23 ديسمبر، 2024 10:54 ص

عالم البحار والمواقع الإباحية

عالم البحار والمواقع الإباحية

من القوانين التي أثارت دهشتي وجعلتني متحيرا كثيرا هو أقدام البرلمان العراقي وفي جلسته الاعتيادية مؤخرا التصويت على قانون منع وحجب المواقع الإباحية من على مواقع الانترنت في العراق والذي يعد انجاز ثان للبرلمان العراقي بعد انجازه الاول قانون منع التدخين في الاماكن العامة وقانون عالم البحار والتي صوت عليها في الدورة البرلمانية السابقة لأنها تمس الحياة اليومية والمعيشية للمواطن العراقي . فيا للسخرية نعم انها سخرية لم يسمع بها من قبل ؟

عندما يقدم برلمان كبير ومنتخب من قبل الشعب على التصويت بمثل هكذا قوانين كان عليه لزاما ان يتطرق للأسباب الموجبة التي اخذت المواقع الاباحية تنتشر بسرعة النار في الهشيم وخاصة المتصفحين من طبقة الشباب ويحاول ان يجد الحلول المنطقية لهذه الاسباب وأنا هنا بكل تأكيد اتكلم ليس دفاعا عن هذه المواقع او رفضا لهذا القانون بل ان هنالك مسالة مهمة وحيوية وصميمية وهي ان الاسباب الفعلية التي بدا الشباب بالتوجه اليها من قبيل مشاهدة هذه المواقع او محاولة ايجاد وسائل ترفيهية اخرى بغض النظر عن حليتها وحرمتها اضافة الى مسالة الهجرة بين شريحة مهمة من شرائح المجتمع العراقي وهي شريحة الشباب لم تجد لها حلول لحد هذه اللحظة فلم يقدم البرلمان ولا الحكومة المركزية على النظر في معاناة الشباب ومن كلا الجنسين .

ولو تمعنا جيدا في الحديث الوارد عن الرسول الكريم محمد ” صلى الله عليه واله وسلم ” والذي يقول فيه ( يا معشر الشباب ان امتلكتم المال فتزوجوا ) وهنا الرسول الكريم يوجب الزواج على الشباب لكن بوجود الشرط الرئيسي والمهم وهو المال واستطاعة الشاب للزواج كما انه صلى الله عليه واله وسلم يضع حد لمعاناة وتهور مستقبلي يمكن ان يقوم به الشباب في حال وصولهم الى مستوى الفقر والعجز وهذا مانراه في واقعنا المعاصر واعتقد انه سبب رئيسي في التوجه الى مشاهدة ومتابعة المواقع الغير أخلاقية وبالتالي فيجب أن يهيأ للشباب كل وسائل العيش الرغيد والحياة الكريمة لكي يبتعد عن ما حرم الله سبحانه وتعالى .

فأين برلماننا من هذا الحديث الكريم وهو حديث له أهميته في وضع حلول منطقية لمعاناة وحالة شبابنا العراقي .

علما أن اغلب البرلمانيون هم من الإسلاميين مما يحتم عليهم النظر برويه وتأني في اي قوانين معدة للتصويت ؟ فبدل من ان يقوم بالتصويت على هكذا قانون كان عليه ان يعد بدائل متاحة ومدروسة مثل مشروع قانون تشغيل العاطلين وفتح باب التعيينات او صرف رواتب تليق بشبابنا الى حين توفر فرص عمل لهم ليكونوا قادرين على تكفل القيام ببناء عش الزوجية او تخصيص منحة للشباب المقدمين على الزواج وبهذا يكون البرلمان قد وجد حل لأحد الاسباب الجوهرية لانتشار هذه المواقع ؟

