23 ديسمبر، 2024 2:17 م

عادل حبة ومحاولة الاجترار

عادل حبة ومحاولة الاجترار

في عام 2014 صدر للدكتور عبد الحسين شعبان كتاب بعنوان ( عامر عبد الله ــ  النار ومرارة الأمل – فصل ساخن من فصول الحركة الشيوعية ) يتناول سيرة المناضل ومواقفه من خلال ما علق في ذاكرة شعبان وما مدون في اجندته عن الفقيد عامر عبد الله وما تمخض عن العديد من اللقاءات والجلسات بير الرجلين، وكان الكتاب محاولة رائعة لتوثيق جزء، ولعله الجزء الاهم من سيرة مناضل، كثيرا ما اختلف حوله لعدة اسباب، وما له وما عليه، ببصيرة تحليلية دقيقة، ويأتي جزء من اهمية الكتاب، من فقدان مذكرات عامر، او في الحقيقة، وكما اعتقد سرقتها من البعض، لغرض في نفس يعقوب، وتسريب جزء منها للنشر، مع ما يتوافق والمزاج السياسي للسارق ومن خلفه، واخفاء او اتلاف الجزء الاهم من المذكرات، واتماما للموضوع، فاعتقد ايضا ان وفاة الفقيد عامر عبد الله لا تخلوا من لمسة جنائية لغرض سرقة مذكراته والغاء فكرة محاولة اعادة كتابتها، بإنهاء جسدي للكاتب .

بعد صدور الكتاب كتبت عدة عروض للكتاب من قراء ومطلعين ونقاد انصفت الكتاب والكاتب وادرجت ما لهما وما عليهما في حدود مادة الكتاب، ومن جانب آخر تناخى البعض من اصحاب الاقلام المأجورة والمسمومة، والذين عز عليهم ان يخلد تاريخ الرجل قدر الامكان وبشكل منصف ومن رفيق وصديق أمين، تناخوا لتشريح الكتاب والمؤلف واتهامه بعدة تهم ومحاولة الاساءة له والطعن به وبأخس السبل، واسخف تلك الاتهامات ( انك تضخم عامر عبد الله على حساب تقزيم الشهيد الخالد سلام عادل )، والكثير من هذا المنوال الاهوج وقد وصف احد الاصدقاء ذلك التناخي السلبي بانه ( ولية مخانيث )، وقد كتب شعبان ردا مناسبا ومتزنا على تعقيب احدهم، بعد ان نشر ذلك التعقيب في صحفية الحزب الرسمية ( طريق الشعب )، لأنه هذا النشر اخذ منحى اخر، لذلك لابد من الرد عليه بما يناسبه. بعدها كتب المدعو عادل حبة ردا على رد شعبان في مارس 2014 بعنوان (شبح الحزب الشيوعي يثير الرعب لدى عبد الحسين شعبان ) خرج فيه عن المألوف، نابشا ومضخما لمحطات أكل الدهر عليها وشرب، في محاولة للإساءة والطعن بمؤلف الكتاب، مركزا ومفتعلا جوانبا مزاجية ليرى فيها مثلبة، وليتوسع في التناول بالسوء لخيرة مناضلي الحزب، قادة وكوادر، لمجرد انهم اختلفوا في المواقف يوما ما مع قيادة الحزب، او كان شعبان عمل معهم او مقربا منهم، ومنهم والدي الفقيد حسين سلطان صبي القيادي السابق والمعروف في الحزب الشيوعي العراقي، وسبق وان وضحنا مواقف وظروف عودة الوالد علنا للعراق عام 1989، وليست على الدبابة الامريكية وبحماية المارينز كما عاد الآخرين، ولا حاجة للإعادة حتى لا نتهم بالتبرم، ويكفي حبه ما جاءه من ردود حول الوالد ومن ناس مقربين منه قبل العودة، تعليقا لنشره لمقال سخيف حول جماعة المنبر، لا يستحق حتى ذكر عنوانه لما فيه من ابتذال وانحطاط ولكاتب باسم منتحل ولكنه معروف ومعلوم الملامح بمدى ( نبل ) اخلاقه وتاريخه الأجوف .   

