23 ديسمبر، 2024 12:36 ص

عبد الكريم الشيخلي.. الأكثر وضاعةً وخسة واجراما خلال انقلاب 8 شباط 1963

عبد الكريم الشيخلي.. الأكثر وضاعةً وخسة واجراما خلال انقلاب 8 شباط 1963

ـ رفيق صدام في التآمر والاعتقال والهروب والقتل .

ـ عاد الى بغداد بعد خمسة أيام من انقلاب 8 شباط العام 1963.. وبعد أن صفى عشرات الشيوعيين تحت التعذيب عين معاوناً للملحق العسكري العراقي في بيروت.. وهو الذي لم يكن في يوم من الأيام عسكرياً.

ـ لم يتعلم عبد الكريم الشيخلي من دراسته الطبية رسالتها الإنسانية.. كان مسؤولاً عن لجان التحقيق مع المعتقلين الشيوعيين والقاسميين والإسلاميين بعد انقلاب 8 شباط 1963.. تفنن في تعذيبهم وقتلهم.

ـ وبعد تموز 1968 اشرف على لجان التحقيق ضد الإسلاميين فقد قدم لأحد المعتقلين العام 1970 عندما كان أيضاً وزيراً للخارجية قدح ويسكي إثناء التحقيق وأمره بشربه.. لكن المعتقل رفض.. وقال له حرام أنا مسلم.. اكفهر وجه الشيخلي وصاح به: شنو إحنا كفار.

ـ وأمر أربعة من جلاديه بتقييده وفتح فمه والتبول فيه.. ثم قال له الشيخلي: (هذا هو شرابكم المفضل).. وأخيراً نال الشيخلي جزاءه على يد سبعاوي فقتله بأمر من صدام في وسط الشارع.. وأمام عائلته والمارة.

السيرة والتكوين:

ـ ولد عبد الكريم عبد الستار الشيخلي في بغداد العام 1935.. في منطقة باب الشيخ ببغداد.. فلقب باسمها.. وهو من عائلة كردية من السليمانية.. كما ذكر القيادي عادل مراد في الاتحاد الوطني الكردستاني.. انضم الى حزب البعث العام 1954.. لم يكمل دراسته في الكلية الطبية بجامعة بغداد.

ـ وعندما هربً الى القاهرة بعد فشل محاولة اغتيال عيد الكريم قاسم في العام 1959.. التي كان الشيخلي مساهماً فيها.. أكمل دراسته هناك كرفيقه صدام.

ـ أقيل من عمله بعد سيطرة عبد السلام عارف على السلطة وحل الحرس القومي في 18 تشرين الثاني العام 1963.

ـ أصبح عضواً للقيادتين (القطرية والقومية للبعث) في العام 1964 حتى العام 1971.

ـ اعتقل بعد انكشاف محاولة البعث إسقاط عبد السلام عارف في الخامس من أيلول العام 1964.. واعترف على تنظيمات البعث التي كانت تحت إشرافه.. فتعرض من قبل رفاقه الى التشهير والتندر.. أطلق سراحه وسافر الى خارج العراق.

علاقة صدام بالشيخلي:

ـ عبد الكريم الشيخلي طالب الطب في بغداد.. والمثقف والمنظر لحزب البعث.. رافق صدام حسين رفقة طويلة.. بل كان الأخير يصرح انه أخوه ورفيقه.. فقد كان معه في زمرة محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم في تشرين الاول / أكتوبر العام 1959.. وانتهى معه في منفى القاهرة.. ثم عادا معا إلى العراق.. وسجنا معا بعد ذلك بين عامي 64 و66 حتى هروبهما من السجن معا.

ـ بل إن البعض يعتقد بسبب عدم وجود تاريخ محدد لميلاد صدام حسين.. انه استعار موعد ميلاد ذلك البغدادي ابن العائلة لينسبه إليه (27 نيسان/ ابريل / 1938).

مناصبه:

ـ في 30 تموز 1968.. واستلام البعث السلطة كاملة:

ـ عين وزيراً للخارجية أصالة للفترة من 31/7/1968 إلـى 29/9/1971.

ـ إضافة الى إشرافه على اللجان التحقيقية في قصر النهاية.

ـ العام 1969 أصبح أيضاً عضواً في مجلس قيادة الثورة.

ـ في 29 أيلول العام 1971 أعفيً من مناصبه الحزبية والرسمية.. وعين مندوباً للعراق في الأمم المتحدة.

