عام مضى على انطلاق عملية طوفان الكرامة لتحرير العاصمة من براثن سفاكي الدماء وسرّاق المال العام(4/4 /2019),على مدى ثمانية اشهر استطاعت استنزاف الحشد الميليشياوي, وأصبح الجيش على مشارف المدينة,وكانت السلطة الفاسدة القابعة في طرابلس قاب قوسين او ادنى من مغادرتها, الكل كان يترقب لحظة دخول الجيش وتامين المؤسسات العامة,اعلنت ساعة الصفر ايذانا بتطهير العاصمة(12/12/2019),تمددت الساعة فأصبحت شهرا,لم يتحسن الوضع الميداني,تدخل المجتمع الدولي لفرض رؤيته للحل عبر التحاور بين الطرفين,اعلنت الهدنة ,مؤتمر برلين لم يضع حلا,بل سعى الى اطالة امد الازمة.
عديد الأسئلة تختمر في عقول البسطاء الذين سئموا الاوضاع الامنية السيئة والاقتصادية المزرية,لماذا لم ينهي الجيش المعركة طيلة الفترة الماضية؟ أ لم يقل بأنه قادر على ذلك في بضعة أسابيع !,وانه اصبح مسيطرا بالكامل على الاجواء الليبية,هل كان فعلا حريص على سلامة المواطنين؟ النازحون من مناطق القتال جاوز 300 الف نسمة,دمّرت مساكنهم وتم العبث بمحتوياتها,لم يعد باستطاعتهم الايفاء بثمن كراء المساكن نتيجة المغالاة التي ينتهجها الملاك (تجار الازمات),انقطاع ابناء المهجرين عن الدراسة ما ينتج عنه فاقد بشري في مخرجات التعليم وإمكانية تحول هؤلاء الى ممارسة اعمال غير شريفة,او انضوائهم في سلك الميليشيات التي تغدق الاموال على منتسبيها.هل المهجرين (سكان المناطق المنكوبة)اقل شانا من الاخرين سكان المناطق غير المحررة,وكتب عليهم دون سواهم دفع الثمن؟ ام ان هناك امور يجهلها العامة؟.
العالم المتحضر لم يكترث كثيرا للمعارك التي استمرت حوالي 3 سنوات في بنغازي وما خلفته من قتل وتهجير وتدمير على ايدي الارهابيين,بل ربما يريد المزيد لأن تكون كلفة اعادة الاعمار كبيرة,فشركاته المتعدية الجنسية وحدها دون سواها من ستقوم بذلك,الامر ولاشك يختلف في طرابلس,فهي عاصمة البلاد وبها الحكومة التي نصبوها عنوة لتعيث في البلاد فسادا,تحت تصرفها ايرادات النفط والغاز التي يتم تحصيلها من قبل المؤسسة الوطنية للنفط لتصب في خزينة البنك المركزي بطرابلس,ويشكل ثلاثتهم اضلاع مثلت افقار وقتل وتهجير الليبيين.
هل الاطراف الخارجية الداعمة للجيش هي التي عرقلت تحركه ولماذا؟ هل كان الجيش ملزما بالقبول بنصائح داعميه وارضائهم؟ام انه كان مجبرا على ذلك لئلا يتوقف الدعم العسكري وبالأخص السياسي في المحافل الدولية؟هل القبول بالهدنة يخدم استراتيجية الجيش في فرض الامن؟ هل كانت هناك هدنة فعلا؟هل الاكتفاء بالرد على الخروقات من الجانب الاخر يعتبر شيئا ايجابيا؟ الى متى يستمر الحال على ماهو عليه؟ بل اشد ايلاما للنازحين الذين فقدوا كل شيء وينتظرون بفارغ الصبر انهاء المعركة والعودة الى ديارهم وان كانت مدمرة,لقد ملّوا النزوح وذاقوا شتى انواع الذل والإهانة.
كيف دخل اردوغان علنا على الخط وأصبح يمد الوفاق بكافة انواع الاسلحة والمعدات بل تعداها الى جلب المرتزقة السوريين ولم يحرك العالم ساكنا؟ وأخيرا وجود بوارج حربية تركية في المياه الاقليمية الليبية وقد قامت باطلاق صواريخها تجاه مواقع عسكرية ليبية والاوروبيون يتفرجون.
