17 نوفمبر، 2024 8:35 م
Search
Close this search box.

ظهيرة رجب وقصيدة شهيد!

ظهيرة رجب وقصيدة شهيد!

سادة النصر وأمراؤه، رجال رؤوسهم أرادت الحياة، لتكون طاقة محركة للإصلاح، والخلاص، والتغيير، أحرار معذبون غادروا الدنيا، لكنهم نجحوا في صنع معالم أمة مقتدرة، رغم الآمهم ومعاناتهم، وأمسوا في زمن الخوف، وطناً يؤطرهم الأماني الوطنية الصادقة، لنيل الحريات والحقوق تصبح الأحلام حقيقة وينتصر الحق، شهداء أبرار عرّفوا الإسلام وأوصلوا صوته الى شرائح، أريد لها أن تصم آذانها عن سماع صوت الدين، فما أكثر بركة الشهادة، وما أشدها على أعداء الدين!
التأريخ سجل لنا نماذج مشرفة من المراجع، والأفذاذ، وقادة الفكر، لذا فالحديث عن العظماء يستوجب التأني، والتوقف، والتأمل، لأن كل واحد منهم محاط بهالة عملاقة من الورع، والزهد، والمجد، والتواضع، فهم يسعون للجنة بفردوسها، تاركين الحياة وملذاتها، يقودون سفرهم صوب الآخرة، وشهيدنا السعيد السيد محمد باقر الحكيم (رضوانه تعالى عليه)، أحد هؤلاء العمالقة من أساطين الفكر الثوري الحر والديني الثر، وكأنه يعرف مسبقاً أن عقله، يعيش في ومن والى المحراب.
ظهيرة رجب كانت ناطقة بالدم، وممزوجة بالألم والإنتصار، وحدث فيها أن جسداً ممزقاً، لم ينطق بكلمة واحدة، ودخل قلوب الآخرين من باب الفداء والعطاء، يوم صائم سقطت فيه شجرة، فسمع الكل وسط الدخان سقوطها، لكنهم ما لبثوا أن ذُهلوا برؤية حدائق كبيرة تنمو، ولم يسمع لها ضجيج، بل كانت على مستوى عالٍ من الحكمة والإعتدال، فإلتفت الناس لتميز هذا القائد الفذ الحكيم، لأن إرثه يكمن في أبناء دولة عصرية عادلة.
جسد متشوق ليريق دمه في سبيل الدين، والعقيدة، والمذهب، لأنه يرجو تجارة لن تبور، فكيف بشظاياه وقد بكتها المحراب وناخت بليلته الأولى، وقد ترك عمامته المقدسة، لتصف كرمه وخلقه الحميد وإنسانيته الخالدة، كيف لا؟ وقد حمل هموم العراقيين، وأسس لجان الإغاثة الإنسانية، للشيعة المتضررين من حكم الطاغية، ومركزاً لتوثيق حقوق الأنسان، والجرائم المرتكبة بحق الأبرياء، أما فعالياته ودراساته الدينية والفكرية، فهي كالرحيق المختوم، ليسعد بها الآخرون في بناء دولة المواطنة.
قصيدة شهيد سعيد، تحكي قصة طلب الشهادة قطعة قطعة في سبيل الله، ليكون الأول من رجب يوماً لكل شهيد، عرجت روحه للسماء، ومنح حياته لأجل لعراق، فهو(لا يرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برماً)،إنها شهادة فريدة وثمينة لم يكرم بها إلا القلائل، وهم صفوة مختارة، لكي لايبقى لأجسادهم أثر مادي في الأرض، بل تمتزج أشلاؤهم بهواء الكون الفسيح، ليعلنوا مع كل ظهيرة، أن هناك دماءاً لن تجف أبداً.

أحدث المقالات