18 ديسمبر، 2024 10:01 م

طـروادة الجائعـة وحصان من اللصوص !

طـروادة الجائعـة وحصان من اللصوص !

– [استمر أولوا العلم والحق بجانب المعارضة في خط بياني يرتفع وينخفض على مر التاريخ وفقاً لما هو شرعي من ناحية ولما هو “متوفر” من ناحية اخرى ، مع الاصرار على نهج المقاومة النبيلة التي لا تطعن في ظهر ، ولا تستقوي بشيطان على شيطان آخر ، معارضة مثالية من النوع النبيل لا تتوفر الا لمن اجتباهم الله تعالى ومن سار في خطهم وآمن بطريقهم.]
[لكل هذا اصبحت مهمة التقارب اصعب ، وابعد عن النجاح ، وكذا مهمة المدافع عن التشيع كما سنه ائمة الهدى عليهم السلام اصعب ، لأن المتلقي اكثر تأثراً برجل الدين الفاسد الذي تزيى بالزي الحوزوي لينهب المال بأسم الدين ، اكثر من تأثره برواية يسمعها عن نهج امير المؤمنين عليه السلام في الحكم مثلا].
[ اكتشف الطرواديون ان حصان الخشب الذي اخترق المدينة لم يكن يخفي في باطنه سوى مجموعة من اللصوص لا اكثر !]
.
.
.
.- اخطر انواع الانتهازية هي تلك التي تمارس عبر مكاتب السياسة . وأسوأ النتائج التي يمكن تخيّلها هي تلك التي اعتمدت على جملة من البديهيات اتضح لاحقاً انها مجرد خيالات واهرام من الوهم صنعته ايادٍ غير طاهرة وغير امينة.
اعتبر الجمهور الشيعي العراقي بنظرية مفادها ( تصحيح الخطأ التاريخي) لاربعة عشر قرنا من الدماء والتفكك صنعته الاهواء البشرية في واحدة من أعقد مراحل التاريخ ، حين تصارع الإلهي والسماوي مع النوازع والرغبات والعصبيات القبلية التي جاء الاسلام ليضعها على المحك وليبدلها باخلاق أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم ، فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا ….
لكن ، وجرياً على سنن التاريخ فقد حدث ما حدث ، وانتصرت النفس الأمارة لكل ما هو شخصي وقبلي ضاربة عرض الحائط كل قيم الجمال والرقيّ التي بشر بها محمد وعترته الطاهرة (ص) والمخلصين من الصحب ، واستمر أولوا العلم والحق بجانب المعارضة في خط بياني يرتفع وينخفض على مر التاريخ وفقاً لما هو شرعي من ناحية ولما هو “متوفر” من ناحية اخرى ، مع الاصرار على نهج المقاومة النبيلة التي لا تطعن في ظهر ، ولا تستقوي بشيطان على شيطان آخر ، معارضة مثالية من النوع النبيل لا تتوفر الا لمن اجتباهم الله تعالى ومن سار في خطهم وآمن بطريقهم.
– ما أن تغيرت الظروف السياسية بعد 2003 حتى برز نهج غريب وطاريء على الفكر الشيعي السياسي ، منهج يستدل بالنظرية الميكيافيلية اكثر مما يستدل بكلمات المعصوم ، منهج يقوم على الاستثمار المريض للوقائع طمعاً في مكاسب شخصية دون ان يفكر بأكثرية ستبقى في بلد عمره آلاف السنين.
لقد نجح بعض المحسوبين على التشيع من سحب عقول “الاكثرية” المضطهدة تاريخياً الى قصة عقيمة مفادها استغلال الفرصة للتمكن باستنهاض الظلم التاريخي الذي عانت منه تلك الاكثرية .
والحقيقة ليست في ذلك ، انما الطامة الكبرى ان المكاسب المستوفاة من تلك الصفقة الشيطانية ليست كما يصورها المستفيدين واباطرة المال ، فهي مكاسب آنية لمجموعة بعينها وليست مكسباً تاريخياً ، و هي عبارة عن اموال وثراء فاحش يخص طبقات بعينها دون ان يكون نصيب لجماهير ” الاكثرية” في تلك الصفقة ، على ان يتم استقطاع الثمن الباهض من دماء واموال واعراض تلك الاكثرية !!!
الاكثرية المضطهدة لا زالت تفتقر الى مقومات العيش الآدمي بالحد الادنى ، يزاد على ذلك انها تحملت وستبقى تتحمل اعباء انفراد من يدعي تمثيلهم في السلطة ، قتلاً وتشريداً وكرهاً من المحيط الاقليمي ، في المقابل ايضاً تحررت “الأقلية” من عقدة انتمائها للسلطة الغاشمة على مدى عقود ، وبرزت في العشر سنوات الاخيرة كطائفة مظلومة من قبل سلطة الاكثرية الغاشمة ، بل صوّر الاعلام البغيض ان الاكثرية الجماهيرية هي السيف الذي تمتشقه السلطة ضد الاقلية الضعيفة والمضطهدة فياله من ظلم !!
لقد اثبتت الوقائع طوال السنوات الماضية ان ما يُعرف بـ( المصالح العليـا للتشيع) في خطر اكبر مما واجهته من ظلم السلطات التعسفية طيلة القرون الماضية ، فوجود من يدعي الانتماء للشيعة على سدة الحكم وممارسته للظلم والاجحاف والسرقة ونهب الخيرات واستنزاف الموارد والتورط بالدماء العراقية للطائفتين على حد سواء ، جعل المقابل ينظر بعين الريبة والتخوف الى الفكر السياسي الذي تمارسه تلك المجموعة بأسم المذهب ، هذا ان كان المقابل منصفاً طبعا ، وإلا فهو ثابت العقيدة في رفض المذهب الشيعي مقدماً ، الا ان ما تأتّى من ممارسات السلطة قد يضيف ادلة اخرى تسعفه في نقد الشيعة والتشيـّع .

