هذا المقال لا يغطي موضوعة عائشة – زوج الرسول ، ولكنه يعطي بعض الملامح الأخرى لهذه الشخصية الأشكالية . الموضوع : عائشة بنت أبي بكر الصديق ، الزوجة الظاهرة ، منذ ولادتها حتى وفاتها . فقد ولدت سنة 7 وقيل 9 قبل الهجرة ، ومنهم من قال سنة 19 قبل الهجرة ، وتوفت سنة 57 وقيل 58 للهجرة . أما زواجها ، فوفق رواية الصحيحين والتي تقول فيها عائشة ” تزوجني النبي وأنا بنت ست سنين ، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين” ، ( وروايات أخرى ترجح أن سن السيدة عائشة حين تزوجها الرسول كان 18 سنة ، وهو ما ذهبت إليه الأكاديمية السعودية د . سهيلة زين العابدين حماد ، في بحثها الذي نشرته مؤخرا والموسوم بـ” سن السيدة عائشة عند زواجها بالرسول “. / نقل من موقع عربي 21 ) . هذا الذي جعلها لا تعيش مرحلة طفولة أعتيادية ! ، فهي الزوجة الطفلة ! ، وأرى أن هذا الأمر قد أثر على سيرتها الحياتية فيما بعد ! ، والزواج من الأطفال يؤثر نفسيا على الزوجة ، ويخلق لهن مشاكل وتعقيدات نفسية ، فقد ورد في الموقع التالي بخصوص الأطفال : https://alttebiah.net ، ما يلي ( الإصابة بالأمراض النفسية ، فإجبار الفتاة على ممارسة العلاقة الحميمة بعد الزواج قد يصيبها بالاضطرابات النفسية مثل اضطراب الأكتئاب والوسواس القهري وفصام الشخصية ) ، هذا الأمر هو الذي جعل من عائشة شخصية غير سوية ، حيث أنها بلحظة فارقة من طفولتها تجد نفسها زوج رسول الأسلام ! .
القراءة : كان المفروض بعائشة كزوج لرسول الأسلام أن تكون أكثر رصانة وعقلانية وثقلا ، في عهد حياة الرسول ، ومن ثم بعد وفاته ، لكنها لم تكن كذلك ، وسأستعرض بعضا من أهم الأحداث ، التي كانت طرفا بها ، في هاتين الفترتين : المحور الأول – عائشة في عهد محمد : (1) عائشة كان لها دورا في كشف وأستعراض حياة الرسول الخاصة ، والتي لم يجرؤ أي زوج من أزواج الرسول على هذا السلوك ، منها : مباشرة عائشة وهي حائض ، فقد جاء في موقع / أسلام ويب ، بهذا الصدد التالي ( حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا والنبي من إناء واحد كلانا جنب وكان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف فأغسله وأنا حائض ) . وكذلك روت من أن الوحي كان ينزل على محمد ، وهو في فراشي ، فقد جاء في تاريخ الطبري ( روت عائشة : تزوجني بكراً لم يشركه فيّ أحد من الناس ، وكان يأتيه الوحي وأنا وهو في فراش واحد / نقل من موقع الكلمة ) . * هذه الأحاديث تنم عن سلوك به نوعا من الجرأة ، على باقي زوجات الرسول . ولكن أرى أن هذا السلوك لم يكن سويا ، لأنه ينم عن التحدث علانية عن العلاقات الحميمية للرسول ، والتي لم يسبق لأي من زوجات الرسول التحدث به للعامة .
