تشير القراءات و المعطيات الى ان رحى حرب ” عاصفة خليج جديدة” بدأت الدوران على أرض العراق من خلال وصول قوات وعقد مناضد حرب متقدمة جدا، اضافة الى نشر أسلحة ثقيلة و استعدادات لغطاء جوي واسع ، وذلك ضمن سيناريو أمريكي محسوب الخطوات و الثمن ايضا، بداية الغيث فيه ” تسريب” داعش باتصال لاسلكي الى سوريا بنفس طريقة دخولهم العراق منتصف حزيران 2014،و تكليفهم بمعركة مصير ضد الروس في استنساخ دقيق لمعارك أفغانستان.
ويبدو أن الادارة الأمريكية حزمت أمرها لمعركة تحرير الرمادي، التي سيكون عنصر الاستخبار فيها اشد ايلاما من القصف الثقيل، لأنه من المتوقع عدم حصول مواجهة مباشرة مع مسلحي داعش وفق ترتيبات لا تختلف عن معركتي تكريت وبيجي ، بعد انتفاء الحاجة لدور داعش في العراق، ليس من باب التخوين لكن التقاء المصالح، بحيث يكون الهدف الأسمى منع الروس من التمدد في المنطقة، ليكون تحرير الرمادي بداية في تأمين جبهة مواجهة واسعة ضد اي مناورة روسية أو ايرانية، لذلك نلحظ “توقف واضح “بعمليات الحشد الشعبي في الضفة الشرقية، فهناك على ما يبدو خطوط حمراء جديدة لا علاقة لها بسيل تصريحات الرفض للتحرك الأمريكي، فبمجرد متابعة الحركة” العنكبوتية” للسفير جونز يتحسس المرء نهاية هدوء عاصفة التسامح السياسي و العسكري، حيث يشرف الرجل على تفاصيل الأمور في الميدان.
ولا يبدو عقلانيا القول بان واشنطن تتحرك من أجل ” سواد عيون العراقيين” فهي تدافع عن مصالح قومية لا مجال لاعادة التذكير بها، لكن الأهم تريد ادارة أوباما تحقيق نصر ´ساحق” على داعش وبما يسحب من تحت أقدام الجمهوريين ورقة ضغط شعبية كبيرة قبيل موعد الانتخابات الرئاسية، ما سيعيد العراق الى واجهة الأهتمام الأمريكي بشكل غير مسبوق.
ولن تمر العاصفة بغطاء عسكري فقط فهناك خارطة تغييرات سياسية في العراق على مستويات رفيعة جدا، حيث تجرى خلف الكواليس مشاورات و تبرم تحالفات لا تستثني حتى صقور حرب قديمة، فما يهم الادارة الأمريكية استعادة الثقة في العراق و تقليم الأظافر الايرانية و الروسية، و الأهم عودة الروح الى مشروعها السياسي، الذي قال لي سفير أمريكي انه ” تركيا جديدة في الشرق الأوسط”.
الغريب في الأمر أن عناوينا سياسية كبيرة سيتم عزلها بهدوء تام بسبب خروجها عن دائرة الثقة الأمريكية من خلال لعب أدوار خارج الاتفاقات، وهي مشكلة خطيرة في قراءة سياسيي العراق للاحداث و المتغيرات من زاوية ضيقة جدا، ، بينما أتذكر أن
مسؤولا أمنيا عراقيا قد عاقب مديرية كاملة في جهازه، لأنها لم تتابع تقرير في مجلة باريسية تحت عنوان” الأتراك قادمون” تحدث عن حرب مياه مؤجلة، فكم ستتغير سيناريوهات و تنهار عروش لأن البعض تعود الرقص على كل الحبال فخسر القريب قبل الغريب.
[email protected]