الاضافة التي قلما ينتبه لها الكثير ، ان تلك السلطة الغاشمة التي ادعت لنفسها تمثيل المكون الشيعي ، تركت الاكثرية الشيعية بدون مصدّات ولا دفاعات في حالة انهيارها -السلطة -كمجموعة سياسية بائسة زُحزحت عن سدة الحكم،وهذا وارد جداً ان لم يكن بالطريق الديمقراطي ( لا ينص الدستور العراقي على تولي الاكثرية الشيعية لرئاسة الورزاء – فلو اجتمع الكرد مع السنة وبعض الاحزاب الصغيرة ممكن جدا ان يحصلوا على رئاسة الوزراء خصوصا مع توالي المشاكل المزمنة مع رئيس الحكومة الحالي) ، او بالتدخل الدولي المباشر كما حصل مع الطاغية البعثي .هذا وارد ايضا بلحاظ منظومة المصالح الامريكية في العراق والمنطقة المتغيرة دوماً.
وربما تصحو الاكثرية ذات يوم لترى نفسها في وضع مستصعب قوامه :
– الانهيار الاجتماعي الحاد نتيجة التشرذم السياسي
– تفشي الامراض والفقر في المناطق الوسطى والجنوبية مقارنة مع مثيلاتها في غرب وشمال العراق ، ( لاحظ ان شوارع الفلوجة انظف من شوارع الناصرية والبصرة والاستثمار في المناطق الشمالية والغربية قد خلق جو من الرفاهية النسبية عكس ما حصل في الوسط والجنوب حيث استغل اسم الاستثمار لادارة مشاريع وهمية غالباً او غير ذات جدوى في احيان كثيرة – فمثلا البصرة تبني منذ ثلاث سنوات مدينة رياضية تكفي اموالها لبناء بصرة متمدنة “مرتين” وحسب الطراز الحديث بينما تبقى مشاكل المياه المالحة والمجاري والكهرباء ولا من علاج !!)
– عدم الاعتماد على المؤسسة العسكرية العراقية في الدفاع عن الشعب ، وهذا وان كان مؤلماً الا انه يمثل العقيدة العسكرية التي ابتنى عليها الجهاز العسكري والامني في العراق ، فهي مع صدام بالامس ، وهي مع المالكي ومجموعته اليوم ، وغدا مع اي حاكم آخر.وقدر تعلّق الامر بحوادث التاريخ سنرى كيف يلوذ خضير الخزاعي بكندا والشهرستاني ببريطانيا بينما يلوذ الفقراء بفقرهم وحسب!!
الامر المقلق للشيعة هو آخر ما يفكرون به ، فهم من تفجير الى آخر ، ومن سرقات الى اخرى ، دون ان تترك لهم الايادي المجرمة فرصة للتفكير في المصير المجهول !
مصير مرعب ، صنعه مجموعة من اللصوص الذين تلبسوا باشرف المذاهب ، فأضروا بالمذهب ، واضروا بالشيعة .
لكل هذا اصبحت مهمة التقارب اصعب ، وابعد عن النجاح ، وكذا مهمة المدافع عن التشيع كما سنه ائمة الهدى عليهم السلام اصعب ، لأن المتلقي اكثر تأثراً برجل الدين الفاسد الذي تزيى بالزي الحوزوي لينهب المال بأسم الدين ، اكثر من تأثره برواية يسمعها عن نهج امير المؤمنين عليه السلام في الحكم مثلا .
كما ان التورط في تهريب القتلة من السجون فيما التعدي السافر على الابرياء لا يتفقان مع شخصية وملامح المقاتل الشجاع-والنبيل الذي يأبى الغدر مثلما يأبى الضيم وهي الشخصية الحسينية على صاحبها آلاف التحية والسلام.
لكل هذا يجب ان يُدق ناقوس الخظر من ان المصالح العليا للتشيع ستبقى في خطر محدق طالما بقي السراق والفاشلون يحكمون باسم الدين في دولة كالعراق ، وأدعي أن هذا بالضبط ما تحاول ان توحي به المرجعية الى الجمهور …