يقدم لنا الاعلامي عبد اللطيف الزيدي في باكورة اعماله كتاباً مميزاً في البحث والتقصي تحت عنوان ” الدعاية الانتخابية ومشاركة الشباب في الانتخابات ..التوجهات والتحولات ” ، يخوض فيه ميدانياً وتنظيرياً في مشاركة اهم شريحة في المجتمع العراقي واوسعها تأثراً في دعايات توجيه الرأي العام للمشهد الانتخابي في البلاد .
يحاول الزيدي في كتابه ان يصل الى الهدف الاساس من بحثه الاكاديمي الميداني والتوثيقي في آن واحد ، والمفضي الى “معرفة حجم التعرض والدوافع والاشباعات المتحققة جراء متابعة المشاهد العراقي الشاب للدعاية الانتخابية التي تبثها القنوات التلفزيونية ” ، مستنداً الى نظرية الاستخدامات والاشباعات التي اعتمدها كبوصلة عمل ، ساعياً الى كشف العلاقة بين المتغيرات الديموغرافية وبين التعرض والاشباعات المتحققة جراء متابعة الشباب للدعايات الانتخابية ، معتمداً على النموذج الكلي لطلبة جامعة بغداد كلوحة توضيحية شاملة لتوجهات الشباب وتأثرها بالزخم الانتخابي الدعائي.
يطرح الكاتب في هذا البحث المهم والمميز مجموعة من الاسئلة التي تفضي اجاباتها لفهم أعمق لسيكولوجيا شريحة الشباب ” طلبة جامعة بغداد انموذجا” ومستويات تفاعلهم وتأثرهم بالدعايات الانتخابية ، متوجها الى الاجابة على السؤال المركزي في البحث ” ما الدوافع والاشباعات المتحققة من متابعة الدعاية الانتخابية التي تبثها الفضائيات العراقية ؟ وتفرعه الرئيس ” مادورالدعاية الانتخابية التي تعرضها القنوات الفضائية في حث الشباب الجامعي على المشاركة بالانتخابات ؟ “.
يتعرض الكتاب الى التفرقة بين مفهومي ” الحملة الانتخابية “التي تشمل وظائف متعددة من بينها البرامج الانتخابية واختيار المرشحين ، و ” الدعاية الانتخابية ” التي هي اشمل من الحملة لأنها بكل فعاليتها دليل الناخب الى المرشح أو الحزب للاطلاع على البرامج وتبني القناعات وصولا الى لحظة الاختيار التي ينتهي عندها دور الدعايات التي من المفترض ان تكون قد أدت دورها في السيطرة على السلوك الانتخابي وضمان الفوز في الانتخابات ، مقدما لنا مجموعة من تعاريف مفهوم الدعاية الانتخابية لمجموعة من منظري الفلسفات الانتخابية الدعائية في المدارس السياسية في فرنسا واميركا والمانيا .
كما يقدم لنا الكاتب جردة وثائقية للاصول التأريخية للدعاية الانتخابية من حضارة وادي الرافدين حتى عصر الديمقراطيات الحديثة في القرن الواحد والعشرين مروراً بتجارب الاغريق والرومان والعصر الوسيط والقرون الوسطى في حهد وثائقي مميز.
الفصل الثالث المعنون “دور الدعاية الانتخابية في الحث على المشاركة الجماهيرية ” يبحث في قضية مهمة اخرى ، هي احدى المشكلات الحقيقية للعمليات الانتخابية الاخيرة في العراق والتي تتمثل في العزوف الجماهيري العام عن المشاركة في انتخابات تحدد مصير العملية السياسية ومآلاتها ، والبحث في اسباب العزوف أو المشاركة ، ولكل تجربة خصوصيتها في التأثير الدعائي سلبا أو ايجاباً .
ان الاحاطة المنهجية بعنوان الكتاب التي بذلها عبد اللطيف االزيدي تشكل حقيقة اضافة نوعية ومرجعية ،ويستحق الكتاب الذي الذي قدمه لنا الزيدي ان يكون علامة مهمة في المكتبة الاعلامية العراقية التي تفتقد الى حد كبير لهذا النوع من الدراسات.