(2) يمكن أن تكون ” حادثة الأفك ” واقعة فارقة في حياة عائشة ! لأن الحدث وضعها في تقاطعات مع الصحابة ، أهمهم علي بن أبي طالب ، وملخصها ( أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما حديث الإفك .. وملخصها : أن المنافقين استغلوا حادثة وقعت لأم المؤمنين عائشة في طريق العودة من غزوة بني المصطلق ، حين نزلت من هودجها لبعض شأنها ، فلما عادت افتقدت عقدًا لها ، فرجعت تبحث عنه ، وحمل الرجال الهودج ووضعوه على البعير وهم يحسبون أنَّها فيه . وحين عادت لم تجد الرَّكْب ، فمكثت مكانها تنتظر أن يعودوا إليها بعد أن يكتشفوا غيابها ، وصادف أن مرَّ بها صفوان بن المعطل السلمي ، فحملها على بعيره ، وأوصلها إلى المدينة.. فاستغل المنافقون هذا الحادث ، ونسجوا حوله الإشاعات الباطلة ، وتولى ذلك عبد الله بن أبي بن سلول ، ومسطح بن أثاثة ، وحسان بن ثابت ، وحَمنة بنت جحش.. فاتُّهِمت عائشة بالإفك . / نقل من موقع قصة الأسلام ) . وفي مواقع اخرى ، تتهم عائشة بشكل صريح مع بن المعطل ( وقد دخل صفوان المدينة في وضح النهار حتى يقطع ألسنة الكذابين الأفاكين ولما رأى عبدالله بن أبي دخول السيدة عائشة على الهودج أشاع مقالة السوء وتلفظ بكلماته الخبيثة: “والله ما نجت منه ولا نجا منها” وجعل يشيع هذا الأمر في المدينة / نقل موقع سلام ) ، وأما علي بن أبي طالب فقال : ( يا رسول الله ، لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير .. ) . المهم في الواقعة تدخل الله في تبرئة عائشة ، ونزلت سورة النور 11( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُم مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) . * ليس مقالي هذا في بحث هل كانت عائشة بريئة أو مذنبة – بالرغم من أن القصة والأسباب غير مقنعة ! ، لأن الحدث مضى عليه أكثر من 14 قرنا ! ، ولكن المثير للأنتباه هو أتهام عائشة من قبل بعض الصحابة دون خوف أو جلل أو تردد تجاه الرسول ، هذا أولا ، كذلك ما قاله علي للرسول ، وهو الأقرب أليه ، والذي شكل موقف معقد حملته عائشة لعلي في عقلها الباطن مستقبلا ، هذا ثانيا ، والأعجب من كل هذا وذاك ، هو تبرئة عائشة من قبل الله ، أي أن الله ترك كل أموره الألهية كرب للعباد ، وتدخل لحلحلة الحياة الشخصية الحميمية للرسول – في تبرئة زوجه من هذه الشبهة ! ، هذا ثالثا .
المحور الثاني – عائشة بعد وفاة محمد : (1) لم تكن لأي زوج من أزواج الرسول من حرية في لقاء الأخرين كعائشة / بعد وفاة رسول الأسلام – خاصة البالغين منهم ، معتمدة على حديث ” أرضاع الكبير ” ، وهذا ثابت في كتب الحديث ، ( وقال مالك في الموطأ ، .. فجاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله فقالت : كنا نرى سالما ولدا وكان يدخل علي وأنا فضل ، وليس لنا إلا بيت واحد فماذا ترى في شأنه ؟؟. فقال لها رسول الله ( فيما بلغنا ) : ارضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها . وكانت تراه ابنا من الرضاعة . فأخذت بذلك عائشة فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال . وأبى سائر أزواج النبي أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن لا والله ما نرى الذي أمر به رسول الله ـ سهلة بنت سهيل إلا رخصة من رسول الله ـ في رضاعة سالم وحده . لا والله لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد . والثابت عن علي بن أبي طالب أن لا رضاع بعد الفطام ، وكذلك عبد الله بن مسعود وأيضا أبو موسى الأشعري – رجع إلى قول عبد الله بن مسعود . / نقل بأختصار من موقع صيد الفوائد ) . * قضية أرضاع الكبير ، شائكة ، حيث كانت عائشة / بعد وفاة الرسول ، تدخل عليها من تشاء دون رقيب ” من تحب ” ! / وفق رواية مالك في كتابه الموطأ ، وهنا أكثر من علامة تعجب في جملة ” من تحب ” ! – وهي شابة أرملة لم تتعدى 18 عاما ! ، والتساؤل هنا: لم لم ترضى أي زوج من أزواج الرسول / بفتوى أرضاع الكبير ، أن يدخلن الأغراب عليهن! .