ترددت وقتها في كتابة رد على حبة لعدة اسباب اهمها الضغوط التي مورست معي من قبل رفاق واصدقاء ومحبين لي وللوالد، لهم مكانتهم الخاصة والغالية عندي، بضرورة الكف والتخفيف من النقد للحزب ورفاقه في الوقت الراهن، وباستخدام الاسطوانة المعطوبة ( مو وقتها، وحتى لا نخدم الخصوم الفعليين للحركة ) .

في 5/8/2020 اعيد نشر مقال حبة (شبح الحزب الشيوعي يثير الرعب لدى عبد الحسين شعبان ) في احدى الصحف المحلية اليومية، ولكن بشكل مبتور، مع منتجة جديدة، تتناسب وتوجهات الصحيفة لإعادة المحاولة في الاساءة مجددا، والسبب في اختيار هذا التوقيت، هو صدور كتاب جديد عن تاريخ الحزب الشيوعي العراقي بعنوان ( صعود الحزب الشيوعي العراقي وانحداره ) يتناول تاريخ الحزب بطريقة مغايرة لكل ما كتب سابقا، وادرجت فيه الكثير من المعلومات الجديدة والفاضحة للبعض، لذلك استفزهم الكتاب، بعد ان اعتقدوا ان لسان التاريخ يمكن بتره، فأعيد نشر مقال حبة المبتور لإعادة الاساءة، لانه الدكتور عبد الحسين شعبان كتب عرضا مفصلا ووافيا وجميلا للكتاب. مع هذا اعتبرت النشر محاولة شخصية لاحد مدعي النبل من المهزوزين والمرعوبين ومعطوبي السيرة والخلق والاخلاق، واقنعت نفسي ان اعادة النشر قد تمت بدون علم حبة، ولكن قيام حبة بنشر المقال وبشكل مرتبك، فمرة يعيد نشره كاملا في الحوار المتمدن، واخرى مبتورا في موقع الناس، ومرة ثالثة ينشر وفي نفس الصحيفة في 22 / 8 / 2020 ما بتر من النشر الاول وبعنوان مقارب (فوبيا  الحزب الشيوعي العراقي تلاحق  عبد الحسين شعبان ) وهذا الاجترار، دلالة على مدى الاستفزاز والارباك والضغوط التي تعرض لها حبة لإعادة النشر، وهنا لا بد من الرد على هذا المدعو حبة وولي نعمته ومن وراءه، حتى نلقمه حجرا ويعرف مدى موقعه وحقيقة قيمته، وهذا الرد ليست دفاعا عن الدكتور عبد الحسين شعبان، فالرجل أولى بالرد والدفاع عن نفسه، وهو اعرف مني بحبة ومن لف لفه من حثالات وخونة الحركة الشيوعية في العراق، وقد لا يحتاج شعبان الى أي رد او تعليق، فشتان بين الثرى والثريا .

يشير حبة في مقاله الى ما حصل في منظمة اليمن وهي من اكبر واهم منظمات الحزب في الخارج مع منظمة سوريا، من مشاكل وتداعيات قذفت بخيرة مناضلي المنظمة الى خارج الحزب راميا بالمسؤولية على عاتق الاخرين دون ان يشير الى دوره وتولي مسؤوليتها فيما بعد واخفاقه في معالجة الموقف بل زاد الطين بلة في تحطيم المنظمة حسب وصايا ولي نعمته. وخلطا للأوراق يعرج حبة على من عاد للعراق من قادة وكوادر سواء من اليمن او غيرها وبشكل مزاجي، فهو لا يشير الى الفقيد شوكت خزندار حتى لا يتذكر كتابه ( الحزب الشيوعي العراقي- رؤية من الداخل ) وما فيه من فضائح كارثية تخص مريدي حبة واولياء نعمته. في حين يذكر الفقيدين عبد الوهاب طاهر وناصر عبود ويستثنيهم من تهمة الادعاء بالتعاون مع النظام ويتهم اخرين بالعمل مع النظام، لا حبا وتقديرا لهما، وانما ابتعادا عن ملف مدينة البصرة ومنظمتها وام عرفان وابو عرفان، حيث اعتقل الفقيد عبد الوهاب طاهر في دمشق ضمن ملف اعتقال العميل ابو عرفان لعلاقتهما كونها ابناء مدينة واحدة، من قبل الاجهزة الامنية السورية واطلق سراحه فيما بعد، وكان هذا الاعتقال حجة اساسية ومساعدة لتهميش عبد الوهاب طاهر وعزله. وتدخل عزيز محمد شخصيا لدى الرئيس السوري حافظ الاسد لإطلاق سراح ابو عرفان فقال له الرئيس : انه عميل يتجسس عليكم وعلينا وكلف احد المختصين بعرض الملف الامني لأبو عرفان على عزيز محمد، وهكذا اسدل الستار وبصمت على ملف ابو وام عرفان، واتحدى عادل حبة ان يخوض بصدق في هذا الملف للأمانة الحزبية والتاريخية ووفاء لدماء الشهداء وخصوصا الذين اعتقلوا على اثر تقارير ام عرفان، والا فليلقم روحه حجرا ويتحمل العار بصمت لا ان يرمي الحجر على الاخرين الذين تراب احذيتهم اطهر واشرف حزبيا وسياسيا منه، ويذكر ان حبة كان ربيبا امينا لعراب ملف ام عرفان، وبعد انكشاف عورتهم اصبح حبة اكثر المتشددين لمقاطعة ام عرفان ومتابعة تلك المقاطعة .

