في الوقت الذي تغرق فيه سوريا و اليمن بالاضافة الى العراق في بحار من الدماء بفعل نتائج و تداعيات ظاهرة التطرف الديني المصدرة و بشکل مستمر من قبل نظام الجمهورية الاسلامية في إيران، وفي الوقت الذي تتعقد فيها الاوضاع و الامور في هذه الدول بفعل التدخلات السافرة لطهران فيها و وصول الامور الى حد هروب الرئيس اليمني صالح عبد ربه و ترکه العاصمة صنعاء، فإن مسؤولين في إيران يطلون علينا وهم يقدمون تهانيهم بالانتصارات التي يحققها(الجيش السوري)ومايصفونه ب(الثورة اليمنية)، أي جماعة الحوثي الذي قاموا بإنقلاب على الشرعية في البلاد في وضح النهار.
عندما يخرج خطيب جمعة طهران المؤقت، آية الله موحدي کرماني(المحسوب على تيار الخامنئي)، ويصف إنقلاب الحوثيين بأنه”صمود يدعو للفخر” و يعتبر بأن الحوثيين قد”قصموا ظهر العدو”، في الوقت الذي نجد الشعب اليمني يستهجن الانقلاب هذا و يرفضه المجتمع الدولي، فإن طهران کعادتها و دأبها دائما تغني خارج السرب و تتصرف وکأن الشعب اليمني و العالم کله لايعني لها شيئا، بل والانکى من ذلك أن طهران وبعد أن نفذت مخططها المشبوه ضد اليمن و أحدثت أزمة سياسية في البلاد، تعود لتعرض خدماتها”المشبوهة” کعادتها للتوسط بين الاطراف، وهو توسط يسير بطبيعة الحال بإتجاه فرض الانقلابيين کأمر واقع على الشعب اليمني.
في موازاة”خطبة”موحدي کرماني هذا، هنأ مساعد الخارجیة الإیرانیة للشؤون العربیة والإفریقیة، حسین أمیر عبداللهیان النظام السوري، بما وصفها بـ”الانتصارات الأخیرة لقوات الجیش السوري ضد الإرهابیین”، على حد تعبيره. لکن عبداللهيان وهو في غمرة تقديم التهاني بإنتصارات مزعومة مشکوکة فيها، لم يحدثنا عن مقاتلي الحرس الثوري و حزب الله اللبناني الذين باتوا يسقطون يوميا بين قتيل و اسير على يد قوات المعارضة السورية، بل وانه وفي الوقت الذي يناقض نفسه بنفسه عندما يؤکد بأنه”لا شك من أن هذه الانتصارات تبشر بالتحریر الكامل والقریب لمدینة حلب من براثن الإرهابیین والمجامیع المسلحة غیر المسؤولة”، فإنه يعود ليقول ان:” الحل للقضیة السوریة سیاسي فقط”، علما بأن شعوب المنطقة و العالم کله باتوا يعرفون بأن السلطات الايرانية لوحدها تقف مسؤولة مباشرة عن کل هذه المآسي و الکوارث الانسانية الجارية في سوريا و اليمن و العراق و لبنان، واننا نجد من المفيد جدا أن نشير هنا الى أن التطرف الديني الذي صار ظاهرة في المنطقة لم يظهر تلقائيا کما تقول الزعيمة الايرانية المعارضة مريم
رجوي” بل ان هذه الظاهرة استطاعت ان تتحول إلى تهديد عالمي بوجود ارهاب حكومي اي نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران”، وتستطرد رجوي في خطاب لها ألقته أمام المجلس الاوربي في ستراسبورغ عن ظاهرة التطرف الديني بأن هناك المواد 3 و 11و 154، من الدستور الايراني تنص على تصدير التطرف الديني تحت عنوان” الدعم اللا محدود للمستضعفين في العالم”و”من أجل توحيد العالم الاسلامي”، والتي هي تعابير براقة و طنانة تخفي بين ثناياها الکثير من النوايا العدوانية و الشريرة.