22 ديسمبر، 2024 8:44 م

جاء في البند الثالث عشر من قانون الادعاء العام الذي صوت عليه مجلس النواب العراقي في الفترة القريبة الماضية الأتي : ( تأسيس مكاتب للإدعاء العام في الوزارات و الهيئات المستقلة ) ، أي أن القانون الجديد سيفرض على هيئة الإدعاء العام أن تفتتح لها مكاتب في كل الوزارات و الهيئات المستقلة ، للقيام بدورها من هناك ، و حتما أن المشرع يستهدف من ذلك السعي لإتاحة جهة للمواطنين بأن يطالبوا بحقهم عندها ، و الذي يتموضع على الأغلب بالجنبة المالية ( قضايا الرشاوى و الفساد المالي ) ، و ستكون هذه المكاتب إلى جنب مكاتب ( المفتشين العموميين المعمول بها أصلا ، و كذلك سيكون معهم الفرق التابعة لهيئة النزاهة ، خاصة إذا ما علمنا أن الأخيرة و منذ فترة ليست بالطويلة تقوم بتشكيل فرق منها للبحث في قضايا الفساد في الوزارات و الهيئات المستقلة ، و مع هؤلاء سيكون هنالك و من خلفهم المؤسسة العتيدة ديوان الرقابة المالية .
فلنترك الكلف المادية لافتتاح هذه المكاتب بشريا و لوجستيا ، أقصد مكاتب الإدعاء العام التي يريدها المشرع في قانونه ، و لنسأل ماذا يعني أن نقترح جهة و وعمل لجهات موجودة و عاملة أصلاً ! و أي خلق لتضارب هذا !؟ و أي فوضى و عبث في تكويم جهات لدور لا يرتبط أصلا بهذه الجهات ، هذا النص يعبر جليا عن العجز الحاصل في محاربة الفساد في الوزارات و الهيئات المستقلة ، و تعبير عن فشل كل الحلول الموضوعة على مدى السنين السابقة ، فلا هيئة النزاهة و لا مكاتب المفتشين العموميين استطاعوا أن يحدوا و ليس يقضوا على هول الفساد الذي يضرب بمؤسسات الدولة ، بل أن هذا الفساد لن تستطيع أي جهة لا مكاتب ادعاء عام و لا غيرها أن تقضي عليه ، لأنه ببساطة جزء من معادلة أكبر من أي فرد ينتمي لأي جهة معنية بهذا الأمر ، الفاسدون في العراق ليسوا جماعة من المرتشين الذين لا تعرف هيئة النزاهة إلا الوصول لأمثالهم ، بل هم منظومة يمتلك أفرادها قدرة تفوق قدرة كل المؤسسات التي من المفترض أن تكشفهم و تقدمهم للعدالة .
و نريد أن نسأل اللجنة القانونية النيابية أو من وضع هذا البند في قانون الادعاء العام ، هل أن فتح هذه المكاتب سيكون بديلا عن الجهات الأخرى ؟ أي هل هنالك ستراتيجية جديدة بمعنى بناء تحالف من الادعاء العام و الرقابة المالية من أجل القضاء على الفساد و إلغاء الجهات الأخرى التي أثبتت عجزها عن القيام بشيء يستحق تكاليفها و ما أوجدته من مشكلات ، أم أن هذه المكاتب يراد منها ما أريد المفتشين العموميين ، حيث توضع هذه المكاتب على مائدة توزيع المغانم التي تبدأ بـ الوزارات و لا تنتهي بمكاتب المفتشين العموميين ؟