ـ أواخر العام 1974 نقل الى ألمانيا حتى العام 1978.

دور الشيخلي في مقتل حردان التكريتي:

في صباح يوم الثلاثاء 30 آذار / مارس/ 1971.. وصل حردان التكريتي امام المستشفى الاميري في الكويت بهدف اجراء بعض الفحوصات الطبية.

ـ يقول محمد كاظم رجل المخابرات العراقي المكلف باغتيال التكريتي: “وقفتُ في المكان المحدد ليً.. وهو احد مداخل المستشفى.
ـ جاءت سيارة حردان حيث كان جالساً في الخلف.. وعندما توقف السيارة اتجهتُ نحوها فظنً حردان باني احد حراس المستشفى.. وما أن فتحتُ له باب السيارة ليترجل منها.. وقد كان ضخم الجثة انحنى الى الأمام ليستطيع الخروج.. وما أن مد رجله خارج السيارة عاجلته بخمس رصاصات أردته قتيلاً بالحال.. ثم هربتُ الى خارج المستشفى حيث كان بانتظاري احد رجال المخابرات العراقية لينقلني الى السفارة العراقية!!

ـ في اليوم الثاني أعلن العراق بأنه سوف يبعث بوزير الخارجية عبد الكريم الشيخلي للتحقيق في حادث الاغتيال.. وصل الشيخلي الى الكويت وتوجه للسفارة العراقية مباشرةً والتقى بيً.. وهنأني على نجاح العملية وأبلغني شكر صدام حسين ليً!! بعد مضي يومين أدخلوني في صندوق سيارة وزير الخارجية الشيخلي متوجهين الى البصرة.

ـ ومن المعلوم إن سيارة الوزير لا تفتش فوصلنا البصرة ومن هناك الى بغداد حيث استقبلني صدام شخصياً قائلاً ليً: لقد أنقذت العراق من خطر كبير.. ثم نقل جثمانه الى بغداد.. وشيع الى مثواه الأخير في مدينة تكريت.

اعتقاله:

ـ في شهر شباط 1978 تم اعتقال الشيخلي بتهمة التشهير بالرئيس البكر ونائبه صدام.. واخضع للتحقيق داخل مبنى المخابرات العامة.. وحكم عليه بالسجن خمس سنوات قضى سنتين منها.. ثم صدر العفو عنه العام 1980.

منتهى الوضاعة والخسة:

ـ يتحدث الكادر ألبعثي السابق حسن العلوي عن وضاعة عبد الكريم الشيخلي في التحقيق مع المعتقلين في قصر النهاية.. فيقول: في العام 1980 زرتُ مدرساً.. يقدم دروس خصوصية لولدي في الفيزياء.. بمناسبة إطلاق سراحه من الاعتقال.. وكان قد اختفى العام 1970 فجأة.. ولم يعثر على اثرٍ له.. وعلمتُ من شقيقه آنذاك إن الشرطة السرية ألقت القبض عليه.. وهو يصلي في جامع براثا.. وحدثني المعتقل عن يومياته في معتقل قصر النهاية.. الذي أمضى فيه ثلاث سنوات والسبع الباقية في معتقل آخر قائلاً: (في ليلة 13 رمضان العام 1970 استدعاني عبد الكريم الشيخلي وزير الخارجية للمثول أمامه في هيئة التحقيق.. وقد وجدته للمرة الأولى ودياً.. خلافاً لتصرفاته معي في أوقات سابقة.. وقد نهض من مكانه فتصورته سيجلس الى جانبي.. لكنه اخرج من ثلاجاته قنينة ويسكي وصبً كأساً وقدمه ليً.. فشكرته على ذلك معتذراً.. لكنه قال: اشرب.. قلتُ: أنا مسلم كما تعلم فأعذرني.. قال: وهل نحن كفار خذ واشرب.. قلتُ إن الله يمنعني من ذلك.. قال: وأنا أمركً على ذلك.. قلتُ معاذ الله أن أخالف آمر الله.. قال: إذا لم تشرب هذا فستشرب شيئاً آخر.. لكني أصريتُ على موقفي.. فنادى شخصاً يدعى صبحي.. وكان هذا من قساة هيئة التحقيق.. ومن مساعدي ناظم كزار.. وقد اعدم في العام 1973.. فقال له خذه وتبولوا في فمه.. فأخرجني الى باحة السجن.. واجتمع أربعة أشخاص ففتحوا فمي وأنا ملقى على الأرض وبالوا فيه.. فتقدم الوزير قائلاً : (يبدو إن هذا هو شرابكم المفضل).

ـ ويتحدث وليد الجنابي نقلاً عن حسن العلوي في كتابه (العراق دولة المنظمة السرية) : كان وليد الجنابي معلماً في إحدى المدارس الابتدائية.. ونقل بعد انقلاب تموز 1968 عضواً في لجنة لدعم منظمة فتح الفلسطينية مرتبطة بنقابة المعلمين العراقيين.. وفي أواخر العام 1970 نقل الجنابي الى الرباط في المملكة المغربية مديراً لمكتب وكالة الأنباء العراقية.. والتقى العلوي حيث كان آنذاك ملحقاً صحفياً في السفارة العراقية في المغرب.

ـ انتهت مهمتهما سويةً وعادا الى بغداد بسيارة العلوي في رحلة استغرقت أسبوعين.. تحدث خلالها الجنابي عن المهمات الخسيسة التي قام بها خلال التحقيق مع المعتقلين.. والتي كانت تطارده أشباحها كما يقول هو.. وقد روى واحدةً فقط من تلك المهمات حيث يقول الجنابي: (ابلغني مسؤولي الحزبي بقرار نقلي إلى هيئة التحقيق في معتقل قصر النهاية بداية العام 1969.. وقد أشرفتُ على عمليات التعذيب ضد شخصيات معروفة ومهمة.. من بينهم عبد الرحمن البزاز).

ـ يضيف الجنابي قائلاَ :دعيت بعد منتصف إحدى الليالي الى غرفة ناظم كزار في قصر النهاية.. وكان الى جانبه عدد من أعضاء قيادة البعث من بينهم صدام حسين وعبد الكريم الشيخلي.. وقد طلب مني ناظم كزار التوجه الى مستشفى التويثة (مستشفى التدرن الرئوي).. وجلب أربعة مرضى من المصابين بحالات ميئوس من شفائها.. وقد زودتُ بكتاب بهذا الخصوص.. وكان واجبي أن أنفذ وفق مبدأ (نفذ ثم ناقش).. وحينما جلبتُ المرضى في سيارة لاندروفر كنتُ أمد رأسي خارج النافذة.. وأنا أسوق السيارة بسرعة طائشة خوفاً أن تختلط أنفاسهم بأنفاسي.. حتى دخلتُ الى المعتقل.. وقد توضحت خطوط الفجر.. فوجئتُ بصف من الموقوفين معصوبي العيون.. وهم من القوميين العرب والبعثيين المنشقين (أي اليساريين من جماعة سوريا).

ـ فبدأ ناظم كزار يتحدث إليهم.. وكان صدام حسين ما زال في مكتبه في هذا المعتقل ينتظر خطوات تنفيذ العملية.. حيث قال لهم كزار: (إننا قررنا الإفراج عنكم.. فإذا تسرب شيء عن حياتكم هنا فستعودون إلينا حالاً وستتحملون مسؤولية ما يصيبكم من عقاب).. وأشار الى المرضى الأربعة بالتقدم.. وواصل حديثه الى الموقوفين بأنه سيودعهم بعد أن يفتح كل واحد فمه ليبصق الرفاق فيه).. وتقدم المرضى فنفذوا ما طلبه ناظم كزار.

ـ ويضيف الجنابي قائلاً: ورجعتُ بهم الى المستشفى.. وفي الطريق استفسرً احدهم مني عن سبب ذلك ؟.. فقلتُ أن الحزب قرر إرسالكم للخارج للمعالجة.. فقال صاحب السؤال : ولماذا إذن بصقنا في أفواههم ؟! فقلتُ لكي ننقل المرض من أجسام المواطنين الطيبين الى أجسام الخونة والجواسيس.. وانتم مواطنون فقراء لا يجوز أن تموتوا ليعيش هؤلاء الأثرياء أعداء الوطن.. ففرح الجميع.. وقالوا الله ينصركم).
واختتم الجنابي حديثه قائلاً: (إن فكرة جلب مرضى بالسل والبصق في أفواه المعتقلين هي من أفكار عبد الكريم الشيخلي.. فقد كان طالباً سابقاً في الكلية الطبية.. واستخدم معلوماته الطبية في قضايا من هذا القبيل).