يشير حبة في مقاله الى مشاركة الحزب الشيوعي في العملية بعد سقوط النظام، ويعتبر تداولها وانتقادها ( قوانة مخدوشة ) ويقيمها بصيغة إثم ام لا، هكذا يحاول حبة سلفنة الاخطاء والسلبيات التي تصل الى حد الخيانة بمصطلحات مخففة، والتعامل مع الخيانة كوجهة نظر قابلة للنقاش، فدخول مجلس الحكم من قبل سكرتير الحزب وتحت الحاكم المدني الامريكي بول بريمر يعتبره مجرد مشاركة في العملية السياسية ولا يجوز الحديث بها لاعتبارها ( قوانة مخدوشة ) ويجب تجاوزها، في حين هي القشة التي قصمت ظهر البعير وجعلت منه حزبا شيوعيا بالاسم فقط وعلى الطريقة الانكلوأمريكية ويقيمها بمفهوم ديني ان كانت إثما ام لا تماشيا مع التحالف الجديد للحزب، والاحتلال يعتبره مجرد عملية سقوط نظام، وهكذا يسوف عادل وعلى مراحل ( حبة ، حبة ) لخيانة لا تغتفر للحزب وتاريخه الثر وللوطن والشعب، معتبرا ان الحزب لم يشارك وحده في العملية السياسية وانما غالبية اطياف المعارضة، وبهذا يبرر الانحدار نهو المستنقع الانكلوأمريكي على طريقة ( حشر مع الناس عيد )  .

ضمن التقلبات المزاجية للرئيس الليبي السابق معمر القذفي، قام باستضافة تجمع لما يسمى بالمعارضة العراقية، وبعد انتهاء التجمع وزعت المساعدات المالية على اطياف المعارضة، وكان نصيب الحزب الشيوعي العراقي مبلغا ضخما في حينها تم تجييره باسم زعيم مافيا المنافي والعمل السري وليتحول الى املاك خاصة، بعد ان وزع جزءا منه على مريديه وعرابيه لإسكاتهم، ومنهم عادل حبة، كل هذا ويتشاطر حبة في مقاله بمحاولة الاساءة للدكتور عبد الحسين شعبان لزيارته للقذافي ضمن وفد ما. دون ان يعرج على الزيارة الاخرى للقذافي وما مصير الاموال التي جبيت منها ومقدار حصته منها .           

