18 ديسمبر، 2024 8:34 م

طباشير على جدار مائي..!!

طباشير على جدار مائي..!!

عندما كنا صغارا في مرحلة الدراسة الابتدائية، كان لدينا ولع كبير في الكتابة على سبورة الصف من افكار وكلام يراودنا قبل او بعد انتهاء الحصة الدراسية ويأخذنا ولعنا هذا للكتابة بالطباشير المصنوع من عجين “البورك” على كل جدار نراه امامنا ولانكتفي بذلك بل كنا نكتب على الأرضية ايضا..
ولكن عندما نأتي الى ورق الكتاب او الدفتر الورقي ننزعج من الكتابة عليه.. وهذا يدل على ان مواهبنا الفكرية لو استغلت بعيدا عن الطرق التقليدية لكنا جميعا في امر آخر.. الغرب لديهم طرق عديدة في الدراسة اهمها وابرزها تنمية قدرات ومواهب الجميع منذ نعومة الاظافر وقبل الالتحاق بسرب الدراسة او المدرسة..
والشيء الابرز، ترك الطالب على راحته في اختيار الدراسة التي يميل إليها ومساعدته في النجاح والتفوق فيها.. ومن جهة اخرى عدم التقيد في الضوابط التي تجعل من الفرد
متذمرا منها، وترك المساحة الكافية لاختيار العنصر موهبته في عملا ما خارج نطاق الدراسة..
العراق بلد الحضارات والتاريخ اصبح الان يعاني من ازمة كبيرة في مستوى الدراسة والتعليم وبدأت الثقافات والعلوم تتراجع واصبح الفرد منشغلا بأمور اخرى بعيدة عن العلم والمعرفة والسبب الرئيسي لذلك هو انشغال الحكومات المتعاقبة على البلد بالسلب والنهب والفساد المستشري في مفاصل جسدها..
فاصبح تكليف الشخص الغير مناسب في المكان المناسب.. لكي تسير المنظومة عكس التيار، فاصبح الفاسد والجاهل هو من يقود مؤسسات ودوائر مهمة..
ويطبق فيها الأجندة المحسوبة عليه من حزبه او من كتلته او من جاء به الى هذا المنصب لكي يسرق ويجني المال ويسير الاوامر التي تأتيه لكي يكسب فيها ود الطرف الاخر..
بعد 15 عاما ، اليوم مستوى التعليم في العراق يصل أدنى مستوياته و الى اسوء تقييم منذ تأسيس الموسسة التعليمية..
وخرج البلد من الدراسة الدولية ايضا.
فاصبحت شهادة الطالب العراقي في الداخل سوى ورقة مختومة فقط.. ليس لها نفعا ولااهمية.. ويوعز ذلك الى تدني مستوى الدراسة والتوجه الى المؤسسات الامنية والعسكرية..
فتم ترسيخ عقلية الفرد العراقي وعسكرة المجتمع اما ان يصبح (شرطيا) او (جنديا) وهذه الوظيفة ليست للدفاع عن البلد او شيئا من هذا القبيل وانما هي امتيازات الراتب الكبير الذي يكفي لسد الاحتياجات اليومية.
السبب الرئيسي لتدهور وانهيار الوضع هو عدم الاهتمام بالجوانب التعليمية التي من شأنها بناء البلد وتغرس فيه العلم والثقافة.
نحن متوجهين نحو النفق المظلم الذي ينعدم فيه النور بسبب الجهات التي تحكمنا وكلها فشل والان بعد التظاهرات والاحتجاجات العارمة التي ملئت الشوارع في بغداد والمحافظات، تخرج علينا ما تسمى بالدولة وتقول نحن مع التظاهرات وهي تعلم انها السبب الرئيسي بالفساد وخروج هولاء المتظاهرين بعد معاناة وازمات مستمرة طيلة الفترة المنصرمة.. ماذا تريدون آلان (اتقتلوا القتيل وتسيروا في جنازته)..
اتركوا البلد وارحلوا من حيث ما اتيتم والمال الذي سرقتموه سيأتي يوما ويتنعم فيه غيركم كما جرى للنظام البائد.. الشعب سيغيركم وان طال الامد والأنتظار ..
وان فشلت المظاهرات كما جرى في السابق.. لابد من مجيئ يوما وتزاح عروشكم ويرمي بكم في الهاوية..
وهذه ليست كتابة من طباشير على جدار مائي.. وانما كتابة سيخلدها التاريخ قريبا.. ولنا عودة.