كلنا سمعنا عن طريق الحرير في عالم الشرق القديم , الذي بدأ من الصين العتيقة والعتيدة , وعن الدور الكبير لهذا الطريق في بلورة العلاقات التجارية ( وغير التجارية ايضا وطبعا ) بين الشعوب المختلفة والمتنوعة , والذي ابتدأ منذ اكثر من 3000 سنة مضت تقريبا حسب بعض المصادر , عندما اكتشفت الصين صناعة الحرير, واستمر لسنوات طويلة عبر التاريخ كما هو معروف , وتريد رابطة الكتٌاب الاردنيين في الوقت الحاضر ان تبعث الحياة من جديد في هذا الطريق العتيق وتحوٌله الى مشروع عالمي ثقافي عملاق وتطلق عليه تسمية – ( طريق الحرير الثقافي ) , وقدٌمت الرابطة المذكورة مقترحا متكاملا الى اتحاد ادباء آسيا وافريقيا حول ذلك , وتبنى هذا الاتحاد تلك الفكرة الجريئة و المبتكرة والغريبة والفريدة فعلا من نوعها وأعلن كل التأييد لها وعممها على الاعضاء الاخرين في الاتحاد , وساهم الاخرون ببلورة الافكار حول ذلك ابتداءا من رئيس الاتحاد الاستاذ محمد سلماوي ( من مصر ) والذي تحدث عن هذا المشروع بحماس ولكن بحذر دبلوماسي رشيق ودقيق , ورئيس اتحاد الكتٌاب والادباء في العراق الاستاذ فاضل ثامر,والذي جاء من بغداد حاملا معه دراسة باللغة الانكليزية تتناول الابعاد التاريخية والفكرية لهذا المشروع الكبير , وعقدت جريدة ليتيراتورنايا غازيتا ( الجريدة الادبية ) الروسية الاسبوعية جلسة خاصة في مقرها بموسكو ( ساهم فيها السيد رئيس تحرير الجريدة الكاتب الروسي المعروف يوري بولياكوف , والذي يرأس تحريرها منذ عام 2001 ولحد الان, وساهم في هذا الاجتماع ايضا الكثير من محرري تلك الجريدة ), حيث استضافت هذه الجريدة اعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد ادباء آسيا وافريقيا ( الذي عقد جلسته في موسكو بدعوة من اتحاد ادباء روسيا ) لمناقشة تلك الافكار ودراسة سبل دعمها
والتخطيط العملي لتنفيذها , واصدار ملحق خاص قريبا للجريدة حول طريق الحرير الثقافي لتوضيح هذه الفكرة المهمة للقارئ الروسي المعاصر ودعوته للمساهمة في هذا المشروع الثقافي والحضاري الكبير , وتحدث رئيس رابطة الكتاب الاردنيين الدكتور موفق محادين في تلك الجلسة حول هذا المقترح باسهاب , مرحٌبا بعودة روسيا الاتحادية الى المشاركة الفعالة بالحياة الدولية ومسيرتها و مؤكدا على رفضه لمبدأ القطب الواحد في السياسة والفكر على النطاق العالمي , وعلى ضرورة السير الحثيث في طريق تعددية الاقطاب, وتوقف عند تلك الايام التي كان فيها الاتحاد السوفيتي يمثٌل جهة كبيرة وفاعلة في مسيرة الاحداث , وخصوصا في عالمنا العربي وبلدان آسيا وافريقيا , وربط مقترح رابطة الكتٌاب الاردنيين هذا حول احياء طريق الحرير الثقافي بتلك النظرة المستقبلية الى عالم الغد , عالم التعددية في الافكار , كي يستمر المثقفون في العالم بمسيرة ابداعهم في تواصل الحضارات وتعايشها لا صراعها , وقد استشهد الدكتور موفق محايدين بما نادى به هنتنجون حول صراع الحضارات – حسب خطط الدوائر الدولية المعروفة – والتي تؤدي الى تناحر الامم والشعوب وتمزيقها وتحطيم طاقاتها وثرواتها وتقطيع رقعة جغرافيتها , وبالتالي ايقاف مسيرتها الحضارية واخضاعها لارادة ومصالح تلك الدوائر الدولية . وتدعو رابطة الكتاب الاردنيين في مشروعها المتألق هذا الى – ( اعادة الاعتبار لدور الثقافة والمثقفين في صياغة الاستراتيجيات العامة لعالم متغير من حولهم وبحيث يلعب المثقفون دورا ايجابيا في التعاون والسلم الدوليين كما في التصدي ( لثقافة ) التكفير بكل تعبيراتها ) , وتشير الرابطة الى ان – (…مشروع طريق الحرير الثقافي يؤكد على حوار وتواصل الحضارات ودورها في نبذ كل اشكال الكراهية والتعصب القومي والمذهبي وما يرتبط بها من حروب وويلات , واغناء استراتيجيات انسانية وتواصلية في خدمة امم وشعوب الشرق والعالم كله… ) , وتختتم رابطة الكتاب الاردنيين النداء الذي وجهته الى اتحاد ادباء آسيا وافريقيا قائلة , ان طريق الحرير الثقافي هذا – ( .. يشمل اضاءة كل من ترك بصمة تواصل
حضاري من الكتٌاب واللغويين والوراقين والفنانين والعلماء والقادة , بالاضافة الى المتاحف والآثار والاوابد والاسواق القديمة والنصب التذكارية والمكتبات والمقامات والمزارات الدينية والمراصد الفلكية العريقة والخانات والحرف الشعبية والتراثية والمحطات المختلفة ذات الصلة ) .
طريق الحرير الثقافي – مشروع حضاري هائل الحجم شكلا ومضمونا , وهو هدف كبير يتطلب جهودا كبيرة وجماعية تتناسب مع هذه الفنتازيا الابداعية الرائعة . دعونا نتمنى لرابطة الكتٌاب الاردنيين خصوصا ولاتحاد ادباء آسيا وافريقيا بشكل عام النجاحات في مسيرتهم الثقافية والحضارية الطويلة هذه ونحن نتذكر الحكمة الصينية حول الطريق بالف ميل الذي يبدأ بخطوة واحدة . لقد تم تحقيق هذه الخطوة فعلا , اذ دعت رابطة الكتاب الاردنيين الى تشكيل هيئة للمشروع من ممثلي الاتحادات والروابط والهيئات المشاركة في اتحاد ادباء اسيا وافريقيا وتقدم تقاريرها للاجتماع الدوري , ويمكن ان تنبثق عنها هيئة مستقلة لضمان نجاح وديمومة المشروع . نحن لا نمتلك سوى ان نصفٌق لهم ولافكارهم التقدمية الرائعة الجمال و الرائدة هذه . نعم نعم لطريق الحرير الثقافي .