طالما تحدث الكثيرون عن الطاقة الكامنة التي يمتلكها العراق في مجال السياحة والآثار ، وطالما كتب العديد من المختصين في الجانب الاقتصادي عن أهمية الاهتمام بصناعة سياحة العراق نظرا للواردات الهائلة المتوقعة منها في حال تم استثمارها باساليب تحكمها الدراسة العلمية والخبرة المتراكمة .
في مقالات مطولة سابقة لنا ، تطرقنا بنظرة غير مسبوقة لواقع (السياحة في العراق ) منذ نشأتها مطلع القرن الماضي ولغاية تاريخ سقوط النظام السياسي عام 2003 وأوردنا فيها ضمنا ما يفيد ان التوجه الاساسي للتعامل مع السياحة في العراق خلال العقود الثلاثة الاخيرة من القرن الماضي كان بهدف جعل السياحة رافدا من الروافد المهمة لمعلومات المراقبة الاستخبارتية والمخابراتية سواءا عن المواطنين العراقيين او عن العرب والاجانب الوافدين الى العراق ، ولم يكن الهدف المعلن اعلاميا بالرغبة في توسيع صناعة السياحة وتطويرها من أجل بناء أسس أقتصاد حديث
للعراق وارد فعليا في تخطيط وتنفيذ السياسيين العراقيين في المجال السياحي في ذلك الحين ، فقد كان انشاء بعض المرافق السياحية الضخمة في العاصمة بغداد نتيجة لما تطلبته الظروف الآنية السياسية ( كمؤتمر القمة العربية او قمة عدم الانحياز مثلا ) وكذا أنشأت بعض المرافق السياحية العشوائية برغبات شخصية لأركان النظام السياسي ، وبينا ايضا كيف تم في مطلع التسعينات اقصاء وتصفية معظم منتسبي السياحة العراقية من الموظفين المشهود لهم بالخبرة والكفاءة والنزاهة بانهاء خدماتهم او احالتهم على التقاعد أثناء عملية التوجه لخصخصة السياحة ولكن في ظروف
استفحال الفساد الاداري والمالي في موؤسسات الدولة العراقية كأحد ثمارالحصار الدولي على العراق ، فكان ان تحول واقع ( هيئة السياحة ) حينها الى مجموعة متبقية من الموظفين أغلبهم بيروقراطيين يفتقدون لأبسط مباديء وأسس وأبجديات العمل السياحي الى درجة باتوا فيها عالة جبارة معيقة لعمل الشركات السياحية الخاصة والمختلطة التي تم انشاؤها آنذاك ، اضافة الى انهم كانوا لا يعرفون كيف يدرون أنفسهم !
بعد عام 2003 برزت عوامل تدهور الوضع الأمني والمحاصصة الطائفية في ادارة الدولة لتكون وراء أستمرار تدهور وتخلف صناعة السياحة العراقية ، وسنتطرق في سلسلة مقالات عديدة مقبلة الى تفاصيل غير منشورة سابقا عن ايجابيات وسلبيات عمل معظم المسوؤلين الذي تولوا قيادة دفة السياحة والآثار في العراق من وزراء ومدراء عامين وكذا تفاصيل واقع واسرار عمل الشركات السياحية الخاصة والمختلطة لغاية تاريخ تولى الوزير عادل فهد الشرشاب مسوؤلية وزارة السياحة والآثار نهاية عام 2014 ، وذلك وفق متابعة استقصائية ميدانية اضافة الى رصدنا المكثف لمختلف وسائل
التواصل الاجتماعي بين السياحيين العراقيين ، مع نشر شهادة أحد السياحيين المتعففين المستقلين سياسيا والذي كان استقال من منصبي مدير وعضو مجلس ادارة شركة سياحة مختلطة وقت الانتفاضة الشعبية العارمة في آذار عام 1991 لكن دون ان يحظى بأي حرف تقييم أو أسناد مرسل الى ( لجنة التحقق ) من قبل أي مسوؤل سياحي حكومي بعد 2003 رغم كونه أعلى درجة وظيفية في السياحة العراقية يستقيل وقت الانتفاضة .
الدكتور عادل فهد الشرشاب تولى مسوؤلية وزارة السياحة والآثار نهاية عام 2014 وهي في وضع لا تحسد عليه ، فالوضع الامني على الساحة العراقية ما زال سيئا ، والوزارة (شبه) خالية من معظم الأدوات اللازمة للعمل ، فهي شبه خالية من معظم القيادات الادارية سواءا في المجال الاداري الروتيني البحت او في المجال التخصصي السياحي ، وفي المقابل تشير الدلائل الميدانية الى كون الدكتور الشرشاب وجها وطنيا وشعبيا وأجتماعيا منتخبا والى كونه انسانا مثقفا ومشهودا له من قبل الكثير من المراقبين بانه ضمن قلة معدودة من البرلمانيين العراقيين ممن يتميزون بعدم
انجرارهم في متاهات الطائفية اضافة الى كونه يتميز بالبساطة والحزم والنزاهة والدقة والكفاءة والحرص على أداء المهام التي توكل اليه ، فهو كان وراء اقرار العديد من التشريعات الهامة والحديثة في مجال التربية والتعليم ومكافحة الأمية ، كما انه من أوائل من يكشف ذمته المالية لهيئة النزاهة .
الدكتور الشرشاب يعمل الآن بشتى الوسائل لبناء أسس بيت سياحي حديث خال من الفساد الاداري والمالي ضمن توجه وتخطيط علمي وشفاف لاستثمار ضخم في مشروع الصناعة السياحية في العراق ، ونرى انه من واجب الجميع بكل اختصاصاتهم او مسوؤلياتهم الوقوف معه لمساندته في أداء مهمته الصعبة هذه .
تابعونا في مقالات مقبلة ونحن نرصد كافة التفاصيل والخبايا الدقيقة لعمل وزارة السياحة والآثار والشركات السياحية بعد عام 2003 .