23 ديسمبر، 2024 1:59 ص

عار على أمة يَحكمُها الرُعاع

عار على أمة يَحكمُها الرُعاع

عارٌ على أمةٍ يَحكمُها الرُعاع، ويَعبثُ بحاضِرها الغُزاةُ والأتباع، ويُهَددُ مُستقبلها سِقط المِتاع، وعيبٌ ان يقودها هَوَجْ اليَرَاع، ويَذلُّ كرامَ أهلها العَبدُ المُباع، وهمجُ التخلف من بقايا الإقطاع، وغثر المُتستّرين بالعمائِم بَدَل القِناع، الذين امتهنوا دونية الدَجَل والخداع، وتلوثوا بجراثيم الطائفية حتى النخاع، وجروا البلاد الى أصعب الأوضاع، وعرّضوا مستقبلُها الى خطر الضياع.
وعار على أمةٍ تلتف من حولها الضباع، وتحيط بها قطعان الذئاب الجياع، ووحوش تجَمّعَت من مُختلف البقاع، وهي تعلم ما للاجنبي من الأطماع، ومَن يدفع بها نحو آتون الصراع، ويزيد من بؤر التوتر والنزاع، ويجعل من مساحاتها قابلة للإتساع، دون ان تبذل ما في المُستطاع، للقيام بما تدعو اليه مهام الدفاع، وكأنما انحسَر المَد فيها والاندفاع، واتفق القادةُ على التخاذل بالإجماع، وغاب عنها أصحاب الموقف الشجاع، فلعبت الأرانب فيها دور السباع، وتولد لدى البعض خطأ الانطباع، بأنها أمة تعودت على الانصياع، وغير قادرة على الرفض والامتناع، وان سود غمامها لا تبشر بالانقشاع .

لقد دق أعداؤنا الأسفين، ونجحوا منذ عشرات السنين، في شراء ذمَم المُستعدين، لبيع الوطن والشعب والدين، وتمكنوا من كسب المتهورين، في صفوف أحزاب اليمين، واستطاعوا ان ينصبوا الكمين، لعددٍ محدودٍ من المعممين، وحثهم على محاربة الوطنيين، وتعميق الخلافات بين السياسيين، وتكفير طليعتهم من اليساريين، ( كما حصل عام واحد وستين )، لكي يختلط الشك باليقين، وتضعف القدرة على التعيين، ويصفى المناخ لزمر الرجعيين، وحفنة أعوان الطغاة القذرين، الذين سموا الغزاة “مُحررين”.
وهنالك ما يدعو بالحاح، الى قول الحقيقة والافصاح، عن الحاجةِ الى تأمين اللقاح، ضد شلل العقول والكساح، وهلوسة شيوخ الفتنة الوقاح، ذوي النفوس والوجوه القباح، المحرضين على زهق الأرواح، والمتمتعين بتكبير القاتل السفاح، وقسوة ذلك المجرم الذباح، المتلذذ بدم الضحايا والجِراح، وسط صرخات التكالى والنواح .

إننا بحاجةٍ الى قياداتٍ حكيمة، جذور وعيها راسخة وسليمة، تربطها بالشعب علاقات حميمة، يضع أساسها أهل العزيمة، ويَشيد بنيانها ذوي الشكيمة، الذين رفضوا المساومات السقيمة، وشجبوا كل التحالفات العقيمة، التي فرضتها القوى اللئيمة، ورحبت بها قيادات الهزيمة، وعمائم نشر الفتنة والنميمة، الذين حرضوا على الجريمة، وانشغلوا بتقاسم الحصص والغنيمة، دون اعتبار للعواقب الوخيمة، وهول خسائر الشعب الجسيمة.

ولا شك في ان جريمة الاحتلال، قد غيرت من واقع الحال، وجعلته مفتوحا لكل إحتمال. فهناك دكتاتور في الشمال، انتهز ضعف المركز والانشغال، بمحاربة برابرة داعش الأرذال، ليعلن بنبرة الغضب والانفعال، عن الاستعداد لخوض القتال، اذا لم يتحقق الإنفصال. وأما في أرض الجنوب، فالمعاناة تدمي أقسى القلوب، لما أصاب المواطن المتعوب، في سنوات الحيف والحروب، وما تبعها من شرر الخطوب. وليس ما يُفرح في الغرب، فالوضع شديد التعقيد وصعب، والمواطن لا يتَحَمُّل الذنب، وتراه يتضرع من القلب، لأن يستمع اليه الرب، وينهي مآسي هذه الحرب.

وعلى الرغم من كل ما حصل، وما آل اليه الحال ووصل، لم يَخِب بالأمةِ الأمل، ولعل الجواب لمن سأل، كيف السبيل وما العمل، وهل يمكن اصلاح الخلل ؟، يكمن في البحث على الأقل، عن طرق الوقاية من العلل، وتحديد العلاج على عجل، وتجاوز وقع المصاب الجلل، بالقضاء على الفقر والجهل، والتخلص من قيادات الفشل، ومَن مارس الخداع والدجل، وتعود على التطفل والكسل، وتاجر دون الشعور بالخجل، بجعل الدين مصدرا للدخل، وعسى ان يتوقف الجدل، حول مدة التغيير والمُهَل، فالعبرة بمن أسرع على مهل، وتجاوز عقبات الدرب ووصل، لا بمن سار ثم جفل، وقد صدق قول المثل،”ومن اليأس ما دمر وقتل”.
فطوبى لمن قال وفعل، ولراية الحرية والتغيير حمل، وآمن بأن الأمة كالجبل، لا يلوثها الطين والوحل، كما هو حال السهل، حين يمر به البلل.