22 نوفمبر، 2024 11:36 م
Search
Close this search box.

طوق نجاة

طوق نجاة

لأن عصرنا هو عصر الاعلام والمعلوماتية ، فنحن نعوم وسط سيل من الاخبار والمعلومات كل يوم ..بعضها تشبه زبد البحر ماان نحاول الامساك بها حتى تتبدد وتتلاشى ، وبعضها مثل موجة عاتية تبعدنا عن اليابسة وتجعلنا في مهب الرياح ..ولأننا نريد ان نعوم دون أن نغرق وان نتمسك دائما بما يجعلنا نرى البر قريبا والبحر هادئا وان نحافظ على توازننا حتى لو غطسنا في اعماقه ، فنحن نحتاج الى طوق نجاة اسمه ( المصداقية ) فهي ماتجعل من الاعلام والمعلوماتية غذاءا نافعا وليس سما زعافا يمكن ان يسقيه لنا كل من يحمل في رأسه هدفا ما ليحول وجهتنا عن اهدافنا الحقيقية ..
بعد كل مامر بنا من ويلات ومصاعب ، من حقنا كشعب يمتلك تاريخا مشرقا ان يسعى الى التقدم الذي قطعت فيه بقية الدول اشواطا في الوقت الذي كنا نرزح فيه تحت ركام سنوات من الحروب والسلوكيات الطائشة للحكومات التي تعاقبت على البلد ، لكن التقدم يبدو مستحيلا بدون حصول تغيير ، والتغيير الصائب يجب ان يبدأ بتغيير العقول ، واذن ، سنحتاج الى الكثير من المصداقية لتغيير ماطال عقولنا من شوائب طوال العقود الماضية ، لكن لوسائل الاعلام طريقتها في ايصال المعلومة كل حسب توجهاته واهدافه المرتبطة بالسياسة ، وبعد ان كانت وسائل الاعلام تتكلم بلسان الحزب الواحد صار عليها ان تمتلك ألسنة متعددة وتتكلم بلهجات مختلفة ويبرز فيها فرسان يصولون ويجولون كل على هواه دون ان ينتشلوا عقول المتلقين من غياهب الجهل وسوء الفهم ، وهكذا تتلقى العقول الكثير من الكذب المنمق ويبقى عليها ان تنجح في غربلته والبحث عن المعلومة الصحيحة والنوايا الصادقة ليحدث الفرق المطلوب ويعقبه التغيير المنشود ..
في نهجه البلاغي ، قال الامام علي بن ابي طالب ( ع) :”لاتنظر الى من قال وانظر الى ماقيل ” وهو مايدعونا الى البحث عن المصداقية والسعي
اليها في كل افعالنا واقوالنا وتقديمها الى قرائنا على طبق من ذهب ..فاذا كان المرء يقول كلمته ويمضي فأن مايقال يبقى راسخا في اذهان البشرية ، وبقدر مايكون الكلام صادقا والمعلومة صحيحة فسيكون لهما تأثيرهما في الاخرين ..
بعد سنوات طويلة من رسوخ ثقافة تكذيب الاعلام واعتبار كل مايقال فيه (كلام جرايد)، ربما حانت الفرصة الان لتعمل الصحافة المقروءة والسمعية والمرئية على تقديم اعلام صادق غير موجه ولامزيف بعد ان تبين لنا مدى قوة الكلمة بمواجهة تقلبات السياسة ومدى تأثيرها على مجريات الامور …ربما ستدفعنا حادثة اختطاف الصحفية افراح شوقي الى التعلق بطوق نجاة ( المصداقية ) لنقول كلمتنا لأن النجاة في الصدق وكسب احترام المتلقين وايمانهم بدور الصحافة يأتي من احترام عقولهم ، واذا كان مقال مسيء في صحيفة قد اثار حفيظة المتلقين وجهات سياسية عدة فلأنه لم يكن صادقا ولم تتبناه جهة واضحة ماادى الى اختلاط الاوراق لتدفع زميلتنا ثمن غياب المصداقية في استخدام لغة الاعلام لمخاطبة العقول والقلوب …

أحدث المقالات