(2) تدخلت عائشة أيضا في حوادث مفصلية ، بل دموية ، ولأنها كانت ذو رأي وثقل أجتماعي وسياسي وقبلي ، أضافة لكونها زوج الرسول ، فكان لكلامها ذي وقع وتأثير لدى القوم / من الصحابة والتابعين ، من هذه الحوادث مقتل عثمان بن عثمان ، والذي قال عنه الرسول ، الذي كانت تستحي منه الملائكة . فقد جاء في موقع / منتدى الكفيل ، حول دور عائشة في مقتله التالي (( ان الثابت تأريخيا أن عائشة هي التي حرضت الناس على قتل عثمان بن عفان ، واصدرت فتوى بقتله بعد نعته بنعثل اليهودي ، وقالت : اقتلوا نعثلا فقد كفر/ تعني عثمان ( راجع النهاية لابن الاثير الجزري الشافعي 5/80 ، تاج العروس للزبيدي 8 / 141، لسان العرب 14 / 193 ، شرح النهج للمعتزلي 2 / 77) . ونعثل هو رجل يهودي كان يعيش في المدينة طويل اللحية ، وقيل ان نعثل هو الشيخ الاحمق ، وهو رجل من أهل مصر كان يشبه عثمان ( راجع لسان العرب 11/670). وقال ابن اعثم في (الفتوح 1 / 64) : عائشة اول من كن عثمان نعثلا وحكمت بقتله . )) .
(3) وكان لعائشة أيضا موقفا سياسيا من الخلافة ، ونظرا لحقدها على علي بن أبي طالب – بسبب حادثة الأفك ، فقالت قولها من خلافته بعد مقتل عثمان – سنة 35 هجرية ، ناكرة انها المحرضة الرئيسية على قتله ! . فقد جاء في موقع / مشروع الحصن ( قال الامام طبري : كَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْعِجْلِيُّ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ نَصْرٍ الْعَطَّارَ .. عَنْ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، إِنَّ عَائِشَةَ لَمَّا انْتَهَتْ إِلَى سَرِفَ رَاجِعَةً فِي طَرِيقِهَا الى مكة ، لقيها عبد بن أُمِّ كِلابٍ َ- فَقَالَتْ لَهُ : مَهْيَمْ ؟ قَالَ : قَتَلُوا عُثْمَانَ ُ، فَمَكَثُوا ثَمَانِيًا ، قَالَتْ : ثُمَّ صَنَعُوا مَاذَا ؟ قَالَ : أَخَذَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالاجْتِمَاعِ ، فَجَازَتْ بِهِمُ الأُمُورُ إِلَى خَيْرِ مُجَازٍ ، اجْتَمَعُوا عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ : ” وَاللَّهِ لَيْتَ أَنَّ هَذِهِ انْطَبَقَتْ عَلَى هَذِهِ إِنْ تَمَّ الأَمْرُ لِصَاحِبِكَ ! ” ، رُدُّونِي رُدُّونِي ، فَانْصَرَفَتْ إِلَى مَكَّةَ وَهِيَ تَقُولُ : قُتِلَ وَاللَّهِ عُثْمَانُ مَظْلُومًا ، وَاللَّهِ لأَطْلُبَنَّ بِدَمِهِ ، فَقَالَ لَهَا ابْنُ أُمِّ كِلابٍ : ولم ؟ فو الله إِنَّ أَوَّلُ مَنْ أَمَالَ حَرْفَهُ لأَنْتِ ! وَلَقَدْ كُنْتِ تَقُولِينَ : اقْتُلُوا نَعْثَلا فَقَدْ كَفَرَ ، قَالَتْ : إِنَّهُمُ اسْتَتَابُوهُ ثُمَّ قَتَلُوهُ .. ) .
