ما يجري في اليمن حالة طبيعية لحالة التردي العربي التي اسبابها الرأيسية انانية الحكام العرب والشغف بالحكم والسلطة مقترناً بالتبعية لدول خارجية معتمدين الحاضر متجاهلين المستقبل . منذ انهيار الدولة العثمانية وتقسيم الامة العربية تتوالى عليها النكبات وابرزها نكبة فلسطين عام 48 , بعد تشكيل الجامعة العربية لم يتمكن حكام العرب على الاتفاق او تنفيذ ما يتفقون عليه , تأثرت المنطقة العربية بحالة الصراع العالمي في الحرب العالمية الثانية والصراع الشيوعي الرأسمالي بقياد الاتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة الاميركية , الصراع العربي الاسرائيلي أثر تأثير بالغ على عدد من الدول العربية وخاصة دول المواجهة مصر سوريا الاردن ولبنان , الانظمة التي اسستها بريطانيا معظمها ضل مرتبطاً بها وبوريثتها للأستعمار اميركا الى اليوم وفرنسا ايضاً لها دور بالغ وسلبي على العديد من الدول العربية متعاضداً مع التأثير البريطاني والاميركي . التغيّرات التي حصلت في الانظمة واصبحت خارج الهيمنة الاستعمارية لاقت الامرين من محاربة الدول الاستعمارية والحكومات العربية الواقعة تحت تأثيرها , الحكومات التي كانت تنادي بالوحدة والنضال من اجل تحرير فلسطين تعرضت لهذه الهجمات وحوربت من قبل الدول الاستعمارية واسرائيل سياسياً و اقتصادياً و عسكرياً بعض الانظمة المتحررة كانت تنادي بالوحدة , مما يثير هذا الموضوع الحكومات العربية وخاصة الملكية . ومن الجانب الآخر لم تستطع الدول المنادية بالوحدة ان تتحد , كان يمكن العمل الجاد وتطوير الاهداف والمبادئ التي انبثقت بموجبها الجامعة العربية ومن ابرزها التكامل الاقتصادي ووحدة الموقف السياسي والتعاون العسكري , لكن هذا لم يحدث كان من الممكن أن تكون حالة توحد الجميع كأنظمة ملكية وجمهورية نحو مصالح عامة تشمل الجميع . لكن بدل ذلك كانت حالة صراع وتناحر فيما بينها .
الدول الخليجية كانت في منأى عن الخسارة من ذلك لكنها كانت السبب فيه , الدول الخليجية لم تسعى لتسليح نفسها وبناء جيوشها كما هومطلوب كونها تعتمد على دول خارجية مرتبطة بها هذا من جانب والجانب الآخر لم تتعرض الى خطر داهم وقوي مثل بقية الدول العربية وخاصة دول المواجهة , من جانب آخر لا تريد زج شعوبها بحالات الصراع كي لاتثير نقمة شعوبها عليها وقد يؤدي ويشجع ذلك الخروج على طاعتها . مواقف الدول الملكية وخاصة الخليجية كانت ايجابية اعلامياً واحياناً مادياً .
