18 ديسمبر، 2024 8:39 م

انني ممن يؤثرون العافيه ، ولاشك ..وهكذا أمرنا وهذا مايجب ان يكون عليه الانسان وماوصى به الدين ..ولكن السؤال ! هل هذا يعني ان اسلك مااصطلح على تسميته بين الناس -زورا- (طريق السلامة) ؟ لا ..لن افعل
اولا لانني ان فعلت وفعل زيد وعمر ، سيستمر انحدار المجتمعات التي نعيش فيها والتي علينا مسؤولية اعتبارية تجاهها وتجاه ضمائرنا وديننا واجيالنا ..نعم ، لست غرا ولا شابا في مقتبل العمر لأجهل النتائج كما كنت يوما ..او اغفل عن الخسائر المحتملة بل المؤكدة ..فقد رايت الحياة وعركتها ورايت امامي رجالا يخسرون مواقعهم بسبب الحق واتباعه ..وبسبب المواجهة ومحاولة الاصلاح ..ولانهم لم يسلكوا طريق السلامة ..(وهم قلة نادرة ولاشك ) فلو كنا اغلبية لما شكونا..
ورايت اناسا خسروا مصالحهم ورايت نفسي وانا اخسر صداقاتي وعلاقاتي التي بنيتها ايضا بتعب السنين ومزاورة الناس ومخادمتهم ..وهذا ليس هين ، فكل ذلك من العمر القصير الذي لايعوض ولن يعود … ولكن عزائي انهم اناس غير ماسوف عليهم ..فلست ارضى مجددا مصاحبة اهل الباطل ولا مناصريه ولا الساكتين عنه ولا المؤيدين لرجاله ..صغر شأن هذا الفعل الباطل او كبر .(الا ماكان غير مقصود او ماوقع خطا او جهلا واعقب ندما من صاحبه وأوبة الى الحق ..فكلنا خطاءون) ..
ورايت رجالا يخسرون منافعهم واموالهم وحظوتهم لدى السلطان ..بسبب قول الحق قليلا او كثيرا ..وآخرين يخسرون حريتهم وقد خسرتها مرارا وانا صغير وكذلك وانا شاب وخسرتها وانا رجل ، خسرتها من اجل كلمة او سطر او اعتراض على رجل ظالم او حاكم مستبد،بل واحيانا بسبب مزاج رجل متنفذ او مجموعة رجال وضعهم المجتمع المفكك في موضع المتسلطين عليه وهم من سفلة القوم عقلا ونفسا وضميرا ونشاة ومعتقدا..وخسرتها حسدا وضغينة وخسرتها لقلة المناصر ولجهل الناس بحقوقهم وتغاضيهم عنها ..
ولست اذكر في حياتي كلها انني ارتكبت جنحة او جناية او حتى اعتداءا او تقصيرا متعمدا في واجب ولا ازكي نفسي ..ولكن سجل حياتي يقول هذا ..ولكنني مع هذا خسرت حريتي لعدة مرات ..وصرت خلف قضبان السجان ..فضلا عن خسارتنا الدائمة جميعا لحريتنا الاعتبارية حيث نسير في الشوارع خارج القضبان وناكل الطعام ولكننا لسنا احرارا في بلادنا..والحرية كما تعلم اغلى من كل شيء الا الشرف..بل ورايت رجالا يخسرون حياتهم من اجل ذلك ، ولو كانوا يعلمون انهم سيخسرون حياتهم مااقدموا على فعل ذلك ..ولساروا في (طريق السلامة!) ..ولكنهم ظنوا ان الاجرام لن يصل بالبشرية الى هذا الحد ! ان تنهي حياة انسان بسبب رايه او قوله للحق صغر شان هذا الحق ام كبر (فهو حق ) ..ومنهم من يعلم ان الثمن قد يكون هكذا ولكنه لم يتأخر..وهؤلاء من شجعان الرجال ولاريب ..ولا افهم كيف لهم هذه الشجاعة ..فلست كذلك ،! رايت كل هذا واعرفه ولكن هل امتنع عن قول الحق ؟! لن افعل ..فهذه الحياة ليست كل شيء .