ـ يا للخسة والوضاعة فبدلً أن يستخدم الشيخلي تلك المعلومات لخدمة الإنسانية.. استخدمها الشيخلي في أردأ الجرائم ضد المعتقلين !!

كراهية وحقد صدام على الشيخلي:

ـ يروي رعد الشيخلي (ابن خالة عبد الكريم الشيخلي) في جريدة المشرق البغدادية في 18 تشرين الثاني / نوفمبر 2016.. أسباب انقلاب صدام على رفيق دربه وصديقه عبد الكريم الشيخلي بالقول: إن الشيخلي قال مرة لصدام انه يريد أن يتزوج.. فعرض صدام عليه إحدى أخواته (غير الشقيقات.. إحدى بنات إبراهيم الحسن) ليقترن بها.. لكن الشيخلي رفض العرض.. وقال له ساخراً: (صدوك تكول.. كيف أتزوج أمية ؟ وأنا طبيب).

ـ كما كان في نفس الوقت يلمح له من قبل احمد حسن البكر.. رئيس الجمهورية وقتها.. بأن يتأهل وزير الخارجية من إحدى بناته.. ولأنه لم يرد أن يقع بين المطرقة والسندان.. تزوج بزوجة من اختياره.

ـ في نفس أسبوع زواجه.. اعفي من المنصب وطرد خارج العراق.

صدام في مرآة الشيخلي:

يتحدث رعد الشيخلي.. الى جريدة المشرق (نفس المصدر اعلاه) قائلاً: (كنتُ احد مرافقي ابن خالتي قبل أن أتحول الى احد الأجهزة الأمنية.. وكنتُ أرافق خالتي (أم كريم) لزيارة ابنها (عبد الكريم الشيخلي) في السجن.. وكان صدام معه في السجن.. وكنا في كل مرة نزور فيها كريم نجد صدام بانتظار أن يزوره احد أقاربه.. فلا نجد واحداً من أقاربه أو عائلته يزوره في السجن.. وكان صدام يرتدي روبه في كل مرة نزورهما.. وكنتُ أشاهده جالساً مطرق الرأس.. وعينيه الى الأرض.. وسحابة من الحزن تغشي عينيه.

ـ في إحدى المرات طلب من خالتي (أم كريم) بلهجة فيها كثير من الشفقة: (خالة بلكت بالمرة الجاية تجيبولي تمن احمر وشوية دجاج) !!.. ويذكر رعد قائلاً: (كان الدجاج في تلك الأيام ثميناً.. وان صدام قالها باستحياء)!!.

ـ وفي إحدى زياراتنا للسجن وضع صدام منشوراً للحزب في أسفل ماعون الطرشي في السفرطاس الخاص بنا.. وما قالتهُ زوجته فيما بعد للإعلام.. بعد أن أصبحت السيدة الأولى.. إنها كانت تزور صدام مع رضيعها عدي في السجن.. وفي إحدى المرات دس صدام منشوراً للحزب في لفافة الصغير عدي.. هذه الواقعة غير صحيحة.. لأنني في كل مرة كنتٌ اصحب خالتي أم كريم الى السجن لزيارة ابنها كريم.. لا نجد أحداً من عائلة صدام أو أقاربه يزوره في السجن.. حتى زوجته لم نكن نراها تزوره.. فكيف تسنى له أن يضع منشوراً للحزب في لفافة عدي ؟!!

ـ لقد زوروا التاريخ بعد أن سيطر صدام على الدولة والحزب.. ونسبً له جميع بطولات عملية اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم العام 1959.. بينما تشهد محاكمات المهداوي إن اغلب الجلسات واعترافات المتهمين تؤكد إن كريم الشيخلي كان عقل العملية.. وهو الذي دربً الرفاق على استخدام السلاح.. وهو الذي قادهم في شارع الرشيد.. إلا إن صدام قلب الحقائق رأساً على عقب لمصلحته.. كما يؤكد ابن خالة كريم الشيخلي.

