23 ديسمبر، 2024 5:58 ص

عاشوراء …ملحمة صناعة الإنسان

عاشوراء …ملحمة صناعة الإنسان

في ملحمة عاشوراء الإنسانية التي حفرت بصماتها في أعمق نقطة بضمائر الأحرار على أختلاف مشاربهم وعناوينهم تجسد لدينا معسكرين ..معسكرٌ يحمل أناة المستضعفين والضعفاء والفقراء وكل طالب حق يريد أن يعيش حياة الاباء رافضاً حكم الطغاة له وأن تغير زمانهم ومكانهم عبر التأريخ يقودهم ثائرٌ ومصلح في الوقت نفسه انه أبا الضيم الإمام الحسين (ع) الذي تحول لظاهرة إنسانية بما قدمه من تضحيات شملت الصغار قبل الكبار وهو يشاهدهم مقطعي الأوصال أجسادهم متناثرة على رمضاء كربلاء تجلت وظيفته الأساسية هو تحرير الانسان من رق الانسان ومنحه الحرية لذاته بدلاً من العبودية لمن يريد فرضها عليه وطمسه والغائه بكل الوسائل وأقساها مساومته على جوعه برغيف خبزه ومقايضته إما أن تكون معنا فأنت منا وستملء بطنك مالذة وطاب ,وأن تمسكت برأيك فأنت ضدنا وبذلك ستحل عليك لعناتنا ويشملك عقابنا ,معسكرٌ تجد فيه أنصاف رجال وأشباههم جيش جرار من الإمعات حملوا كل انواع الانحطاط الفكري والاخلاقي في سلوكهم ومنهجهم والدليل على ذلك رضيع الحسين الذي طلب له الماء فسقوه بسهماً من الوريد الى الوريد شملته همجيتهم الوحشية لأنهم وحوش في افعالهم واعمالهم ,وبعد أن أنتهت المعركة جاء فصلٌ جديد في قتل الحسين هو القتل المعنوي وهو أقسى أنواع القتل لأنه يستهدف التراث الزاهر للمقتول ,فكرست خزائن الأموال لمن يريد اللحاق بركب الدنيا ليشبع ملذاته ولكن بشرط أن يكون ضمن دائرة صناعة الافتراء وخلط الاوراق والحديث مع الناس أن هذا جزاء من يخرج على إمام زمانه فكانت الفتاوى جاهزة لتدعم الأثم بهذا الشأن الدنيء فخرجت فتوى قاضي الظلال شريح التي أعطت الضوء الأخضر بالقتل (الحسين خرج عن حده فوجب قتله بسيف جده..) ثم جاء دور ألأقلام المأجورة التي سعت لأن تزور حقائق وتزيف وتعبث بسجلات التاريخ بلوثة عهر الكذب الذي عملوا عليه صوروا للأمة أنها النتيجة الحتمية للتمرد على السلطة وقيادة الأمة لحفظ المسلمين وعدم شق عصاهم ,كل هذا الإمعان بالموت المؤلم لأن الحسين رفض الانصياع والمبايعة لمن هو غير مؤهل لقيادة نفسه فكيف به يقود الأمة ويؤتمن على مقدراتها وهي بين يديه تترنح على راقصات الليالي الحمراء,بل أن مصائر العباد تباع وتشترى بأبخس الأثمان فنتشرت الرذيلة وتغيرت المفاهيم ,ولايزال هذا الفكر المنحرف موجود يعيش في نفوس الحاقدين ,مشكلة الحسين هو يريد عدالة اجتماعية تتحقق للناس وتحفظ كراماتهم وتصان أعراضهم ,لكن الأخر يريدها طبقية وفوقية ليمارس سطوته واستغلاله على الرعية كعبيد ثم يكرس رمزيته كوثن يعبدونه بأعتبارها الآمر الناهي والمتسلط عليهم,وقول المستشرق الألماني ماربين:(قدم الحسين للعالم درسا في التضحية والفداء من خلال التضحية بأعز الناس لديه ومن خلال إثبات مظلوميته وأحقيته، وأدخل الإسلام والمسلمين إلى سجل التاريخ ورفع صيتهما,لقد اثبت هذا الجندي الباسل في العالم الإسلامي لجميع البشر ان الظلم والجور لادوام له,وان صرح الظلم مهما بدا راسخاً وهائلاً في الظاهر الا انه لايعدو ان يكون امام الحق والحقيقة الا كريشة في مهب الريح) وكأن ما حدث مع الإمام علي (ع) يحدث مع أبنه مع اختلاف فارق الزمن لكن المبدأ واحد ,فعلي رفض أن يكون في الأمة اشخاص فاسدين يتربعون على مقاليد الحكم ويتلاعبون بمقدرات المجتمع ,فتصدى لهم ولمسألة التفضيل بالعطاء لأنه يدرك جيداً أن المساواة بوجود لقمة عيش مؤمنة محفوظةً له تعطيه احتراماً اجتماعياً وتجنبه الانهدار في كرامته ليكون حراً في إرادته …وللحديث بقية