23 نوفمبر، 2024 12:17 ص
Search
Close this search box.

طلائع النخبة السياسية ….عمار الحكيم انموذجاً ؟!

طلائع النخبة السياسية ….عمار الحكيم انموذجاً ؟!

أتسق مفهوم النخبة مع الافكار والآراء التي طرحها الفلاسفة اليونانيون امثال ارسطوا وأفلاطون وغيرهم ، والذين اعتبروا أن مفهوم النخبة هي المجموعة التي تمتلك مصادر القوة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وتكون قادرة على قيادة الجمهور من خلال رسائلها ووسائلها وإمكانياتها في تسخير الجماهير لصالحها ووفق معايير ومبادئ مؤمنة وتلتزم بها .
التجربة الديمقراطية في العراق والتي ولدت بعد احداث 2003 وسقوط النظام الشمولي ولدت وهي متعكزة على تركة ثقيلة من المفاهيم السياسية والتي ارتكزت الدولة العراقية عليها منذ نشاتها ، بحكم طائفي ، وموروث ، يمارس فيه الحكم وينتقم من أي جهة معارضة ان وجدت تحاول ان تشارك او تعترض على حكمه ، الامر الذي جعل من سياق الحكومات المتعاقبة على حكم العراق أن تسير وفق هذه المنهجية ، مع تغيير في سياسة البطش ضد الشعوب .
بعد احداث 2003 برز مفهوم الديمقراطية ، والحكم البرلماني التعددي ، والذي يرتكز على أساس توزيع السلطات والأدوار بما يحقق مفهوم التوافق السياسي للمكونات جميعها ، دون أقصاء أو تهميش ، وبغض النظر عن الاحداث السياسية والأمنية إلا ان هذا المفهوم نظرياً مطبق عبر الادوات السياسية كالدستور والقوانين المرعية في هذا الجانب ، الا ان الواقع السياسي عكس هذا التنظير تماماً ، فبرزت نخبة سياسية حملت في اجنداتها ثلاث عناوين :
الاولى : الاجندة الكردية والتي كانت ومنذ زمن الطاغية تسعى الى الحكم والاستقلال وبناء منظومتها السياسية الداخلية ، من برلمان وحكومة داخلية ، اي بمثابة الدولة داخل الدولة ، وفعلا نجحت هذه القوى الى حد ما في تحقيق اهدافها ، وتسعى اليوم الى الانفصال تماماً من الوطن العراق ، وتكوين دويلة صغيرة اسمها الدولة الكردية ، وتكون جارة للعراق .
الاجندة الثانية : هي الاجندة السنية التي تعتقد انها صاحبة الحكم في العراق ، وهي غبر مقتنعة بحكم الشيعة عليها ، ورفضت المشاركة في الانتخابات لانها تكشف الحجم الحقيقي لهم ، لذلك لتفعيل الدور الخارجي المؤثر على استقرار البلاد وأمنه ، ووفق اجندات متعددة كان آخرها دخول تنظيم داعش الارهابي وسقوط المدن السنية بقبضتهم ، وهم اليوم يعيشون أسوء حالاتهم ، فارض مستحلة ومستباحة ، وشعب بين التهجير والهجرة ، ونخبة سياسية تبحث عن المغانم وتسير وفق الاجندات لعلها تجد موطأ قدم لها في اللعبة السياسية .
الاجندة الثالثة : وهي الاجندة الحاكمة المتمثلة بالمكون الشيعي ، وفيه المرجعية الدينية العليا ، والتحالف الوطني بقواه الشيعية ، وهو الآخر يعمل وفق اهداف حزبية ، وابتعد كثيراً عن الالتزام بالرؤية الواضحة للمرجعية الدينية ، والتزم جانب المصلحة الحزبية التي اصبحت هي الحاكمة في اغلب رؤاه .
من بين هذه القوى والشخصيات السياسية برزت شخصية الحكيم ، والتي كانت نتاج موروث معروف لا نحتاج كثيراً الوقوف امامه ، فجده الامام الحكيم (قدس) وعمه السيد محمد باقر الحكيم ووالده السيد عبد العزيز الحكيم ، ورغم الفترة القصيره قياساً بعمره ، التي تعايش فيها مع الوضع السياسي الشائك في البلاد ، بالرغم من ذلك الا انه قرأ الواقع السياسي قراءة واضحة وبدون رتوش ، ورغم ان بعض مواقفه السياسية اخسرته الكثير من مواقف الجمهور على المدى القريب ، ورغم السيل الكبير من التسقيط الاعلامي والسياسي ومحاولة انهاء وجوده سياسياً ، الا انه الرجل تحرك ويتحرك بمنطلق واعي ، وقارى للمواقف جميعها ، بل الكثير من الشخصيات العلمانية تعتقد ان عمار الحكيم سيكون ذات تأثير على السياسة المستقبلية للعراق ، لأنه أستطاع من خلق جو داخلي بين النخب السياسية ، وإحداث ثورة فكرية بين هذه الاوساط ، والإعداد لبروز نخبة جديدة قادرة على تغيير الواقع السياسي الذي عكس جهل وسخافة العقول السياسية ، وجهلها بمقومات العمل السياسي في البلاد .
أعتقد ان خطابه بدأ يتسق ويناغم حاجة الشارع العراقي ، واخذ يقنع الكثير في ضرورة تكاتف الجهود من اجل بناء دولة مدنية عادلة ، وان على الجميع التجرد والانسلاخ من الانتماء القومي والمذهبي والحزبي والركون الى الانتماء الوطني ، وبناء الدولة على أسس المهنية والكفاءة ، كما يجب على الشركاء في التحالف الوطني النظر الى خطاب الحكيم بعين المسؤولية والابتعاد عن الخصومة والتخاصم ، واخذ المبادرة والإعداد والاستعداد لبناء نخبة سياسية جديدة تكون قادرة على قيادة المرحلة المقبلة وبيد واحدة ورؤية نابعة من الانتماء والولاء للوطن .

أحدث المقالات

أحدث المقالات