19 ديسمبر، 2024 6:03 ص

عبد الله بن جعفر ت 80 هجرية

عبد الله بن جعفر ت 80 هجرية

-1-
من الشخصيات البارزة في التاريخ ، والمشهورة بالمواقف الناصعة، والمآثر الكريمة، وبحزمة من الصفات العالية …

ولد بأرض الحبشة ، وكان أبواه قد هاجرا اليها ،

وهو أول مولود ولد بارض الحبشة ,

وَقَدِمَ مع أبيه المدينة .

مِنْ هاشمٍ في ذراها وهي صاعدةٌ

الى السماء تُميتُ الناس بالحَسَدِ

قومٌ أبى الله إلاّ أنْ تكون لهم

مكارمُ الدين والدنيا بلا أَمَدِ

-2-

وهو معدود من الصحابة ، فقد روى عن النبيّ (ص) أحاديث .

( راجع ترجمته في أسد الغابة /ج3/ص94)

وتوفى الرسول (ص) وله عشر سنين .

-3-

ومن مكارم أخلاقه ، ما حدّث به الأصمعي عن العمري وغيره :

” انَّ عبد الله بن جعفر أسلف الزبير بن العواّم ألف ألف درهم “

-ومِثْلُ هذا المبلغ يُمثّلُ ثروةً كبيرة بموازين تلك الفترة –

” فلما قُتل الزبير قال ابنه عبد الله لعبد الله بن جعفر :

اني وجدتُ في كتب أبي ، أنَّ له عليك ألف ألف درهم ، فقال :

هو صادقٌ فاقضها اذا شئتَ “

وهنا يتجلّى الخلق الباهر حيثُ أنَّ (عبد الله بن جعفر) أظهر كامل الاستعداد لدفع المبلغ المذكور، رغم أنه هو الدائن ولم يكن في ذمته للزبير أية ديون ..!!

انه لم يُصحح لابن الزبير معلوماته حياءً منه ..!!

ولو كانت القضية قد جرت مع غير (عبد الله بن جعفر) لسارع الى الاخبار بأنه الدائن لا المدين ولطَالَب بتسديد الدين اليه ..

ولو فعل عبد الله ذلك لما حاد عن الحقّ والعدل ، ولكنه حينذاك لا يكون الرقم الصعب في المعادلات الاخلاقية ولما تغنّت بأمجاده الركبان …

” ثم لقيه – اي لقي ابن الزبير عبد الله بن جعفر – فقال :

يا أبا جعفر

وَهَمْتُ ،

المالُ لكَ عليه ،

قال :

فهو له

-انظر الى ترفعه وسمّو ذاته –

قال :

لا أريد ذاك

قال :

فاختر إنْ شئت فهو له ،

وإنْ كرهت ذلكَ فله فيه نَظِرةٌ ما شئتَ ،

وإنْ لم تُرد ذلك فبِعْني من ماله ما شئتَ “

إنّ مكارم أخلاق ( عبد الله بن جعفر) هي التي دعته الى طرح خيارات عديدة أمام ابن الزبير

فإمّا أنْ يقبل المال

وإمّا أنْ يُمْهَلُ الى اي أجل يُريده ،

وإمّا أنْ يبيع من أملاك الزبير ما يسدّد به الدَيْن ،

ومن الواضح أنَّ هذه الخيارات انما هي للتيسير، وتحاشيا لايقاع ورثة الزبير في موقف صعب قد ينوؤن به ..!!

وكلَّ ذلك من ينابيع الكرم الذاتي، والنبل العظيم الذي انطوت عليه شخصية عبد الله بن جعفر .

” قال :

أبيعك ، ولكنْ أُقوّم ،

فقومَّ الأموال ثم أتاه فقال :

أحب أنْ لا يحضرني وإياك احد

قال :

فانطلق

-اي أنَّ (عبد الله بن جعفر) استجاب لكل ما أراده ابن الزبير بلا اعتراض ولا ممانعة ، جرياً على عادَتِه ،

” فمضى معه ، فأعطاه جراباً ، وشيئا لاعمارة فيه ، وقوّمه عليه ،

حتى اذا فرغ ، قال عبد الله بن جعفر :

ألقَ لي في هذا الموضع مصلّى ،

فألقى له في أغلظ موضع من تلك المواضع مصلّى ، فصلى ركعتين وسجد فأطل السجود يدعو ، فلما قضى ما أراد من الدعاء ، قال لغلامه :

احفر في موضع سجودي ، فَحَفَر ، فاذا عَيْن قد أنبطها ، فقال له ابن الزبير :

أقلني ، قال :

أما دعائي ، وإجابة الله إياي فلا أقيلُك ،

فصار ما أخذ منه أعمر مما في يد (ابن الزبير) “

أقول :

إنّ ذوي النفوس الصافية ، والأخلاق العالية، تُفتح لدعواتهم أبواب السماء، ويستجيب الله دعواتهم ، ويفتح عليهم من بركاتِه

انه يُعينهم على الاحسان والبّر .. وكفى به ناصراً ومُعينا .

لقد سجّل التاريخ لنا موقفيْ (ابن جعفر) و(ابن الزبير)

وشتان بين الموقفين

إنّ الكفة الراجحة ، والصفقة الرابحة كانت (لعبد الله بن جعفر) لِمَا جُبلت عليه نفسهُ من شَمَمَ وطِيبَةٍ وصفاء …

وهكذا هي المواقف الناصعة لن تُطوى ولن تُنسى ، وتبقى عظة وعبرةً للأجيال .
*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات