قلناها سابقا, ان الحرب التي تشنها السعودية بمعية عدد من الدول العربية والأجنبية, هي حرب ارادت منها السعودية أن تخرج بثوب المنتصر, بعد إنكسار هيبتها في المنطقة , بظهور قوة اقليمية حقيقية, لا يمكن لنظام القبيلة مواجهته أو التنافس معه, وهي الجمهورية الإسلامية الإيرانية (النووية ) الجديدة, بعد إتفاق لوزارن الذي ابرم مؤخرا بين الجمهورية, وبين دول 6+1.
تنصل الدول المشاركة في الحلف السعودي المشؤوم للإعتداء على اليمن, يعيد الى طاولة العلاقات الدولية, مفهوم فشل الحرب التقليدية النظامية, في التعاطي مع أي دولة, خاصة وأن آليات السياسة المعاصرة, أخذت تنحى بإتجاهات جديدة, جعلت من كل الدول أما أن تكون أعضاء في السلم, عبر تبني سياسة الحوار السياسي, وامتلاك آليات التفاوض الدبلوماسي؛ وإما أن تكون معادية للسلم العالمي, من خلال تبنيها المستمر لأدوات الحرب والسلاح في تعاطيها مع قضايا المنطقة.
السعودية ليست كإيران, ايران تملك أدوات دبلوماسية تفاوضية قوية, تمكنها من الجلوس مع أعدائها على طاولة واحدة, تفاوضهم, وتحاورهم, وتغنم منهم المكاسب التي ترتضيها؛ وفي نفس الوقت لها أدواتها العسكرية, التي تمكنها من الوقوف بوجه أي مشاريع أو مخططات تهدد أمنها الوجودي؛ السعودية لا تملك سوى لغة الدم والسلاح والقتل, كأدوات لتبيان مواقفها السياسية الدولية والإقليمية والداخلية, لأن فكرها السياسي بني أصلا على مفهوم الأخذ بالقوة!
السعودية بدأت في عد تنازلي, تتجه بعيدا عن مفهوم السياسة الدولية المعاصرة, أو أدوات هذه السياسة, والتي بدأت تميل نحو أدوات الدبلوماسية, ووسائل الضغط والحرب الباردة, على أدوات القتل والدم والموت والدمار؛ فكان انسحاب باكستان, وتردد تركيا, وتخاذل مصر, عن نصرة السعودية في حربها المشؤومة, كلها دلائل تشير وبوضوح, إلى أن الدول المنسحبة, لم يرق لها أن تخرج عن اطار العامل بأدوات الدبلوماسية الدولية المعاصرة.
بقيت السعودية لوحدها, وحفاظا على ماء الوجه, ومرة أخرى , تتدخل الولايات المتحدة, بدفع مجلس الأمن, لإصدار قرارات تصب في خدمة حربها الظالمة على اليمن, ومع ذلك حتى هذه القرارات, لم تكن بتلك القرارات التي ستفتح أبواب النصر للسعودية, وإمالة كفة ميزان الحرب في صالحها, لأن الأساس الذي قامت عليه هذه الحرب, هو أساس ضعيف واهي, لا يصلح أن يكون متكأً لحرب عادلة!
لا يهمنا أن تسقط السعودية أو تفشل في هذه الحرب, ما يهمنا هل أنها ستخجل من انكساراتها المتتالية؟ أم أن مفهوم الحياء منزوعٌ دوما من أجلاف الصحراء !
*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآديولوجيات السياسية المعاصرة.