23 ديسمبر، 2024 11:57 ص

ظاهرة التقليد والتبعية في أعمال المقاومة العراقية

ظاهرة التقليد والتبعية في أعمال المقاومة العراقية

العراق بحاجة الى مشروع عمل مقاوم وطني يبتعد عن التبعية والتقليد لتجارب ألآخرين , وتبقى ألآستفادة من الخبرات قضية مشروعة في أطار التقنيات وفنون وسائل العمل المقاوم التي تراكم فيها حس ألآبداع مع حضور سلوك أيماني شديد ألآنضباط بالمبادئ منفتح بالعلاقة مع ألآخر حتى صار التضامن عمل جبهوي محوري في مقابل سياسة المحاور التي يتوزعها أقطاب تقودهم المصالح ألآقتصادية وألآمنية ولذلك نرى متغيرات المواقف التي تشوش المشهد العام للمراقب والمتابع أذا لم يكن ملما بالجيوسياسية ألآقتصادية , ومن هنا نرى تباين تعليقات ألآعلاميين وتحليلات الصحف وتضارب أراء المحللين السياسيين الذين تفتقدهم الساحة ألآعلامية العراقية نتيجة أستيلاء رأسمال يدير الفضائيات بتبعية تصادر عليها هوية ألآنتماء الوطني , وتمنعها من مبادرات ألآبداع والآنتاج المثري للتنمية البشرية .

كان للمقاومة العراقية حضورا تاريخيا سبق تاريخ ظهور المقاومة في المنطقة , وتسجل أحداث ثورة العشرين في العراق معالم ذلك , ألآ أن هيمنة سياسة المحاور الدولية ذات الطابع ألآستعماري بقيادة بريطانيا في تلك المرحلة أستطاعت تفكيك عرى التلاحم العراقي من خلال جعل مشروع الدولة العراقية في العام 1921 مشروعا للغنائم وألآمتيازات , وليس مشروعا لدولة المواطن , ومعلوم أن الغنائم وألآمتيازات تختزن شهوة صراع ألآنانيات التي يفوز فيها المتزلف والمتملق وطلاب الجاه , وهؤلاء جميعا لايوفرون للوطن حضورا قابلا للنهضة والسيادة , ولا يوفرون للمواطن فرصة للعيش الكريم في ظل وطن يحترم شعوره ودولة تتبنى مطالبه , وتجعله مشاركا في البناء وليس مهمشا .

ثم كان للمقاومة العراقية فرصة لآستعادة الهوية الوطنية , عندما كان العرب وألآكراد والتركمان على مشارف توحد لمقاومة ألآستبداد السلطوي في مرحلة الثمانينات , ألآ أن ظروف الهجرة القسرية جعلت قوى المعارضة مشتتة مما أضعف بنيتها , وجعل الدول الحاضنة للهجرة تتدخل في ألآدارة والتنظيم الى حد فقدان القرار , ومن يفقد القرار لايكون قادرا على التوحد الذي هو عماد العمل الوطني المقاوم والمعارض

ولم تكن التسعينات وما شهدته تشكل مرحلة محسوبة على أستمرار أمكانية قيام مقاومة واعية لمتطلبات المرحلة , وذلك لغلبة ردات الفعل غير المخطط لها مما جعلت طاقة الرفض الشعبي تدخل في فوضى الحراك غير المنظم , مما سهلت على أجهزة السلطة القمعية أختراق صفوف المعارضة الشعبية , وجعلت بعض دول الجوار التي لها ولاءات من قبل عناصر أنتهازية أشاعت فوضى لايتقبلها الشارع العراقي مثل تخريب المؤسسات وحرق الوثائق , قابل ذلك مراقبة متحيزة أمريكية رأت في التدخل ألآيراني المباشر خطرا على مصالحها مما جعلها تدعم وتساند نظام صدام حسين على أستعادة سيطرته بالقوة والبطش على محافظات الفرات ألآوسط والجنوب , ومن ألآرقام التي تذكرهنا هو أستباحة مدن كربلاء والحلة والنجف , وتم قتل ” 13000″ ألف مواطن قصفا بالطائرات الحربية مابين كربلاء والنجف على الطريق العام الموصل بينهما .

