أستفزني كثيراً اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي والسيد نوري المالكي ، حيث بدا اللقاء نمطي لاروح فيه ، ومن خلال الاخبار والصور التي نشرت وكما يراها الكثير من المحللين ، لم يكن اللقاء سوى دعوى للتهدئة والترضية ، وتدخل في خانة المحاولة لطي صفحة الماضي بكل ما حملته من منغصات وتسقيط ، او ربما هي محاولة لاستمالة السيد عبد المهدي ، والسعي من اجل بناء بيئة هادئة ومستقرة ، والابتعاد من التصريحات والتراشق الاعلامي والسياسي ، فياترى هل سيتمكن السيد عبد المهدي من فرض سلطة الدولة والقانون على الجميع ، وكيف سيواجه 40 لواءً مسلحاً بالاسلحة المتطورة ، والتي تعمل تحت سلطة الدولة على الورق ، ولكنها في نفس الوقت تأتمر باوامر قياداتها الحزبية ، كما ان حكومة الوكالة ما زالت تلقي بظلالها على المنشهد السياسي ، حيث اكثر من 5000 الاف درجة خاصة في الدولة العراقية 95% من تلك الدرجات تدار بالوكالة وحتى 5% عينها الحاكم المدني للعراق ” بول بريمر ” ، وليس للبرلمان صوت فيها ، كما ان عبد المهدي وفي فترات سابقة كان يقف بالضد من التعيينات بالوكالة ومساؤها على الدولة ، فياترى هل ستمكن من فك طلاسمها ؟!!
المهمة صعبة وتبدو شبه مستحيلة ، وتحتاج الى تكاتف الجهود في الوقوف بوجه الفساد ، وضرب الفاسدين ، والسعي من اجل تشكيل حكومة قوية قادرة على النهوض بواقع البلاد ، وتقف بوجه الضغوط السياسية التي تمارس على رئيس الوزراء وتقف عائقاً أمام أي جدية في محاربة الفساد وضرب الفادسين ، ولكن في الجانب المظلم هل سيبقى السيد عبد المهدي بعيداً عن الضغوط التي ستمارس عليه من التيار الصدري ، لان مقتدى الصدر لن يكون مشاركاً في الحكومة ، ولكن في نفس الوقت سيكون ضاغطاً بقوة على رئيس الوزراء من اجل مصالحه زمصالح تياره ، وهذا الامر بديهي ، فهو من جانب غير مشارك وكسب صوت الشارع ، ومن جان آخر سيكون امامه عبد المهدي في مطالبه من اي طرفاً حكومي او وزارة ، فياترى هل سيكون رئيس الوزراء قوياً امام ضغط السيد مقتدى الصدر في توجيهه بما يتلائم وتطلعاته ؟!!
السيد عبد المهدي بدا يتعرض لضغوط سياسية ، ربما تكون عائقاً امام تنفيذ برنامجه السياسي ، لان الاصلاحات الحكومية ومحاربة الفساد تمثل أبرز التحديات أمام رئيس الوزراء المكلف ، كما انه سيواجه عقبات كثيرة في مقاومته للمتصدين لمشروعه الحكومي ، الى جانب الملف الاقليمي والعلاقة ( الامريكية –الايرانية ) والتي تشكل تحدياً كبيراً مام حكومة عبد المهدي ، الى جانب طموحات الاحزاب في الحصول على مغانم في الحكومة الجديدة ، لذلك ستكون المهمة شاقة وصعبة ، لان أمام رئيس الحكومة الجديدة مدة 30 يوماً لتقديمحقيبته الوزارية والبرنامج الحكومي وعرض ذلك على مجلس النواب للتصويت ، وإذا حازت هذه التشكيلة على موافقة المجلس ستم إداء القسم الدستوري ، وإذا ما أخفق وتجاوز التوقيات الدستورية سيقوم رئيس الجمهورية بتكليف رئيس جديد لتشكيل الحكومة .
أعتقد ليس من مصلحة الكتل السياسية الوقوف والتصادم او فرض مرشحيها على السيد عبد المهدي ، لانها ستكون معرضة للتسقيط السياسية ، ونهايتها في الشارع ، خصوصاً وان اغلب هذه الكتل هي ترفع راية الاصلاح ومحاربة الفساد ، واعتبارها معرقلاً أمام جهود رئيس الحكومة ، والتغيير الجذري والمنشود لبناء دولة قوية ، كما ان القوى السياسية ليس لها بديل سوى السير مع البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء ، واعتماد مبدأ المساندة ، والوقوف الى جانب الحكومة القادمة بفاعلية ، إذ لايمكن للقوى السياسية السير بمنائ عن آليات العمل السياسي والحكومي ، والا ستكون معرضة للسقوط الفوري والنهائي .