كنت ممن يلتقون بالسيد عادل عبد المهدي طوال فترة مشاركته في التشكيلات الحكومية السابقة، فلا زلت اتذكر جيدآ اللقاءات التي كانت تجمعني به في مضيف والده الواقع في ناحية النصر شمال الناصرية، فقد كان بين فترة واخرى يلتقى بمجموعات متعددة من الكفاءات والشخصيات الاجتماعية، للتداول حول ابرز القضايا التي تخص البلد بشكل عام والمحافظة على نحو خاص .
لم اكن في حينها من المدافعين عن طريقة عبد المهدي في ادارته للوزارات او المناصب الاخرى التى تسنمها، فقد كنت ممن ينتقدون حالة التنظير ببرود، وهدوء، التي دائما ما يكون حالما بها، ويعيشها بكل تفاصيلها، بعيدا عن الواقع وما يتطلبه المنطق، ورغم حاجتنا الماسة الى ضرورة اتحاذ القرارات الشجاعة، والحازمة، من اجل التخلص من المشاكل، والظروف الصعبة التي وصلنا اليها بسبب انتشار الفساد المالي والاداري في جميع مفاصل الدولة، طوال السنوات المنصرمة، كان دائما يتحدث عن الحياة الوردية، التي لم تكن مقنعه لاغلب الحاضرين، والمشاركين في جلساته النقاشية.
هذه التفاصيل عشتها بكل جزئياتها اثناء سماعي بتكليف السيد عبد المهدي بتشكيل الحكومة المقبلة، فلا زلت اتذكر ذاك الشاب الصغير املس الوجه الذي كان حاضرا في اخر لقاء لي بالسيد المنتفجي، الذي نزل من سيارته الحديثة والفارهه، مع سائقه وحمايته، والذي تبين مؤخرا انه تم تعينه الاول في وزارة النفط، ومباشرة اصبح هو الرجل الثاني بعد عبد المهدي في وزارة النفط، رغم صغر سنه وحديث العهد بدوائر ومؤسسات الدولة، الا ان الوزير اعتمده كالساعد الايمن في ادارة كل مفاصل الوزارة، لانه يجيد الابتسامة في وجهه، وحتما سوف يكون هو المسير لشؤون رئاسة الوزراء في المرحلة المقبلة .!
ما يتم تداوله من اخبار عن التشكيلة الحكومية الجديدة هو امر طبيعي في العملية السياسية، لكن عندما ندقق في التفاصيل نجدها تدخل في خانة الازمة، التي من الممكن ان يواجهها عبد المهدي في الايام القادمة، ويمكن مناقشتها من مطلبين ؛
الاول؛ جميع الكتل السياسية قد اعلنت دعمها للسيد عبد المهدي وتنازلت عن استحقاقها السياسي في مقابل قناعة السيد رئيس الوزراء المكلف، وهذا الموضوع مقلق بحد ذاته، لان فشلها لا سامح الله سوف يجعله يتحمل وزر الخسارة من دون الاشارة الى الكتلة البرلمانية التي كلفته بهذه المهمة، وهذا بحد ذاته يعطي انطباع على عدم قدرة الشخصية المستقلة وغير المدعومة من كتلة حزبية كبيرة على قيادة البلد .
الثاني؛ سكوت الكيانات السياسية عن استحقاقها السياسي، واعلانها ذلك عن طريق بيانات اعلامية، دليل على انها قد رتبت موضوع وزاراتها التي اختارتها بالاتفاق مع عبد المهدي بالسر، في قبال تقديم الدعم اللازم للتصويت على الكابينة المنتظرة، وخاصة بعد اطلاق الموقع الالكتروني الخاص بالترشيح على الوزارات، والتي تم اختيار اسماء حزبية للترشيح عن طريق هذا الموقع لكي يتم اختيارهم للوزارات التي تم الاتفاق عليها .
هذين المطلبين هم الاقرب الى الواقع، خصوصا ان عبد المهدي شخصية لا تتميز بالتصادم، والحزم، في مواجهة ماكنات الاحزاب والكيانات السياسية، وهذا ما لمسناه منه في لقاءات متعددة، وان كنت اتمنى ان يخرج من الاطار الذي حدد نفسه فيه، وان يكون قادرا على حسم هذه الاشكاليات التي طرحناها من باب الانصاف، وان يخرج من عنق الزجاجة التي وضع نفسه فيها .