فهناك دار عدل اخرى ، وفي الحديث: ( يقتص الخلق بعضهم من بعض ، حتى الجماء من القرناء ، وحتى الذّرة من الذرة ) فقال القاري : “وهو وجه حسن وتوجيه مستحسن … ، وجملة الأمر أن القضية دالة بطريق المبالغة على كمال العدالة بين كافة المكلفين ، فإنه إذا كان هذا حال الحيوانات الخارجة عن التكليف ، فكيف بذوي العقول من الوضيع والشريف ، والقوي والضعيف ؟”
اعرف ان الناس بلغ بهم التفكير المنفعي ان يتجنب الرجل ان يدلي براي بسيط يناصر به حقا هامشيا لا اثر كبير له ..ولكنه حق .. تجاه صديق عابر او رجل لايعرفه ولاتربطه به وشيجة يخشى معها فقدانه او فقدان محبته احيانا فنلتمس له بعض العذر ..ولكن حتى امام سائق حافلة متهوريتردد وامام موظف بسيط مرتشي او متسيب يتراجع ويخذل رجلا اخر معه الحق ! فيخذل معه مجتمعه واولاده ولايدري !
بلغت الدنية في الناس (ولا ادري ان كانت بلغت او انها هكذا منذ الاصل ولكننا لم نكن واعين ) ..بلغت بهم حد انكار الحق وتاييد الباطل علنا او في الاقل غض النظر عن الباطل او تحاشي الجهر بكلمتين او ثلاث ..حتى وان لم تكن تجاه السياسات والحكومات ..والا لهانت وقلنا -يخشى من الساسة- .ولكنها كلمة في مجلس وقبالة اصدقاء اوغرباء وفي موضوع لايمس السياسة ولا العشائر ولا الشرف ولا اي شيء مما يحاسب عليه ..فهو يلتزم الصمت، فقط لانه يفكر انه يسلك طريق السلامة الذي يراه افضل (واسلم ) كما يحلو له ان يخدع نفسه ..فلايناصر المظلوم على الظالم ولو بكلمة في وجهه ..ولايغضب احدا لاجل احد ..ذاك لانه (رجل طيب ) ولايحب التشاحن او الاختلاف مع احد ..اي رجل هذا ؟ لن اكون كذلك ..
فستكون لنا حياة اخرى اكثر عدلا وسينصف فيها كل مظلوم ممن ظلمه ….. “وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ.”
الله الرزاق وهو النصير وهو الغالب وهو الحي ونحن ميتون وهو الغني وكلنا فقراء لاننا بلاحول نمنع فيه المرض او عوارض الدهر ولاقوة نوقف بها الموت ..فلماذا الجبن وطريق السلامة ..وماهو طريق السلامة ؟ هل هو ان تجامل الجميع وتحابيهم ولن يكون لك راي مع جانب محق حتى في قضية ثقافية او اخلاقية او اجتماعية بسيطه ؟ فكيف بالقضايا الكبار اذن ومصير الامم ومستقبل الاجيال ؟! تريد هذا كله وانت سلبي وطيب وصديق الجميع ..الباطل والحق ّ؟
طريق السلامة الحقيقي هوطريق السلامة (للجميع وبدون انانية فردية ) وليس طريقا تسلكه وحدك لتنجو ليومك جاهلا غدك ولتنجو بنفسك ناسيا ولدك واهل بيتك اولتنجو بولدك متنكرا لمجتمعك ..بل طريق السلامة هو الذي يمكن للكل ان يسلكه ..وهذا يعبد بالنقد وقبول الرأي في كل شيء ..والجراة على الاعتراض على الباطل او الخطأ مهما صغر، ومتابعة الجانب الصحيح مهما كانت تفاهة الامر ..واتخاذ طرف واحد حق ومناصرته ولو بكلمة ..فمن يسكت عن رد صديق عن خطئه الصغير لن يقوى ان يرد مستبد عن غيه الكبير ..وعندها سوف لن يبقى (طريق سلامة ) لأحد …لاللمتجنب ولاللمقتحم ..