بداية النهاية:

ـ يقول القيادي ألبعثي اللبناني جهاد كرم: عندما أصبح كريم الشيخلي وزيراً للخارجية انسجم مع منصبه.. وتوالت الأحداث وتتابعت ولم يسمع بأن عبد الكريم الشيخلي كان متناقضاً مع رفاقه.. باستثناء همسات بدأت تعلوا وتشكل إشاعات بأنه يتصرف تجاه رفاقه والموظفين في الخارجية وبعثات العراق في الخارج بفوقية واستعلاء.. حيث قال احدهم عنه انه وزير بلاط سان جيمس.. وليس العراق) ويضيف كرم: (ومن دون مقدمات صدر قرار بإعفائه من عضوية مجلس قيادة الثورة وكوزير خارجية أيضاً.. وتم تعيينه مندوباً دائماً للعراق في الأمم المتحدة في أواخر أيلول العام 1971.. وباشر الشيخلي بعمله الجديد.. وكان على وفاق تام مع صدام.. ولم يتوان عن تنفيذ كل طلباته.. وكان صدام يحقق له أيضاً كل رغباته الشخصية والمالية ولم يبخل عليه بالمال).

ـ لقد نجح صدام بالتخلص من عبد الكريم الشيخلي في خطوته الأولى عندما نقله مندوباً للعراق في الأمم المتحدة.. مثلما تخلص من منافس ثاني له هو الفريق صالح مهدي عماش فقد تم عزله من منصب نائب رئيس الجمهورية وعضوية مجلس قيادة الثورة وتعيينه سفيراً.

ـ لم يستطع صدام كبت نصره وفرحته بالتخلص من هذين الرجلين اللذين اسبق منه في الحزب.. ولهما علاقات واسعة فأقام حفلة عشاء فخمة في مطعم الفاروق في منطقة الحارثية مجاور معرض بغداد.. وهذا المطعم كان مخصصاً لقيادة الدولة والحزب والمخابرات.. فقد دعا صدام عدداً من أعضاء القيادة القطرية.. وطبعاً حضرها الشيخلي وخطيبته (زوجته فيما بعد).. كذلك حضرت الحفل زوجة عماش.. ولم تحضر الحفل زوجة صدام.

ـ كان عبد الكريم الشيخلي ينفذ للبكر وصدام كل رغباتهما حتى انه استطاع بعد مقتل حردان التكريتي في الكويت أن يستقل طائرة خاصة فوراً الى الكويت.. ويُهرب قتلة التكريتي الى بغداد !!.. وفي شهر شباط العام 1978على وجه التحديد استدعيً الى مؤتمر السفراء العراقيين في الخارج.. الذي كان يعقد دوريا.. وخلال وجود الشيخلي في المؤتمر طلب للتحقيق في المخابرات العامة.. ووجهت إليه تهم تتعلق بالتشهير بالرئيس احمد حسن البكر ونائبه (صدام).. وحكم عليه بالحبس خمس سنوات قضى سنتين.. ثم صدر العفو على أساس تعهده بعدم أي نشاط الحزبي أو رسمي.

صدام يتحدث عن الشيخلي:

ـ في حديث لصدام مع الكوادر البعثية السورية في كانون الثاني العام 1993 (نقلا عن كراس البعث وروح الأسرة الواحدة ) يقول صدام: (إن الشيخلي خلال وجودنا في مصر 1960 ـ 1963 كان مسؤولا عن فروع الحزب في مصر والمغرب العربي.. لكنه كان (أي الشيخلي) كان كسولاً.. نزقا.. قليل الانتباه للعمل الحزبي.. وكان نواماً.. لا يلتقي بالرفاق.. وكنتُ (أي صدام) أدير اجتماعات الرفاق من دون تكليف.

ـ وعند عودتنا الى العراق بعد انقلاب شباط 1963.. واعتقلنا بعد الخامس من أيلول 1964 من قبل السلطات العراقية.. انهارً الشيخلي.. وكان الحزبيون يعرفون حالة الضعف في التحقيق التي وصلها عبد الكريم الشيخلي.. وهو على ما هو عليه.. كان أمين سر الحزب كفراً لا يمكن أن يغتفر).

ـ ويضيف صدام قائلاً: (كان بعض الحزبيين في طبيعتهم.. طبيعة بنائهم شرسين.. كانوا يتمنون قتله.. ولكنهم تفاجئوا.. عندما يرون أنني اخترت عبد الكريم الشيخلي معي في الزنزانة.. من اجل أن ارفع معنوياته.. لقد تحملنا عبد الكريم الشيخلي وبنيناه.. لكي يكون موقفه صلباً في التحقيق وفي المحكمة.. وليظهر كما ينبغي أن يظهر.. أمين سر الحزب أمام الناس.. وليس أمام الحزبيين وحدهم!!).