وتجددت فرصة ظهور مقاومة وطنية موحدة بعد ألآحتلال ألآمريكي للعراق في العام 2003 , ألآ أن التشتت وعدم التنظيم وظهور قيادات غير مؤهلة فرضها واقع مثقل بتراكمات معقدة يتقدمها الجهل وغياب روح العمل المقاوم الموحد , وفي مقابل كل ذلك كانت تكمن خطورة لم يحسب لها حساب على مستقبل المقاومة الوطنية العراقية , ذلك هو نمو الفكر ألآرهابي التكفيري الذي ساهم نظام صدام حسين في العمل على أستقدامه للعراق ردا على ألآنتفاضة الشعبانية في بداية التسعينات , ولذلك سجل حضور الجماعي للعمل ألآرهابي الموجود في أفغانستان على شكل مجاميع أصبحت تبحث عن أماكن لآنتشارها , فتسللت أفراد من تلك المجاميع الى دولها , وكان نظام صدام حسين الذي وظف عزة الدوري لهذه المهمة كان سباقا في العمل على أستقدام ألآرهابيين وتزويدهم بالمال فكانوا يعطون لكل شاب يعمل معهم وفي ظروف الحصار ألآقتصادي المدمر ” 100 ” دولارا أمريكيا , وكانت هذه مقدمات لنشوء ظاهرة التطرف وألآرهاب في العراق , ونتيجة ألآحتقان الطائفي الذي يعمل على ترويجه مشايخ مشبعين بالروح الطائفية وينهال عليهم المال السعودي والخليجي لهذا الغرض , أصبحت أغلب المناطق السنية في العراق حواضنا للآرهابيين ألآجانب والذين كانوا يسمون أنفسهم بالمجاهدين , ولم يلتفت لخطورة هذا العمل سياسيو ومثقفو المنطقة ورجال العشائر ومثلهم مشايخ الدين غير المنتمين للوهابية والسلفية التكفيرية .

وهكذا رأينا ظهور مايسمى بالمقاومة للآحتلال ألآمريكي وأذا بها تتحول الى قتل أبناء الشعب العراقي من الشيعة والسنة على حد سواء مع فوارق لايمكن تغافلها , ثم كشفت عن قناعها أيام المقبور الزرقاوي ألآردني وأذا بها تضع قتل الشيعة قبل اليهود , بل لم يكن في برنامجهم مايشير الى محاربة أسرائيل المنتهكة لحرمة المسجد ألآقصى والمحتلة لفلسطين , حتى ر أينا أخيرا كيف تستقبل أسرائيل جرحى العصابات التكفيرية للعلاج في مستشفياتها , وهذا العمل بحد ذاته كاف لمن لديه أدنى شعور وطني وغيرة أسلامية أن يدين هذه العلاقة ويتبرأ من أصحابها , ولكن شيئا من ذلك لم يحدث ؟

وعندما ظهرت داعش في الموصل وتمددت الى صلاح الدين وألانبار وبعض مناطق كركوك وديالى , لم يكن ذلك مفاجئا للمراقب الذي يعرف طبيعة الحاضنة , لاسيما عندما يكون الشحن الطائفي وألآفتراء المذهبي موجود ويغذى يوميا وعلى مدار الساعة , وهذا مما أدى الى تهميش ألآحزاب السنية في المنطقية سواءا الديني المعتدل منها أو العلماني , وظهور داعش , وصدور فتوى الجهاد الكفائي من قبل السيد السيستاني كانت مناسبة لظهور عمل مقاوم عراقي وطني موحد لاينفرد فيه الشيعة دون السنة , ولكن غيوم الطائفية وغبار الجهل والعنصرية جعل ألآفتراء والتشويش حاضرا خصوصا في بعض ألآوساط السنية مما أثر على قوة وعزيمة ألآندفاع والآلتحاق بالعمل المقاوم , هذا من جهة ومن جهة أخرى كانت التعبئة الشيعية حكرا على أحزاب سلطة فاشلة , مثلما كانت مصحوبة بظهور تبعية غير مريحة بأسم المقاومة , يمثلها أفراد نكرات ليست لهم سابقة سياسية أو جهادية , يساعد على ذلك وجود من يشجع على هذا التكاثر غير المنظم وغير المقنع ميدانيا , ووجود مثل تلك العناصر يجعل التبعية سمة بارزة في صفوف المقاومة , والتبعية ظاهرة طفيلية قاتلة ومحبطة لكل عمل مقاوم , يضاف الى ذلك أن الحكومة العراقية المضغوط عليها بأسم التحالف الدولي وهو تحالف مشبوه بدأت تتضح بعض مشاريعه والحكومة العراقية التي لازالت تعاني من أرباك وتشتت داخلي تتخذ منه بعض ألآحزاب الكردية فرصة لجني المردودات المالية والسياسية التي تجعلها لارجعة لها عن مشروع ألآنفصال الموعود , مثلما تتخذ ألآحزاب السنية مراوحة سلبية ستنتهي بها الى ألآفلاس السياسي , مثلما أن المقاومة التقليدية في التبعية هي في طريقها الى الفشل , وعليه فالعراق يحتاج الى بدائل وطنية جامعة