(4) معركة الجمل سنة 36 هجرية . وكانت بين جيش علي بن أبي طالب ، ورهطا جيشته عائشة ، مع طلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام ، أسبابها القصاص من قتلة عثمان . وما قيل عنها من كتاب نهج البلاغة لعلي (( وأمّا فلانة / أي عائشة ، فأدركها رأي النّساء ، وضغن غلا في صدرها كمرجل القين ( أي الحداد ) . ولودعيت لتنال من غيري ، ما أتت إليّ ( أي ما فعلت بي ) ، لم تفعل ( أي ان حقدها كان منصبا على الامام خاصة ) . ولها بعد حرمتها الأولى ، والحساب على اللّه تعالى . ( الخطبة ١٥٤ ، ٢٧٣ ) ، وقال علي عن طلحة والزبير واصحاب الجمل : فخرجوا يجرّون حرمة رسول اللّه ، كما تجرّ الأمة عند شرائها ، متوجّهين بها ( أي عائشة ) إلى البصرة . فحبسا نساءهما في بيوتهما .. ( الخطبة ١٧٠ ، ٣٠٧ ) . )) . وعن دور عائشة يقول طه حسين في كتابه (علي وبنوه) : (( إن عائشة خرجت تتحدث إلى مَن على يمينها محرّضة ، وإلى مَن على شمالها محمسة ، وإلى مَن أمامها مذكرة ، وأنها كانت تشجع الناس على القتال . ويقول طه حسين أيضًا : إن عليَا عندما سمعهم يلعنون قتلة عثمان ، قال : يلعنون قتلة عثمان ، والله ما يلعنون إلا أنفسهم فهم قتلوه ، اللهم العن قتلة عثمان .. )) . أما عدد القتلى ، فوفق أبن كثير – البداية والنهاية (( فصل في ذكر أعيان من قتل يوم الجمل من السادة النجباء من الصحابة وغيرهم من الفريقين ، وقد قدمنا أن عدة القتلى نحو من عشرة آلاف ، وأما الجرحى فلا يحصون كثرة . )) . * ولا بد لنا أن نذكر أن الروايات السنية تتكلم عن عائشة ، على أنها كانت تصالح بين المتحاربين (( قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فإنَّ عائشة لم تقاتِل ، ولم تخرج لقتال ، وإنما خرجتْ لقصد الإصلاح بين المسلمين ، وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال ، فندم طلحة ، والزبير ، وعلي ، ولم يكن ” يوم الجمل ” لهؤلاء قصد في الاقتتال ، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم . نقل من موقع / الأسلام سؤال وجواب )) .
خاتمة : عائشة بنت أبو بكر هي شخصية مختلف عليها بالنسبة للمذاهب ، فهي موضعا للتبجيل والتعظيم سنيا ، وعكس ذلك شيعيا .. ، شخصية غير أعتيادية بل متناقضة ، من جانب تحرض على قتل عثمان ، ومن جانب أخر تطالب بدمه . ترملت شابة ، والأذكى من كل ذلك أنها لم تنجب ! ولكنها تكنى ب ” أم المؤمنين ” وذلك لقوله ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ / الأحزاب: 6 ﴾ . المفارقة أن السلفيون يؤمنون ببقاء المرأة قابعة في البيت ، بينما عائشة ، خالفت ذلك ، فصالت وجالت ، تقابل القوم ، تفتي وتحدث عن الرسول ( قال الحافظ الذهبي في السير: مسند عائشة ألفين ومئتين وعشرة أحاديث ، اتفق لها البخاري ومسلم على مئة وأربعة وسبعين حديثاً ، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين وانفرد ، مسلم بتسعة وستين ) ، تتدخل بشؤون الخلافة ، ووصل بها الأمر بأن تجييش الجيوش لتحارب عليا / معركة الجمل ! .. ممكن أن تكون مظلومة تاريخيا من قبل بعض المذاهب الأسلامية ! ، ولكنها الأجرأ والأبرع والأشهر بين زوجات محمد ! .