الأمة تعاني من إنكسارات علمية متلاحقة وعجز عن المساهمة العلمية في الحضارة المعاصرة.
فلا يوجد في أسواق الدنيا ماركة عربية متميزة ولا مبتكرات ومخترعات.
وهذه الإنكسارات العلمية ترتب عليها متوالية هندسية من الإندحارات المتواصلة في ميادين الحياة كافة.
فالإنكسار العلمي المرير دفع بالعقول للإندفان في رمال الماضيات وأوحال الغاديات ومستنقعات الغابرات , وكأن الوجود العربي بأسره يهرب من مواجهة نفسه والتفاعل مع التحديات والإندساس في الماضي , وعدم الإكتراث بالحاضر والمستقبل لشدة العجز وطغيان الإستكانة والتبعية والخنوع.
فما هي منتوجات العرب التي يصدرونها لدول العالم؟
إنهم لا يملكون سوى النفط الذي يحترقون به ويتمزقون , ولا عندهم من الأفكار سوى نبش القبور والمجلدات وعدم فهمها , والخروج منها بأوبئة فكرية تحصد منهم ما لا يتمكن أي عدو غيرهم أن يفعله بهم.
فلا يمتلكون غيراللغو والتهريج والصياح الذي يفتك بهم , ويتمذهبون ويتحزبون ويكفّرون بعضهم بعضا ويحللون دماءهم.
وينقضون على وجودهم بوحشية سافرة ما عرفتها الشعوب من قبلهم , ويهرجون بالدين وما عرفوا من دينهم إلا إسمه ولا فهموا من كتابهم إلا رسمه , وعلتهم أنهم يتوهمون المعرفة.
وينتجون الفقر والفساد والتهجير والترويع والإستحواذ على ممتلكات وحقوق بعضهم البعض.
فما أسعد أعداء العرب , بالعرب الذين أنجزوا أهدافهم وأكثر , وصاروا من الفتاكين بما يمت بصلة إليهم وما يدل على هويتهم.
ولن يخرج العرب من العواصف الإنكسارية إلا بالوعي العلمي والمنهج العلمي والإيمان بالعقل العلمي , بعيدا عن الرواسخ والثوابت والتابوات وغيرها من المانعات المتنوعات , المقيدات لحرية التفكير والتعبير والتقريب إلى آفاق المستقبل وأرجاء الحياة.
فالبشر المنكسر علميا لا يمكنه المواكبة في عصر تنتصر فيه العلوم وتتصدر مشاهد الحياة!!
فهل من وثبة معرفية معاصرة , وثورة بحوث علمية تعيد للعقول رشدها وتقدح أنوارها؟!!