18 ديسمبر، 2024 10:03 م

في جبهة القتال وأنا أمارس طقوسي القتالية اكتب لكِ ويداي المتعبتان الملطخة بالغبار ترتعشان من لهف الشوق إليكِ، وقلبي المرتجف للقياكِ والذي يرنو الرحيل أليك، وجسدي المُتَهالك من كثرة الحزن، وبؤْس الحياة والموت وشؤْمِهِما.
إلى شقراء حيينا الجميلة،إما بعد:
ها أنت اليوم قد ناهزتِ العشرين عاما وأنا هنا جالس أتخيلك كيف أصبحتِ وكيف ازددت ِ جمالاً وإشراقا أتخيل قسمات وجهك الملائكي وجمالك المبهر ذا الملامح الطفولية،أتخيلك بشعرك الذهبي المنسدل على كتفيك، وعقدك الساطع كلون الشمس،الملتف على رقبتيك،وعينيكِ الخضراويتين الواسعتين،وشفتيك الممتلئتين التين تسحران كل من رآهما،أتخيلك وأنتِ ترتدين فستانك الأبيض الطويل وأنا أرتدي أجمل ما لدي من ثياب،واقف أمامك أنظر أليكِ أمام الجميع بأعين حالمة، لم تصدك تحقيق حلم لطالما تمنت وانتظرت تحققه،ضوء وجنتيك يناديني ويتوسم إلي برؤية المستقبل القريب، انظر أليكِ ونحن نطرب على مكبر صوت الأغاني(الجوبية) تتعالى، وأصوات الأقدام وهي تتراقص فرحاً ممتزجة مع أصوات زغاريد النساء اللاتي تعلوا وتعلوا فرحاً وطرباً، وتصفيق أيديهن إبتهاجاً، وابتسامة أمي التي غابت طويلاً وظهرت من جديد،ورحيل السواد الذي كانت تحتضنه طويلاً منذ وفاة أبي، بعد أن استبدلته بلون زاهي أعاد الحياة إلى وجهها المتعب، وكأنها تخبرني بأن العمر قد تبسم لها من جديد بعد أن كان عابساً، فقد حققت رغبت أبي التي كان قد أوصى بها أمي بأن تبتسم عندما يحققه ولدها.
لا أعرف ماأقول لكِ وكيف أتخيلك فأنت أجمل امرأة، لايمكن وصف روعتها ولطافة محياها ورونق عطرها الأخاذ.
هل تعلمين، كم سهرت وأنا أتخليك أمامي ويشب في قلبي حريق ولهة العاشق المشتاق،هل تعلمين أن الشوق يمارس طقوسه المرهقة في رأسي كل يوم؟
هل تعلمين، حتى في جبهة القتال أواخر اللِيل يهدأ المكان يعود الكل لمأواه إلا أنا عيني تموت شوقاً لأيامك التي أتمناها أن تعود
هل تعلمين، أنه حتى في أسوء لحظات الصراع مع انتهاء الحياة واستمراها يشدني الشوق إلى لقياك؟ حينما سمعت صوت إطلاقا لنار الكثيف، وأصوات ممن كان معي يصارع للنجاة، وهم يندهون بأسمي، وما أن التفت إليهم واذا بي شعرت بحرقة في راسي، وانتقلت إلى فؤادي!أغمضت عيني لولهة، وفجأة استيقظ على إيقاع ضحكتك ويداكترومان الالتفات واعتناقي،وأنا أحاول جاهداً الوصول اليهما، ولكن عبثاً أحاول!
أنادي بصوتي تعالي اقتربي! لماذا تبتعدين؟أنقذيني!
وما أن ضعف جسدي وخرت قواي مستسلمةً للأمر الواقع، بعد محاولات عديدة لأن أبقي مستيقظاً قدر المستطاع ومتحدياً سقوط ورقة العمر من شجرتها، ولكن عبثاً أحاول، فلا يمكن لأي إنسان أن يتحدى ما رسمه له القدر!! وفي هذه الفترة الوجيزة التي مر شريط العمر بأكمله وكأنه فلم سينمائي! استطعت أن أكتب في نهايةً إحتضاني للحياة إلى معشوقتي بخط دمي، ووضعتها في جيبي قبل أن التلفظ بأنفاسي الأخيرة، مودعاً روحاً لطالما تمنيت الإرتماء بأحضانها وتنفس عطر أنفاسها، وحتى لو فارق جسدي مكان وجودها لكن قلبي بقي يرتجف شوقاً إليها.
وموثقاً حزن أمي وعبس الحياة في وجهها للمرة الثانية، وكأن القدر وقف ضد رؤية إبتسامتها مجدداً، ويبدو من الأمر أن الثوب الأسود سيبقى ملتصقاً في جسدها حتى الممات!
هكذا فقط!!