تعتبر ظاهر التسول من الظواهر الخطيرة جدا لتدمير المجتمعات، حيث أن هذه ظاهرة تكون واضحة للعيان في المجتمعات المتخلفة و التي يطلق عليها المجتمعات النامية ولقد كشفت كثير من الدراسات الميدانية أن الأطفال المتسولين وبعض النساء وكبار السن والمحتالين عندما يقومون باصطناع حالات مشابهة للمصابين بالعجز، ينشطون عبر عصابات تجار التسول و التي تتشارك وتتداخل ضمن سلسلة حلقات من الوسطاء لأغراض جنائية وسياسية واستخبارية حيث يستوقف متسولون من مختلف الأجناس والفئات العمرية لكل منهم طريقته الخاصة في التسول و التي منها الدعاء وقراءة القرآن، وبعضهم يتخذ سرد قصة مؤثرة.
فظاهرة التسوّل من الظواهر السلبية التي ابتليت بها المجتمعات البشرية كافة ،ولم تقتصر هذه الظاهرة على الدول الفقيرة فحسب، وإنما شملت حتى الدول الغنية والمتطورة اقتصادياً ، لكنها اكثر وضوحا في المجتمعات الفقيرة، وقد وضعت بعض الدول حلولاً للقضاء عليها. و الواقع ان هناك آلاف الأطفال يمارسون التسول ويعملون بمهن مشبوهة ويمارسون اللصوصية ولا يوجد احد ليسألهم لماذا تعملون ولصالح من وهل تذهبون الى المدرسة ام لا وفي اي مرحلة دراسية وكيف يعيشون؟ وغيرها من الاسئلة التي ربما تكشف عن مشكلة ورائها تفكك اسري او قضية اجتماعية او حقوق مغيبة او مأساة إنسانية تبحث عن الرقيب وعن الحلول. تقوم بعض الأسر باستغلال أطفالها في عملية التسول، حيث يطلبون منهم بيع بعض أنواع البضائع منخفضة القيمة في محطات تعبئة الوقود، الأشارات المرورية او المناطق السكنية، وعليه يستوجب تضافر جهود كافة قطاعات المجتمع للحد من انتشار هذه الظاهرة التي قد تشكل في المستقبل مشكلة خطيرة بحق هذا النٌشء، ويجب على الأسر أن تزرع في أبنائها حب العمل والكسب الشريف واحترام الذات.
ويجب على جميع المواطنين والمقيمين أخذ الحيطة والحذر وبالأخص ربات البيوت لكونهن متواجدات في المنزل في الفترة الصباحية التي تبرز فيها هذه الظاهرة، ولا يجب السماح لهؤلاء بالدخول إلى المنزل، خاصة وأن العديد من الأشخاص تعرضوا لحوادث سرقة ونصب واحتيال، لذلك لا يجب السماح أبداً أن تكون طيبة القلب وحسن النية سبباً للاستغلال من قبل هؤلاء المتسولين بل يجب منعهم وصدهم من خلال التبليغ عنهم.
وهناك العديد من الآثار المترتبة على انتشار ظاهرة التسول على الفرد والمجتمع في آن واحد، منها تفشي البطالة في المجتمع بسبب ممارسة بعض أفراده لهذه الظاهرة التي تدعو إلى الكسل، إلى جانب ما يخلفه ذلك من تفشي الجريمة، حيث إن المتسول يحصل على الأموال بدون مشقة وعناء، وبالتالي فمن السهل عليه أن يصرفها في الممنوعات التي تكون عواقبها وخيمة.
و للتسوّل أسباب عديدة لا يمكن حصرها في محور واحد ، ولكن الدافع الوحيد لها هو الحصول على المال ، وبمرور الزمن يتحوّل التسوّل نفسه إلى دافع وباعث، و إن وصل المتسوّل إلى حد الاكتفاء والإشباع أو الترقّى ليصبح من طبقة الأثرياء ، فنراه يبقى ملازماً للتسوّل إلى نهاية العمر. و تبدأ ظاهرة التسول بالبروز في حالات الفقر، الكسل، النقص العقلي او الجسدي، فقدان المعيل، المحيط العائلي المتفكك، توارث الظاهرة من الآباء إلى الأبناء و المرض النفسي.
ويقع على عاتق المجتمع العبء الأكبر في محاربة ظاهرة التسول، وذلك لأن هذه الظاهرة تنتشر بتجاوب وتعاون المجتمع معها وتختفي بكف المجتمع عن إعطاء هؤلاء المتسولين المال. إضافة إلى ذلك إنَ المتسول يأخذ حق المستحق دون وجه حق، كذلك أن استمرار هذه الظاهرة على المدى البعيد قد يشكل خطراً اجتماعياً وصحياً وأمنياً إذا لم ننتبه لها ونتعاون للقضاء عليها خاصة وأن هناك بعض الممارسات الخاطئة التي تمارس تحت غطاء التسول تتسبب بفقدان المجتمع لقيمهِ السامية و ركائز العلم و التطور لا سيما و أن عالمنا اليوم يشهد ثورة في التكنلوجيا و تقدم على صعيد العلوم المختلفة و التي تحتاج لعقول متنورة قادرة على المواكبة و المحافظة و تطوير العلوم و الصناعات.