23 ديسمبر، 2024 12:13 ص

عالم السياسة ودلالات الافلام الروائية

عالم السياسة ودلالات الافلام الروائية

في الميدان السياسي و الاكاديمي على وجه التحديد وفي عالمنا العربي هناك العديد من مشتري الشهادات العليا ومزوروها يتحكمون في مفاصل الحياة ومصائر الناس وهم يتعكزون على هذه الديكورات التي اشتروها او زوروها . وحقيقة الامر انهم غير كفؤين ولا يستطيعون مجاراة اقرانهم عند الممارسة الفعلية فتراهم في ميدان الاختصاص يعتمدون كليا على اشخاص ادنى منهم في المنصب وليس ادنى في الشهادة او ادنى في الكفاءة في العمل ويكلفونهم للقيام بتنفيذ أعمال قذرة.
من بديهيات الامور ان لكل فلم من الافلام الروائية وخاصة الغربية منها رسالة يهدف الفلم الى ايصالها الى المتلقي. خطرت ببالي هذه الفكرة وانا اشاهد فلما عنوانه ( امسكوني اذا قدرتم)(Catch me if you can) من بطولة ليوناردو دي كابريو. تدور احداث الفلم حول نجاحات باهرة لمحتال ذكي وبارع في اكثر من ميدان في الميادين التي خاضها بفضل براعته في اساليب الاحتيال و تزوير شيكات قيمتها الملايين بالرغم من ملاحقته من قبل ال( أف. بي .آي ) وفشل الاخيرة في القاء القبض عليه ومن هنا جاءت تسمية الفلم الذي يمثل اكبر تحدي لأكبر وكالة من الوكالات الامنية في العالم والتي كان يقوم بدور مسؤولها في الفلم الممثل الامريكي القدير توم هانكس. بعد عدة نجاحات مسلية للمحتال وعدة اخفاقات من طرف أل(أف .بي. آي) تمكنت الوكالة في نهاية المطاف من القاء القبض على المحتال متلبسا بجرمه.
قدم للمحاكمة وحكم عليه بعدد من السنوات. ولكن يبدو ان الوكالة كانت بحاجة لبراعته . حيث ظهرت مشاكل كبيرة للوكالة في تلك الحقبة الزمنية اللاحقة تتمثل في عجزها عن كشف شيكات مزورة بملايين الدولارات يتداولها رجال الاعمال في طول البلاد وعرضها . فكر مسؤول ال(أف. بي. آي) في الامر واستقر الراي على الاستفادة من خبرة المحتال في كشف التزوير ولكن الامر يتطلب اولا اقناع المحتال في التعاون مع الوكالة ومن ثم اقناع القضاء في اطلاق سراح المحتال……… وبعد جهود كبيرة تم اقناعه بالعمل مع الوكالة واقناع السلطات بضرورة اطلاق سراح المحتال للمساعدة في حل مشاكل الامة وقام المحتال بالمهمة التي انيطت اليه ببراعة كما توقعت الوكالة.
ما اراد العمل (الفلم) ايصاله الى المتلقي الامور الاتية
* الحياة تجعل المحتال يتقن فنون كثيرة تضمن مستقبله في مجتمعه اذا شاءت الاقدار
* في حياتنا العملية هناك العديد ممن يتقلدون مناصب عليا وهم كانوا اصلا من ابرع المحتالين والغشاشين والكذابين والمزورين وهم الان وراء القضبان في السجون
* بالتأكيد هناك لا يزال بين افراد المجتمع اناس محتالون لم يتسنى كشفهم و القبض عليهم بعد او الاستفادة من خبراتهم اذا تطلب الامر
* حتى في ارقى المجتمعات الاحتيال يكافئ في ظروف استثنائية قد تستهدف خدمة المجتمع
اما احتيالنا في الشرق فيختلف عن احتيالهم. الكثير من المحتالين في الامم الاخرى يتسمون بالذكاء واتقان صناعة النجاح في مجالات تقع خارج اختصاصاتهم وهم بعيدين كل البعد منها اما بعض محتالين في بلداننا فيتسمون بالبلادة والغباء والانانية. فترى البرلماني او السياسي او “الاكاديمي “العربي ان جاز التعبير العربي يشتري الشهادة العليا كديكور يزين بها اسمه واسم عائلته بشكل مفضوح ويكسب المال الحرام مخالفا لدينه وتقاليد مجتمعه وسرعان ما ينكشف امره ولا حتى يستفاد من فرصة احتياله وبالتأكيد ينطبق علية المثل العربي المعروف “حبل الكذب قصير”
اما في المجال الاكاديمي فاحد امضى اسلحة المحتالين هو الشهادة المزورة . ان الشهادة الاكاديمية ليست اسما لا يتطابق مع قدرات حاملها . واذا فهمت على اساس عدم ضرورة التطابق عندها تصبح زينة عديمة الفائدة وغير مؤثرة ولكنها بديعة تجعل المرء والجهلاء من القوم يفتخرون بها. وعلى هذا الاساس الفائدة الوحيدة منها انها تجلس حاملها على كرسي التسلطن. انها لا شيء ان لم تكن ترخيص يحدد درجة قدرة المرء في الابحار في حقل معرفي واحد وواضح المعالم.