في توجيه صادر عن وزير الثقافة الاتحادي (فرياد راوندوزي)اعتبر عام 2015 عاما للقراءة ،لتكون المحور الاساس لعمل الوزارة من دون اغفال المحاور الاخرى، حسبما جاء في الخبر المنشور صحفيا.وقبل مناقشة توجيه الوزير والمثقف راوندوزي ، من المفيد الولوج الى عام القراءة عامة،والى مساحتها في البلدان العربية خاصة.بداية نشير الى تلازم فعاليتين انسانيتين مهمتين هما (الكتابة والقراءة) ويعرف الباحث الآثاري السوري عدنان البني فعالية (الكتابة)بأنها القبض على الكلام المنطوق وتجميده ،حسنا (جمدنا) الكلام المنطوق ،ولكن لماذا نفعل ذلك ،والى متى نبقي الكلام مجمدا؟وفي الاجابة نقول:نبقيه (مجمداً) او صامتاً الى حين الحاجة اليه ،هنا تدخل فعالية (القراءة).وفي كتابه الذي حمل عنوان (الجمر والرماد) ،ينقل المفكر الفلسطيني هشام شرابي قولا منسوبا للفيلسوف الالماني (نيتشه) ونص القول: القراءة فن المضغ الذي لاتجيده سوى البقرة.
ماذا قصد الفيلسوف الالماني ،بهذا القول ؟
استنتج من قوله وآمل ان لا ابتعد عن الصواب أن القراءة ،فعل انساني مقترن بالجهد والعناء وان ممارستها تمر بمرحلتين:
الاولى :وسميتها التلقي السريع.
الثانية: تأتي لاحقا،وفيها يستدعي القارئ ما تلقاه من مستودعات الذاكرة ،ويخضعه لعملية مضغ جديدة.
تعريف
ومن المفيد هنا ان نعرف القراءة فنقول : انها نشاط انساني ايجابي يهدف الى تنمية العقل واكتساب المزيد من المعرفة والمعلومات من خلال الكلمة المكتوية وهي بذلك جزء مهم من حياة الانسان.وهنا سنتجاوز تساؤلا من نوع : لماذا نقرأ؟الى تساؤل من نوع : كيف نقرأ،وفي الاجابة نقول:لكي تكون القراءة مثمرة ،لابد قبل بداية قراءة الكتاب،من معرفته من جوانب متعددة وهي:
1 معرفة هوية الكتاب، والفن المعرفي الذي ينتمي اليه.
2 معرفة مناسبة الكتاب للقارئ
3 التدرج في قراءة الكتب.
4 معرفة مؤلف الكتاب
ان هذه الجوانب الاربعة،تندرج في ما يمكن ان نسميه (عملية الاقتراب من الكتاب ) والتعرف عليه : مضمونا ومؤلفا وناشرا.
هل القراءة بخير؟
في كتابه الذي حمل عنوان( كيف تقرأ كتابا)، يقول الباحث (م. آدلر) : ان الذي يقرا كثيرا ولكن ليس بشكل جيد،يستحق الاشفاق اكثر من ان يستحق المكأفاة.لذلك ان قرأت كتبا عديدة كما يفعل اكثر الناس، فأني سأكون قليل الذكاء مثلهم ،ان عظماء الكتاب كانوا دائما قراء عظماء ،ولكتن لايعني ذلك انهم قرأوا كل الكتب التي كانت مدرجة في ايامهم. وفي الاجابة على تساؤلنا الاخير (هل القراءة بخير؟)
نقول: ان هناك انطباعا نراه متجنيا ومبالغا فيه مفاده: ان عدد القراء في البلدان العربية في تراجع ، ويعزوا اصحاب هذا الانطباع ذلك الى غلاء اسعار الكتب ومنافسة الانترنيت والفضائيات وما نتج عنها من ازدهار ( ثقافة الاستماع) والى ان المواطن يعيش تحت ضغط الهموم المعاشية اليومية، ومضى بعض المتعسفين الى القول :/ ان العربي يقرأ (6) ستة دقائق في السنة وبالتالي : نصف دقيقة في الشهر ، أي ثانية باليوم!! لكن العدد الكبير من دور النشر العربية ، وتعدد الاصدارات سنويا ، واقامة معارض الكتب، والاقبال الكبير على زيارتها ان ذلك هو بعض الادلة المهمة على شيوع فعالية القراءة.
نعم ولكن!؟
وفي العودة لتوجيه الوزير والمثقف راوندوزي ،نقول : نعم ..ولكن ، نعم لان ذلك يعكس اهتماما في الثقافة عامة،والقراءة كأحد وسائلها خاصة،ولكن القراءة هي حالة دائمة تبتعد عن التوقيتات الزمنية ،ولكي يكون هذا العام ،وبقية الاعوام ،عاما للقراءة فان المطلوب : دعم نشر الكتاب،طباعة وتوزيعا،واخراج جهات النشر الحكومي (خاصة دار الشؤون الثقافية ) من شبكة (المؤسسات ذات التمويل الذاتي ) ، بل ودعمها ماليا.
ان النوايا الطيبة والاحلام لوحدها غير كافية ..فالسماء لا تمطر لاننا نريدها ان تمطر … والشمس لاتسرع حركتها ،لاننا نود ذلك … الارقام هي العامل المهم…
مع تقديرنا لزميلنا الصحفي والمثقف العراقي الكردي فرياد راوندوزي.