لسد افواه حكومات الدول المتضررة وإقناع شعوبها بالدعم الذي تقدمه لهذه الدول عموماً هذه الحكومات كان ويكون هدفها الاول والاخير الحفاض على عروشها وديمومة حكمها , لم تفكر بالمستقبل ولا بالممكن ان يكون وانعكاس ذلك على الوضع العربي بشكل عام وعليها بشكل خاص , كانت لا تفكر بأنها ستتعرض يوماً الى خطر مباشر ’ كذلك دول المغرب العربي ما عدى الجزائر , عموماً ما حدث من تداعيات بعد حرب عام 67 واحتلال العراق من قبل اميركا وحليفاتها وما آلت الامور فيه ونتيجة الرفض الواسع من جماهير الامة العربية ” ولادة الربيع العربي ” الذي ادى الى تطور خطير يستهدف حكام الدول العربية المتخاذلين والمرتبطين بالولايات المتحدة الاميركية , عملت هذه الحكومات والدول الاستعمارية على خلق حالات الغاية منها ايقاف ثورات الجماهير العربية على الحكام العرب المنضوين تحت الجناح الاميركي الصهيوني فكان ما خلقوه من داعش وانقلاب السسي والتدخل الايراني يدار كل ذلك من قبل الدول الاستعمارية الفاعلة مثل اميركا بريطانيا فرنسا اسرائيل, هذه الدول التي تقوم بفعلها وادارة حالة الصراع بين الحكومات العربية وشعوبها وبين الشعب الواحد منها , والنتيجة المأساوية التي وصلت اليها من صراع دموي مذهبي وديني وقومي امتد هذا الصراع المؤلم والكارثي ليكون قريباً من دول بذاتها كانت في منأى عن المشاكل والاحتكاك المباشر بها , سياسة تجنب شعوب هذه الدول وزجها بحروب مباشرة , لم تبقى حكراً عليها بل فطن لها حكام بقية دول المنطقة واصبحت جزئ من سياستها وفلسفتها . كان على العرب عموماً وحكومات الخليج خصوصاً أن تعي المستقبل ووضوح الرؤيا ووضع ثوابت للتعامل مع حالات التطور السياسي والاقتصادي التي يعيشها العالم .
إنبثاق الحالة الخمينية كان ينذر بالخطر وخلق حالة من الصراع العربي الفارسي مرتكزاً على التناقض المذهبي بشكل علني والقومي بشكل مبطّن , حتى النظام العراقي السابق أخطئ في هذا الجانب خطئ فادح حين سهل للخميني واتباعه على ان يمارسوا نشاطهم ضد شاه ايران كانوا يمارسون ( حرب الكاسيت ) ضده وتأليب الشعب الايراني عليه , النظام العراقي انذاك كان يحابي الخميني واتباعه , عنداستلام الخميني السلطة في ايران ونجاح ثورته توضحت مرامي الظاهرة الخمينية بشكل جلي , دخلت في صراع مع من اتفق معها للأطاحة بنظام الشاه ’ مثل منظمة مجاهدي خلق الايرانية الاشتراكية بقيادة مسعود رجوي , برّزت التيار القومي الفارسي وحاربت القوميات داخل ايران مثل الاكراد والعرب والتركمان اغتالت القائد العام للحركة الكردية الايرانية ( قاسملو ) وضربت المنظوين للحركة الكردية التي لم تكن تريد سوى ممارسة حقوقها القومية ضمن دولة ايران لم تكن تسعى الى الانفصال , ضربت ايظاً الناشطين المطالبين بحقوقهم من القوميات الاخرى مثل عرب الاحوازوالتركمان والاذربيجانيين , كان شعار الخميني رفض التوجه القومي واعتبار الحالة الدينية هي الاساس في العمل والتوجه مستغلة في ذلك امور عدة منها السيطرة على الداخل وحرية التدخل في شؤون الدول العربية و الاسلامية , واضح من خلال مبادئها وما تسعى اليه وفحواها كما ورد في كتابات خميني وتصريحاته وكما هو مثبّت في الدستور الايراني { ايران دولة اسلامية تتخذ من المذهب الاثني عشري مبدأ لها } وهذا يكفي للدلالة على ما ستؤول اليه الامور في المستقبل .
عند اندلاع الحرب بين ايران والعراق كان الموقف العربي سلبي تجاه العراق , اطماع ايران ومراميها اتضحت بشكل جلي بعد الاحتلال الاميركي للعراق , كان هناك اتفاق مبطّن بين ايران واميركا وبعض الدول العربية خصوصاً دول الخليج والاردن ومصر , استغلت ايران موضوع الاحتلال وسيطرت على العراق ونشطت في عدد من الدول العربية مستغلة الشيعة من خلال عدد من اتباعها جندتهم وقدمت لهم الدعم السياسي والمادي والمذهبي واضح ذلك في كل من العراق وسوريا ولبنان والبحرين والسعودية واليمن والباكستان وغيرها من الدول التي تتواجد فيها الطائفة الشيعية .