كما اننا وعلى مدى السنين السابقة واللاحقة لم نرى او نسمع بان البرلمان قد صوت على قوانين تمس الحياة المعيشية للفرد العراقي بصورة عامة وللشاب بصورة خاصة ابتدءا من قانون عالم البحار المضحك ؟ ومنع التدخين في الأماكن العامة ؟ وهذا أيضا لم يطبق وهي قوانين بائسة وتافهة لاترقى لمستوى ثقافات الشعوب وتطورها في كل المجالات وعدم محاولة وضع الحلول المنطقية لانتكاسة الاقتصاد العراقي وتدهوره بهذا الشكل الفظيع ؟ وأين البرلمان المؤقر من غلاء المعيشة وارتفاع اسعار المواد الغذائية وغيرها في الاسواق وأين البرلمان من ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وأين البرلمان من ارتفاع نسبة الطلاق والأمور الاجتماعية الاخرى وأين البرلمان من النزاعات العشائرية وأين البرلمان من تبذير الثروات والمشاريع الوهمية والغير منطقية وأين البرلمان من طلاب الكليات والمعاهد وهم من الشباب والذين يعانون من قلة المصاريف والموارد المالية وهم يسكنون في الاقسام الداخلية بعيدا عن محافظاتهم وأين البرلمان من الوضع الامني السيئ وأين البرلمان من دعوات المرجعية بضرورة ان يعطى كل فرد عراقي قطعة ارض سكنية ويدعم بالمال لغرض بناءها فتكون مكان سكني يليق به وبعائلته وصرف استحقاقاته من البترودولار وأين البرلمان من رواتب شبكة الرعاية الاجتماعية الهزيلة ؟ وأين البرلمان من سلم الرواتب وتحقيق العدالة الاجتماعية بين موظفي الدولة وأين البرلمان من محاسبة سراق البلد والذي تسببوا في ما يمر به العراق من كوارث انسانية وأمنية واقتصادية وأين البرلمان من الروتين الاداري القاتل في دوائر الدولة والذي يثقل كاهل المواطن البسيط ويدخله في دوامة كبيرة وأين البرلمان من عمالة الاطفال وانتشارها الكبير وأين البرلمان من شحه المياه وانعدام الزراعة وأين البرلمان من التلوث البيئي وانتشار النفايات في الطرق العامة والإحياء السكنية وأين البرلمان من القوانين العمالية والاجتماعية والحياتية والتربوية وغيرها وأين البرلمان من العدالة القانونية والملضومين في غياهب السجون والمعتقلات ذنبهم الوحيد انهم قاموا المحتل الكافر وأين البرلمان من تسلط ازلام البعث الفاشي وإرجاعهم الى دوائرهم

بحجة المصالحة الوطنية وأين وأين ؟؟ تساؤلات كان الاجدر بالبرلمان الرد عليها وبقوانين رصينة ومفيدة وفعالة ؟؟.

ان برلماننا اصبح لا يميز بين الصالح والطالح ولا يستمع ولا يناقش ولا يتحقق من ما يصوت عليه اعتقد جازما انه يصوت على قوانين تكتب وتوضع على طاولته بين ليلة وضحاها ويعده انجازا له يتغنى به في الاعلام ولا يعلم انه بهذه القوانين يزيد الطين بله كما يقال لان الشعب بدأ لا يطيق مثل هكذا تفاهات وقوانين بائسة لا تجد حل لمعاناته؟

وهل ان منع الشيء هو الحل الجذري والمناسب والكل يعلم ان كل ممنوع مرغوب كما قيل من قبل ومع التطور في البرامج لا يمنع او يحجب شيء حسب مختصين .

وفي الختام نتمنى على البرلمان العراقي ان يراجع حساباته وقوانينه التي صوت عليها والتي لم يستشف المواطن اي خير او فائدة منها تذكر وان يقوم بطرح قوانين مهمة ويصوت عليها تساعد الفرد العراقي والشباب المسكين من ان يكون عائلة محترمة وان يعيش عيشة كريمة وهي من حقه في بلد يعتبر من اغنى بلدان المنطقة والعالم بأسره .

حفظت شيئا

وغابت عنك اشياء.