23 نوفمبر، 2024 12:55 ص
Search
Close this search box.

طركاعة الموبايل‎

طركاعة الموبايل‎

سافرت الى دول عديدة اوربية واقليمية وعجبت حينها عندما رأيت ذلك الجهاز لاول مرة وكنت اتصور انه راديو صغير يستأنس حامله بسماع ما يعجبه وعندما عرفت ان هذا الجهاز يرسل ويستقبل وينقل صور المتحدثين عبره وكانهم يتكلمون وجها لوجه وما دعاني للكتابة عنه ما رأيت في عراقنا بعد الاحتلال وتسلل هذا الجهاز الذي كانت بداياته في الايام الاولى للغزو يحمله من دخل مع قوات الاحتلال ورويدا رويدا بدأ ينتشر حتى ليكاد لايخلو بيت منه ولا ابالغ ان قلت ان الاكثرية الساحقة هم من حملة الموبايل وكل حسب امكانيته  مما يسمى طابوقه الى الكلاجسي وغيره الذي تجاوز قيمة البعض منه اكثر من مليون دينار , الذي دعاني ان اكتب عن هذا الجهاز النافع الضار هو ماشاهته واشاهده كل يوم منها ما يشبه نكته كبيرة ما شاهدته في قاعة اقيم فيها حفلة عرس شاهدت العريس مشغول عن عروسه بالموبايل مع من يتحدث معه بالوقت نفسه كانت العروس مشغولة عن عريسها بهذا الجهاز ليس هذا فحسب بل حتى الكثير من الحاضرين يتحدثون في اجهزتهم منشغلين عن مايجري في القاعة من عزف وغناء ورقص وكانها حفلة موبايل وليست حفلة زواج والفرقة الموسيقية تعزف لهذا الجهاز , في الشارع راكب السيارة الخاصة وسائق سيارة نقل الركاب وسائق الشفل وسائق الدنبر الذي يحمل قناني الغاز ( اخر مبتكرات تاكالون في العراق ) وراكب الدراجة الهوائية والبخارية والشاحنة والقلاب 40 طن و50 طن وسائق الاسعاف والجندي والشرطي الذي يقف في نقاط السيطرة لمراقبة المارين عبر هذه النقاط وبايع اللبلبي وبيض اللقلق والمنظف في الشارع والشيال ويكاد لا يخلو الشارع من متحدث فيه ومنهم من يرفع صوته ويحرك يده يسرة ويمنه وهذا يهدد وذاك يتوعد وانا لله واليه راجعون كل هذا ضمن الحرية المسلفنة التي دخلت علينا بعد التحرير مع شقيقتها الديمقراطية والعدالة الاجتماعية , والاعتراض هنا على اللامبالاة التي يتصرف بها الكم الاكبر من الناس فذلك الذي يستدير في تقاطع مزدحم ويمسك المقود في يد والموبايل في اليد الاخرى وهو سارح مع من يتحدث معه او سائق الشاحنة الكبيرة المحملة بعشرات الاطنان ويسير بسرعة مماثلة لسرعته على الخط السريع وهو مشغول بهذا الجهاز اللعين وعشرات الالاف من الصور الضارة والمزعجة التي نشاهدها من خلال حركة سير المجتمع اليومية ,  ان الاجراء المتبع في بعض الدول حجز قائد المركبة مع مركبته مهما كانت وظيفته ومسؤوليته لو استعمل الجهاز وهو يقود المركبة نحن لا نطالب بذلك بل نقول لاصحاب الذوق الرفيع ومن يدعي الثقافة والرفعة والسمو ان يرتقي الى مستوى المسؤولية ويضع امام عينه ان اي انشغال عن الطريق ربما يسبب كوارث لاتحمد عقباها كما المطلوب من الاجهزة الاعلامية  تثقيف الجمهور بهذا الاتجاه اما بالنسبة للاباء والامهات ان يحتوا ابناءهم وخاصة المراهقين منهم ويراقبون اجهزتهم ولو بطرق غير مباشرة لان هذا الجهاز يحمل في ثنياه جانب الدمار الى جانب الفائدة العظمى التي يؤديها فكم فتاة صغيرة غرر بها وكم عملية اجرامية نفذت عن طريقه وكم عملية فساد مالي واداري مررت بواسطته وكم مخطوف دفع اهله الفدية عن طريقه والسلبيات لا تعد ولا تحصى ولكن لاينكر انه من النعم الى صنعتها البشرية لخدمة الناس واختصار الكلف والزمن من خلاله وانقاذ اعداد من الحالات لا تحصى عن طريقه ويجوز التشبيه المجازي بأنه مثل التيار الكهربائي يقدم خدمات ليس لها حدود للانسان ولكنه قاتل لا يرحم من يسيء استعماله املين من الجهات المعنية وضع حدود وتوجيهات حول حسن استعمال هذا الجهاز النافع الضار.

أحدث المقالات

أحدث المقالات