لو لمْ تكن الثورة المعلوماتية قد اندلعت , ولو لمْ تكن الشبكة العنكبوتية قد مدّتْ خيوطها الناعمة لتغطّي بها الكرة الأرضية , كما لو لم تكن ” وسائل التواصل الأجتماعي ” قد التهبت في فاعليتها وتأثيراتها التي تَنفُذْ الى ” المسامات ” , لمْا كنتُ تعرّضتُ للكتابةِ عن هذه الظاهرة , لكي لا يتنّدر العرب والغرب والشرق بنا ” وهي ليست مخفيةً عنهم بالكامل والمطلق .! ” , لكنها على الأٌقل ليست معروضة في < فاترينات > الإعلام .!
ما أنْ تهبط ايّة طائرةٍ على المدرج ” عراقيةٌ او غير عراقية ” , وما أنْ تُكملُ سيرها الى نهاية المدرج او مبنى المطار , وفي اللحظة التي تتوقّف عجلات الطائرة عن الحركة , يشرع ويسارع الكثير من الركاب العراقيين فقط .! الى مغادرة مقاعدهم , ويقفون مصطفّين في الممرالرئيسي الضيّق الذي يفصل بين مجموعتي المقاعد داخل الطائرة , والعديد منهم يبدأون بأنزال الحقائب الصغيرة المحفوظة في الجزء الأعلى المخصص لها , وكلّ هذا يحدث بالرغم من تكرّر نداءاتٍ من كابينة الطائرة بوجوب البقاء جلوساً الى أن يُسمح بالنزول .! , والواقع أنّ بعد هبوط ايّ طائرةٍ وتوقّفها فهنالك فترة زمنية قصيرة قد تستغرق قرابة 7 – 8 دقائق او نحو ذلك ينبغي الأنتظار فيها داخل الطائرة لأعتباراتٍ فنيّة . وهذا التعجّل من السادة الركّاب وكأنهم يسابقون بعضهم في النزول لا معنى له على الإطلاق , فينتظرهم الأصطفاف في طابور ختم جواز السفر , وأدخال حقائبهم اليدوية في جهاز الفحص الأمني , ثمّ بعد كلّ ذلك الأنتظار الذي يطول احياناً حتى تأتي الحقائب الكبيرة عبر الحزام الناقل .
ومن مرادفات ما جاء في اعلاه , وعزفاً على ذات الوتر, ففي مطار بغداد الدولي او في اي مطار آخر يتواجد فيه ركّاب او مسافرون عراقيون للمغادرة في رحلةٍ ما , فما أن يذاع النداء ” الأول ” للمسافرين المتوجهين الى مدينة ما للتوجّه الى الطائرة , فأنّ النسبة الأعلى او الأكبر من المسافرين العراقيين ينهمكون ويتسارعون بطريقةٍ تكاد تغدو اقرب الى ” الهرولة ” وهم على عجالة من أمرهم وكأنّ الطائرة سوف تغادر قبل أن يمتطوها .! علماً أنه ” وكما معروف ” فأنّ نداءاتٍ اخرى تتكرر لتنبيه المسافرين للتوجّه الى الطائرة , والأهم من هذا كلّه فأنّ ادارة كل مطار في العالم تعطي فترةً تتجاوز نصف الساعة او اكثر لصعود كافة الركاب , ولا تترك أيّ راكبٍ اذا تأخّر وتواظب على توجيه وتكرار النداءات لتوجهه الى الطائرة , حيث وكما معلومٌ للجميع أنّ كلّ رحلةٍ جويةٍ لها عددٌ محسوبٌ ومحدد من الركاب وبأسمائهم الكاملة .
ما يفرزه كلّ ذلك ” على الأقل ” هو تكدّس الركّاب عند مدخل الطائرة , ومن ثمّ انعدام انسيابية دخول الطائرة لبقية الركاب بشكلٍ هادئ , وذلك يشكّل مصدر ازعاجٍ وانتظارٍطويلٍ للمسافرين الآخرين , ومن الغرابةِ ايضاً أنّ هذه الظاهرة سريعة العدوى وسريعة الأنتشار .! فما أن تقوم مجموعة افرادٍ من المسافرين وتهرع بالتسرّع للتوجّه الى الطائرة , حتى تقلّدها مجموعةٌ او مجاميع اخرى ايضا , لتبدأ بعدها مرحلة التكدّس التي لا فائدة منها .
وهذه الظاهرة ” الجوية ” قد تكون لها أبعادٌ سيكولوجية مبهمة ولعلّها مرتبطة بِ ” علم الأعصاب ” الى حدٍّ ما , لكنها في المحصّلة تسيء الى سمعة العراقيين أمام المسافرين الآخرين من دولٍ وجنسياتٍ اخرى , بالأضافة الى ما تسببه من ضررٍ معنوي على المسافرين الآخرين الملتزمين بقواعد الذوق والأصول , وفي هذا الصدد فليس من السهولة القضاء على هذه الظاهرة بين ليلةٍ وضحاها وظُهرها وعصرها , لكنّ من المطلوب من ” سلطة الطيران المدني ” وادارة المطارات العراقية الأخرى أن تمارس دوراً وبرنامجاً إعلامياً لتوعية ” بعض ” المسافرين الذين على عجلٍ من أمرهم < وكأنّ كلّ واحدٍ منهم ما يُطلقُ عليه بِ ” عبّاس المستعجل ” > .! وتكون آليّة هذا البرنامج بكتابة يافطات واعلانات في اروقة المطارات تدعو للتحلّي بالهدوء والرزانة في التحرك داخل المطار او في داخل الطائرة , وأن يجري تعزيز ذلك بتوجيه نداءاتٍ متكررة عبر مكبّرات الصوت تشير فيما تشير الى ” أَلأبعاد الجوية والذوقية ” لمقولة < العجلة من الشيطان > .
[email protected]