قبل الختام لنستعرض جزء من التاريخ النضالي الثر للمناضل المغوار عادل حبة وكما ورد في سيرته الذاتية، ولكن اعادة ما بتر منه بمزاجية، بعد انقلاب 8 شباط 1963 هرب عادل حبة الى ايران متوقعا بتغفل انه أمن اتصالا بالحزب الشيوعي الايراني ( تودة ) ومعتقدا انه يدير محطة لاستقبال بقية الهاربين وبتوجيه من الحزب كما يدعي، وفي حقيقة الامر انه وقع في فخ للمخابرات الايرانية ( السافاك ) هو ومجموعة اخرى من الشيوعيين العراقيين وتم تسخيرهم لاصطياد عناصر اخرى من الشيوعيين الهاربين من الجحيم نحو ايران، وبعد انتفاء الحاجة لهم تم احالتهم للمحاكم الايرانية باعتبارهم متجاوزين للحدود بشكل غير رسمي وحكم على حبة بالسجن لمدة 7 سنوات، انهى محكوميته في عام 1971 وسلم الى الحكومة العراقية عبر أحد المنافذ الحدودية ومنها الى مديرية الامن العامة، وكان الحزب الشيوعي العراقي يتعرض في تلك الفترة الى هجمة شرسة من نظام البعث واجهزته الامنية، للضغط عليه باتجاه الدخول في الجبهة المشؤومة مع نظام البعث، وخصوصا في منطقة بغداد، حيث اعتقل توفيق احمد عضو اللجنة المركزية وسكرتير منطقة بغداد، فاعترف وانهار وتعاون مع الاجهزة الامنية، واستخدمته الاجهزة الامنية في دورياتها الجوالة للتعرف على الرفاق واعتقالهم في شوارع بغداد. في تلك الظروف تم التوسط من قبل اهل حبة لدى محمد محجوب، القيادي المعروف في حكومة وحزب البعث، لإطلاق سراحه من الامن العامة، ومعروف ان من تقاليد الحكم الصارمة في حينها عدم التدخل في القضايا الامنية من أي جهة حكومية كانت، بل المعروف عن النظام والطاغية صدام بالذات، في تصفية المعتقل او المحتجز الذي يتم التوسط له على وجه السرعة ردا على صاحب الوساطة، وبالتالي نحن بحاجة الى تفسير طريقة الافراج عن حبة في هكذا ظرف قاسي، وما يثير الشبهات اكثر ان احد اخوان عادل كان طبيبا مقربا من القصر الجمهوري وفي نفس الوقت مدير او معاون مدير لمستشفى ابن النفيس في بغداد، وتم انهاء علاقته بالقصر بعد اكتشاف كونه من اصول ايرانية في فترة الثمانينات من القرن المنصرم، كل هذا وعادل حبة، عضو لجنة مركزية للحزب الشيوعي العراقي وفي خارج العراق، ولا سيما وان اسم حبة مميز ونادر، وبالتالي لا يمكن اخفاء علاقة الطبيب المقرب من القصر بعضو اللجنة المركزية، وهذه محطة مشبوهة اخرى بحاجة الى توضيح وتنوير. في حين معلوم ما حصل للعوائل الشيوعية التي بقيت في العراق من متابعة ومضايقة وحتى اعتقال، كما في حالة عائلتنا، عائلة الفقيد حسين سلطان صبي التي اعتقلت بالكامل بعد ان تم تصفية اخي الشهيد عماد حسين سلطان، وكذلك ما على المدعو عادل حبة الا السؤال عن ما حصل لذوي الدكتور عبد الحسين شعبان ولا سيما والدته المرأة الكبيرة في السن ليفرق بين العميل والمتخاذل وبين المناضل الحقيقي الذي لم تهتز بوصلته الوطنية في احلك الظروف .

يشير حبة الى اعتقاله مرتين عام 1978 واطلاق سراحه دون الاشارة الى ظروف اطلاق السراح في حين يحاول في مقاله الاساءة الى اخرين مدعيا اعتقالهم واطلاق سراحهم في فترة مقاربة .

بعد الافلاس السياسي لعادل حبة وامثاله من دراويش الحزب الشيوعي العراقي، وتساقط احلامهم المزيفة بعراق ديمقراطي حر تحت حراب المحتل الذي قدموا مع دباباته وبحماية قواته، واختفاء أي بصيص من ضوء في نهاية النفق، وبعد ان اخفقت كل كتاباتهم وتحليلاتهم في تقييم الوضع العراقي والمحاولة  المزعومة للنهوض به، عاد حبة الى لندن بلد اللجوء والمستقر المريح وللتغطية على ذلك الافلاس الاحمق، راح ينهش في جسد رفاق الامس ممن كانت الصورة والمشهد واضحا اليهم تماما وكانوا دائما في الموقع الوطني المناسب والصائب، انتقاما منهم لموقفهم الذي شكل مقياسا واضحا للوطنية وفضح زيف ورياء حبة وامثاله، ويكتب ويترجم عن الشأن الأيراني وتاريخ حزب تودة، فالعرق دساس كما يقال .