أطلق رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، المارد من قمقم سليمان؛ كي تستعيد الحكومة توازن شجاعتها، بعد 15 عاما من خوف مقيم بين مصدات المنطقة الخضراء، غير المنيعة على الارهاب؛ إذ إخترقها مرات عدة، وتظاهرت فيها الناس، حتى تحولت الى رمز لعزلة السلطة عن الشعب.
وبفتح المنطقة الخضراء، تعود مرونة الحركة الى نبض بغداد.. متدفقا في الشوارع مثل نسخ الحياة في عروق جسد معافى.. إنها بداية العافية، لحكومة متطامنة مع شعبها، تفيض أمانا الى البلد.
ولأن الناس على دين ملوكها؛ فسوف ينتشر الأمان وتتوطد ثوابت الوطنية وتترسخ معطيات الولاء للعراق، بتمتين عرى الانتماء وثيقا.
فتح المنطقة الخضراء، إشارة تتضافر مع إقدام رئيس الوزراء عبد المهدي، على الخروج من أسوارها سابقا ونزوله للعيش بين المواطنين، في منزله الشخصي، وتجوله في (علوة المخضر) وحديثه الحميم مع المواطنين، بتجرد من السلطة لصالح إنسانية القرار الرسمي.
وإطلاء روح الانسانية على سياقات الدولة، وتشبع الإجراءات بأريحية الإدارة لشؤون الحكم، من دون تكلف، ليست عرضا، إنما جوهر يتبلور بخطوة تعيد تنظيم الدولة، من خلال فتح الملفات المهملة، ليس عقابا للمسيء إنما إنصافا للمظلوم.. ولا ضير من أن تأخذ العدالة كامل أهليتها في إحقاق الحق، من دون إلتفافات تحتفظ بالملفات اما للتغطية على الاصدقاء او ابتزازا للاعداء، وكلاهما باطل لا يليق بحاكم عادل!
أثبت عبد المهدي قدرته على اتخاذ القرار، فأصبح عند اعتاب تنفيذه، ومن بين القرارات التي تحتاج شجاعة الاقدام على تحمل النتائج المترتبة عليها، فتح ملفات المظلومين… لانصافهم.
آن لعبد المهدي إنصاف من تعرض لمظلومية.. قبل وبعد 2003 “وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند” ثمة مهجرون أبعدوا عن عوائلهم وتعرضوا للاعتقال ومحاولة الاغتيال وحجبت حقوقهم الوظيفية والانسانية، لا لذنب إلا لنظافتهم في الايمان بالله والولاء للوطن والاخلاص في خدمة الشعب.
فإفتح الملفات العالقة مثلما فتحت شوارع الخضراء للسابلة؛ ولا تدع المظلوم يواصل الاحباط واليأس: “حسبنا الله ونعم الوكيل” إنما إبعث التفاؤل في العراق وسع خريطة الوطنية الجديدة التي يترسم الشعب معالمها الصماء على صفحة المرحلة التي تؤسس لها.. كإنسان عراقي وكرئيس وزراء.
وليكن التسامح ونسيان الماضي، سمة المرحلة وشيمة المستقبل ووسيلة لسير سفينة العراق نحو الامام، أقوى من الامواج العاتية التي تتلاطم من حولها كالجبال.
وأنا مثلا بين المظلومين.. أتساءل: لماذا عوقبت؟ وهمشت؟ وحوربت؟ وهُجِّرت عائلتي؟ وقُطِع عني راتبي؟ مع اني فعلت ما لم يفعله سواي، من منجزات وطنية، ليس فضلا.. لكن يجب الا تتخطاها ذاكرة التاريخ وتضطهدني.
تصديت لخطوات مفصلية في تاريخ العراق، هرب منها الجميع، وبعد إبرام الأمر، عادوا يدعون بطولات دونكيشوتية موهومة، على حساب بطولاتنا الميدانية المشهودة في الواقع.
وقد انصفنا عادل عبد المهدي، في السابق.. عندما كان نائب رئيس الجمهورية، بالرغم من محدودية صلاحياته.. آنذاك، أما الآن فبيده السلطة التنفيذية التي تمكنه من إعادة الاعتبار لنا.. إنه حق لانطمع
بوظيفة ولا منصب.
فأنا لست من المصابين بعقدة عدم العيش بلامنصب.. قنوع بما أنا عليه والحمد لله، مكتف ببهاء محبة الشعب الذي يزيدني ثقة بذاتي، لكن أريد مستحقاتي.. فهل هذا كثير؟