23 ديسمبر، 2024 4:35 م

عاد الصدر .. بعمامة الحكيم

عاد الصدر .. بعمامة الحكيم

كل أربع سنوات تمر على العراق؛ يتذكر الشعب ما مر عليهِ خلالها من أزمات، ونكبات، وتضحيات، قدموها من اجل البلد، وما قام بهِ أولو الأمر؛ من انجازات وتهيئة سبل الارتقاء بمستوى البلد.

أخر أربع سنوات مضت؛ عاشت البلاد ما لا يحصى من النكبات، سببت أزمات نفسية لدى عامة الشعب، فالمتسلطين من أصحاب القرار؛ لم يفعلوا ما وعدوا بهِ في الحقبة الأولى من حكمهم، وعادوا ليكرروا عدم إيفائهم بالوعود في حقبتهم الثانية.

تستمر الأزمات، وتتوالى النكبات، ليفاجئ الشعب العراقي بخبر لم يكن بالحسبان، مثل صدمة كبيرة، ألا وهو اعتزال سماحة السيد مقتدى محمد الصدر، احتجاجا منهُ على الانحرافات التي طالت العملية السياسية، وتأثيراتها السلبية على حياة العراقيين، ومدى عدم مصداقية الساسة المتنفذين في الحكومة العراقية، والساعين إلى طمر معالم وتراث وحضارة البلد؛ التي طالما حاول السادة آل الصدر الكرام أن يرتقوا بمستوى تاريخهِ المشرف، مرسخين عقيدتهم ومبدأهم المرتبط برسالة أهل البيت عليهم السلام.

آل الصدر؛ قدموا أمثلة مشرفة بالتضحية والشهادة على امتداد تأريخهم العريق، كانوا أول من قارع الدكتاتورية، واكبر مؤسسي الانتفاضات على جور السلاطين، ودليلنا على ذلك؛ دماء الصدرين المحمدين (قدس سرهما)، ليأتي سماحة السيد مقتدى الصدر ويكمل ما بدأهُ آباءهُ وأجدادهُ الأولين، في مجابهة الظالم، نصرة المظلوم، نبذ الطائفية، والتصدي للممقوتين من الساسة، وطرد الاحتلال الامريكي.

بعد أن مضت خمسة وثلاثون عاماً والعراق يحكم بأيادي طغاة العصر، من أزلام البعث ألصدامي، استبشرنا خيراً؛ بتسلم من يمثل طائفة طالما همشت وغيب دورها زمام الأمور، ولكنهُ اكتفى بإرضاء مصالحهِ الشخصية، والتضحية بأبناء العراق الأبرار، على حساب منصب رئاسي لا يحمل مؤهلاتهُ.

نبأ اعتزال سماحة السيد مقتدى الصدر، جاء في وقت قرر فيه الشعب تغيير القيادات المتسلطة، وإزالة السراق من الساسة، الأمر الذي جعل جمهور التيار يعلن عزوفهُ عن المشاركة بالتغيير، في الانتخابات البرلمانية القادمة، ولكن ذلك العزوف لم يطل أمده، حتى عاد سماحتهُ، وعبر كلمة اعتزالهِ الأخيرة؛ ليبلغ أتباعه بعدم العزوف، والمشاركة الفعالة، والسعي للتغيير، ودعم من تهمهُ المصلحة العامة، ويخدم ارض وشعب العراق.

وهنا تواردت تساؤلات كثيرة، لأنهُ لم يفصح عن الجهة المقصودة، أكان يقصد المرشحين ممن كانوا منضوين تحت خيمة الصدر؛ الذين وصفهم سماحتهُ بالمسيئين لسمعة آل الصدر، ومرتكبي مختلف المفاسد، التي اعتزل لإنهائها؟ أو هل عنى بذلك السلطة الشيعية الحاكمة، بقيادة من وصفهٌ بالدكتاتور، الطاغوت، المتسلط، ناهب الأموال، مفرق الطوائف، مشتري الضمائر ليصوت الجميع على بقاء القيادة بيد حزب الدعوة؟ أم قصد من يقربهُ بصلة، يشاركهُ برأي، يساندهُ بأزمة، يساعدهُ بمحنة، يؤازرهُ بقرار، ويدعمهُ بملازمتهِ دوماً ؟

كلمة سماحة السيد مقتدى الصدر، أبلغت جماهيرهُ ومواليه، ان الحكومة العراقية الجديدة عليها أن لا تخلوا من العمامة الحكيمة، واعتزاله لا يمثل نهاية المطاف، فهو موجود دائماً بقلوب محبيه، وحاضر بفكر مناصريه، ولكنهُ أوضح إن عليهم انتخاب الشريف من أبناء العراق، العامل بخدمتهم، الحكيم بأمورهم، سليل مرجعيتهم، المدرك لاحتياجاتهم، صاحب مشروع الارتقاء بمستواهم، وهذا ما بينهُ سماحتهُ بأن كتلة المواطن هي اكثر من يستحق دعم جمهور التيار الصدري وخير دليل على ذلك؛ ثمار النجاح التي حصدت من تحالفهِ معهم بعد انتخابات مجالس المحافظات، وهذا ما سيوصد الباب بوجه الولاية الثالثة للمفسدين.

سيدي القائد، لكَ من جماهيرك تحية حب واحترام، يبلغوك بأنهم لن يعزفوا لأي سبب كان، ولن ينسى ذكر آل الصدر باعتزالكم السياسة، فدعمهم لسليل الدوحة المحمدية وكتلتهِ العاملة بخدمة المواطن؛ هو دعم لآل الصدر، انتم من ساندهم لا من استلم سيارات فاخرة في زمن المقبور صدام.