , وسيّما من زواياً غير مرئيّةٍ لعموم الرأي العام .!