من باب الاستذكار لهذا الحال قامت ايران قبل وفاة الخميني بسنتين بنشاط ديني متطرّف داخل الحرم المكي راح ضحيته العديد من الحجاج ورجال الامن السعودين وكذلك كان لهم نشاط في العراق قبل اندلاع الحرب بينهما على كافة المجالات الدينية من خلال حزب الدعوة والثقافية مع بعض مؤيديهم مثل ما قام احدهم بعمل مسرحية عنوانها ( إنهض ايها القرمطي ) تصدى لها وعارضه ( خير الله طلفاح ) خال رئيس النظام السابق صدام حسين .
عموماً موضوع اليمن اليوم وما يجري فيه من عصيان وخرق للشرعية السياسية من قبل الحوثيين لم يكن جديداً قبل ذلك ايضاً اعلنوا العصيان والانشقاق على حكومة اليمن في زمن علي عبدالله صالح وتم ضربهم من قبل الحكومة والمملكة العربية السعودية , يشكل الشيعة في اليمن 26 % من عدد سكانه 24 % شيعة زيدية و 2 % شيعة اثني عشرية تعمل ايران على تحويل الشيعة الزيدية الى اثني عشرية والزيدية اقرب الى السنة والجماعة ويتبعون امامهم ( زيد بن علي بن الحسين ) مدفون في العراق والشيعة الاثني عشرية لا يعترفون به كأمام ولا بالزيدية كشيعة بل احياناً يعتبروهم سنة وكذلك لا يعترفون بالشيعة الاسماعيلية , والرئيس علي عبدالله صالح شيعي زيدي لكنه لا يرتكز على المذهبة , واليمن بشكل عام تحكمه العشائر لا المذاهب وابرز هذه العشائر ( حاشد وبكيل ومذحج ويافع و الفضلي ) .
لحد تاريخ التمرد الحوثي الواسع الاول وما بعده كانت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي يتبعون سياسة ( غلق الاعين والأذان والافواه ) تحاشياً للصدام مع دولة ايران فهم يعرفون تماماً دورها وما تقوم به لكنهم يعملون بشعار ( الباب التي يأتيك منها الريح سدّها واستريح ) محاولات السعودية لشراء مواقف مصر والباكستان وزجهم في حرب اليمن , العملية بائت بالفشل والسبب تداعيات هذا التدخل وما سيتمغض عنه من امور سلبة ليست في صالح الدولتين , مما اضطر السعودية ان تخوض الاشتباك مع الحوثين وصالح منفردة على صعيد القوة الجوية متحاشية فعل الاشتباك البري قدر الامكان , الموقف السعودي لم يكن ايجابياً بالمرة اعطى المشروعية لتدخل الدول الاجنبية في المنطقة العربية وخاصة ايران في كل من العراق وسوريا واليمن والجانب الآخر انكشاف ضعف الفعل العسكري لدول الخليج هذا الحال الغير صحيح والمزري الذي تعيشه المنطقة العربية يتطلب من الجميع اعادة النظر بالوضع العربي القائم وتصحيحه بحالة الوحدة السياسية والاقتصادية والعسكرية تحسباً لما يخبئه المستقبل من مفاجآة غير سارّة وغير سليمة مضرة بالجميع , وايضاً على ايران ان تعيد النظر بسياستها وعقيدتها وفكرها الديني بما يتلائم و وحدة المسلمين كي يكونوا سند لها بدل عداوتهم وابتعاد الجميع عن الالتصاق بالدول الطامعة مثل دول مجلس الامن والتعامل مع هؤلاء ضمن المصالح المشتركة , وان تقتدي كنموذج بدول الاتحاد الاوربي وتتشبه بها من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية دول مختلفة لا تتشابه مثل الدول العربية كانت نواتها ثلاث دول سميت دول ( البينا لوكس ) في حينها وهي هولندا وبلجيكا و لوكسمبورغ وكانت نواة الاتحاد الاوربي الحالي . القادم من الايام مخيف ومحزن لحكومات الدول العربية وايران مخيف لها ولشعوبها الوقت ينفذ والسرعة في تصحيح مسار و سياسات هذه الدول اضحى على المحك .