ـ لكن ذلك لم يمنع أن اختاروه بعد انقلاب العام 1968 وزيراً للخارجية .. وبهذا الصدد يقول صدام في ذات الحديث: (مع ذلك فإن الشيخلي.. وهو وزير الخارجية استمر مهملاً.. حيث لم يكن يباشر واجباته الرسمية إلا عند الظهيرة.. وكنتُ التقي به دائماً.. وبرفيق آخر رحمه الله لأحاول تصحيح أوضاعهما ومسارهما ولأحثهما على تجاوز أخطائهما.. وعندما لم يجد ذلك نفعاً).. قلتُ له : (لقد حملتك على أكتافي سنين طويلة.. وتحملتُ أخطائك كثيراً.. مع ذلك فان التحمل لم يجد نفعاً).

ـ لكنني أنا هادي حسن عليوي كباحث وكاتب هذه الدراسة استغرب: (لماذا لم يجري مثل هذا الحديث في حياة الشيخلي.. بل بعد موته بإحدى عشرة سنة) !!

اغتياله:

ـ في 8 نيسان / أبريل / 1980.. وعندما كان الشيخلي ذاهباً الى مركز دفع أجور الماء في منطقة الاعظمية ليدفع أجور ماء ببيته في الاعظمية وكان معه في السيارة بينما زوجته وأحد أطفاله.. حين تقدم عليه احد عناصر المخابرات وهو يهم بفتح باب سيارته وسلم عليه.. وما ان التفت الشيخلي على الذي سلّم عليه حتى اطلق عليه عدة رصاصات من مسدسه فارداه قتيلاً في الحال.

ـ اعترف سبعاوي إبراهيم الأخ غير الشقيق لصدام للمحققين الأمريكيين بعد اعتقاله في تاريخ 27 شباط 2005.. وجلبه من سورية انه كان مكلفاً باغتيال عبد الكريم الشيخلي.. ونفذ عملية الاغتيال).. حيث يقول: (فتحتُ عليه النيران وقتل على الفور أمام الناس واستغرابهم).

ـ ثم هربً ليستقل سيارة فوكس واكن التي كانت تنتظره.. لكن سائق السيارة ارتبكً.. وانطلق قبل صعود القاتل.. الذي تمكن من اللحاق بها وتشبث ببابها أمام أنظار الناس.. وهو يرتدي (غترة وعقال).. واستطاع المواطنون من تسجيل رقم لوحة السيارة.. الذي اتضح فيما بعد إن رقمها الأمامي يختلف عن رقمها الخلفي.

ـ ويذكر القيادي في البعث جهاد كرم تقارير إن كريم الشيخلي قد عرض التعاون مع احمد حسن البكر الذي خرج من رئاسة الدولة في تموز العام 1979.. ويعلق كرم على هذه الجريمة: (انه لأمر مذهل ومستهجن وموجع أن تنتهي العلاقة بين صدام وكريم الى هذا الحد.. فقد كانا شخصاً واحداً منذ أيام اللجوء في القاهرة مروراً باللجنة القيادية بعد 18 تشرين الثاني 1963.. والإعداد للثورة.. فضلاً عن الاحتضان الذي مارسه صدام تجاه كريم.. لعدم إعفاء الأخير من مسؤوليته.. والعلاقات الحميمة التي ظلت بينهما.. فعائلة صدام كانت ضيفة على زوجة كريم عند زيارتها نيويورك).

ـ ويضيف كرم قائلاً: (لا مال ولا سلطة يبرران ذلك.. فهل الجهل وعدم الخبرة.. أم العادات القبلية.. أم لعنة الأقدار).. ويضيف كرم قائلاً : (وإذا كان غير الجائز إطلاقاً قتل (كريم).. فإنه من المفروض أيضا أن لا يتآمر (كريم) ضد صدام.. إذ عامله بهذا التمييز والكرم).. لكن الحقائق والأحداث تؤكد إن مسيرة الجريمة استمرت في تصفية صدام لمنافسيه.. وحتى تصفية أبناء الشعب البسطاء !
________________________

ـ الصورة الاولى: حسن العامري.. عبد الكريم الشيخلي.. وصدام حسين في السجن العام 1964.

ـ الصورة الثانية: حردان التكريتي.. شفيق الكمالي.. عبد الكريم الشيخلي.. من مطار المثنى.