ميليشيات حكومة الوفاق لم تلتزم بالهدنة,فهي ترى انه من حقها الدفاع عن معتقلها الاخير وقد تحصلت على كم هائل من الاسلحة بمختلف انواعها من تركيا وغيرها؟ وهي الحكومة الشرعية في نظر العالم رغم فشلها في تحقيق اي شيء ايجابي لصالح الشعب, وأنها عملت وباقتدار كل ما املته عليها الدول التي نصّبتها ولازالت تساندها,وقدم لها اسيادها (الهدنة) فرصة من ذهب لتتنفس الصعداء وتصب جام حممها على المدنيين بالمناطق التي احتضنت الجيش,لتأليب الشعب ضده,كما انها استغلت الهدنة في جلب العديد من المرتزقة ومختلف انواع الاسلحة على مرأى ومسمع العالم الحر المتحضر المتشدق بحظر الاسلحة وحقوق المدنيين.
الحديث عن الهدنة مع الوفاق لمحاربة كورونا مضيعة للوقت,لأنها لا تعبأ بحياة المواطن, فهي اشد وطئا عليه من كورونا وضحاياها ليس بالعدد البسيط .
الى متى تستمر المجازر بحق الجنود نتيجة التهاون وعدم الاكتراث بالخصم واخذ العبر في كل من الجفرة,وغريان والوشكة ؟,الى متى تستمر مراقبة الطيران المسيّر التركي المنطلق من عدة قواعد جوية محلية ولا يتحرك الجيش ساكنا؟ماذا لو قامت تركيا وعملاءها بقطع الامدادات عن الجيش؟بالتأكيد الامر جد خطير,ألم يحن الوقت بعد لاستخدام كافة الوسائل الممكنة لإسكات مصادر العدوان والإجهاز عليها كلية؟,فالأمور لم تعد تحتمل.
لقد اتيحت الفرص للجيش طيلة الثمان الاشهر الاولى لحسم المعركة بامتلاكه مختلف انواع الاسلحة وتنادي القبائل وشباب المناطق الى مؤازرته,واخيرا قفل ابار النفط والغاز وموانئ التصدير دعما للجيش وإضعافا لحكومة الوفاق,لقد خصصت حكومة المؤقتة ما يقرب من 40% من ميزانيتها للجيش,ولكنه تباطأ ضمن خطة(تكتيك) اسماها سحب الميليشيات خارج المدن,واليوم تغيرت الامور بفعل التدخل التركي والتغاضي الدولي عما يجري,فتم تعويض الفاقد في اعداد الميليشيات.المواطن ليس في حاجة الى اقامة مستشفيات ميدانية بمختلف المناطق لعلاج كورونا,بل يجب ان توظف كل الامكانيات لاقتلاع فيروس الاخوان في طرابلس.
ان الظروف الراهنة بسبب انتشار كورونا والحظر الجزئي للتجول يساعدان الجيش على فرض حظر التجول كليا واعلان حالة الطوارئ القصوى بكامل ربوع البلاد والتفرغ لمحاربة الحكومة العميلة وإخراجها من العاصمة,فهي سبب البلاء طالما بقيت في السلطة.
رغم المآسي فان المطالبين بالدولة المدنية,يدركون جيدا بان مهمة الحفاظ على الدولة الليبية ككيان مستقل في ظل التكالب الدولي على نهب مقدراتها ليس بالأمر السهل ولكنه ليس مستحيلا,ايقاف تصدير النفط يجفف منابع موارد الارهاب الاخواني المسيطرون على السلطة منذ 9 سنوات.الجماهير المتعطشة الى الحرية والأمن والاستقرار,تنتظر بفارغ الصبر وفي اسرع وقت ممكن ان ينتصر الجيش الوطني ويقتلع جذور الارهابيين ودواعش المال العام, والسيطرة التامة على مقرات المليشيات المتوحشة لما تحمله من حقد دفين ضد مختلف شرائح المجتمع,عسى ذلك ان يكون قريبا.