24 نوفمبر، 2024 9:33 م
Search
Close this search box.

طاهر يحيى.. للزعيم عبد الكريم قاسم.. صبيحة انقلاب شباط 1963: (نريد رأسك)

طاهر يحيى.. للزعيم عبد الكريم قاسم.. صبيحة انقلاب شباط 1963: (نريد رأسك)

ـ هادئ.. عصامي.. متواضع.. قليل الكلام.. لا يغير رأيه.. كان همه الأسري بناء أسرة يسودها الوئام والمحبة والخلق الرفيع.. فكان شديداً مع أولاده.. وحريصاً على تربيتهم التربية الصحيحة.

ـ لم يذكر أيً احدٍ عن أبنائه السبعة بسوء.. وأثناء ما كان رئيساً للوزراء حدثت مشادة مع ابنه البكر “زهير” وأحد مدرسيه.. وحينما عَلِمً والده أمر بحسبه في البيت.. مما اضطر مدير المدرسة التوسط للإفراج عنه.. فقال لمدير المدرسة: “إذا لم أكن قادراً على تربية ولدي.. فكيف سأحكم البلد؟”.. لم يستغل منصبه للإثراء كما يشاع!!

السيرة والتكوين:

ـ طاهر يحيى محمد عكيلي وِلدً العام 1913 في مدينة تكريت فلقب بالتكريتي.. أكمل دراسته الابتدائية فيها.. ودراسته المتوسطة في بغداد.. فعين معلماً في المدارس الريفية.

ـ كان الملك فيصل الأول قد افتتح صفاً في الكلية العسكرية خاص بأبناء العشائر من غير خريجي الدراسة الثانوية.. فلم يكن من العقيد مولود مخلص التكريتي المولد والمتنفذ آنذاك إلا أن يجمع عدداً من أبناء تكريت من غير خريجي الثانوية والذهاب بهم الى الكلية العسكرية ليدخلوا صف أبناء العشائر الذي خصصه الملك فيصل الأول أساساً لأبناء الفرات الأوسط والعشائر الجنوبية ضمن موازنات معروفة من بينهم احمد حسن البكر وطاهر يحيى.

مناصب عسكرية:

ـ تنقل طاهر يحيى في عدة مناصب عسكرية منها آمر كتيبة مدرعات منصورية الجبل.. ثم آمر كتيبة دبابات خالد في جلولاء (شرق بغداد) حتى العام 1956.

ـ ليحال على التقاعد بتهمة التآمر على النظام الملكي إثناء العدوان الثلاثي على مصر.. إذ كان من المقرر أن تتحرك كتيبة دبابات خالد وفوج المشاة الذي يقوده عبد الوهاب الشواف إثناء مناورات عسكرية في منصورية الجبل.. حيث تم الاتفاق على الزحف على بغداد.. والاستعانة بكتيبة الدبابات التي يقودها العقيد طاهر يحيى للسيطرة على المراكز المهمة في بغداد.. غير انه أرتؤيً تأجيل تنفيذ هذه الخطة بعد أن تبين إن نسبة نجاحها غير مضمون تماماً.

نشاطه السياسي:
ـ تسربت أخبار هذه الخطة الى الجهات العليا.. فأرادت أن تجابه ذلك بتجريد اللواء من سلاحه.. غير إنها خشيت عاقبة ذلك.. فاكتفت بنقله الى منطقة (أيج ثري) بحجة تبديل القطعات.

ـ وأبعد طاهر يحيى إلى الباكستان.. حيث مكث هناك ستة أشهر.. عاد بعدها إلى بغداد متقاعدًا.

ـ لا يوجد ما يشير الى تاريخ اضمام طاهر يحيى لتنظيم الضباط الاحرار.

ـ فقط عندما شكلت اللجنة العليا لتنظيم الضباط الاحرار في كانون الاول 1956 .. كان يحيى ضمن هذه اللجنة التي تكونت من 15 عضواً.

ـ حال قيام ثورة 14 تموز 1958.. عين مديرًا للشرطة العام..
قاسم واعتقال طاهر يحيى:

ـ أحيل طاهر يحيى على التعاقد بعد حركة عبد الوهاب الشواف الفاشلة في الموصل في 8 آذار 1959.. ليعتقل بعدها لنشاطه التأمري ضد ثورة 14 تموز.. وفي أحدى الامسيات بعد اعتقاله.. وبعد مضي أيام على الحَدَث.. وبشكل مفاجئ توقفت سيارة أمام بابِ بيتِ عائلةِ طاهر في حي دراغ.. وترجل منها عبدالكريم قاسم بمفردِه.

ـ طرَقَ البابَ بهدوء فظهرت أمُّ غسان ـ زوجة طاهر يحيى ـ وهي مذهولة ظنا منها أن كارثة أخرى ستحل بها عندما رأت الزعيم على الباب.. لكنَّ ظنّها تلاشى بابتسامةٍ أشرقت على مُحيّا قاسم وهو يؤدي التحية ويدور الى خلف سيارتهِ.

ـ فأنزل بضاعَتهُ المتكونة من كل ما يحتاجه المطبخ العائلي من تموين.. ووضعها أمام البيت وعاد مرة أخرى الى سيارتِه فأنزل منها دراجة هوائية صغيرة للطفل غسان ـ ابن طاهر يحيى- وطمأنها مرة أخرى على صحة (أبو غسان).. وأوعدَها خيراً بأطلاق سراحه بعد أيام.. وفعلا حصل!!

دور طاهر يحيى بانقلاب 8 شباط 1963:

ـ شارك طاهر يحيى بشكل رئيس في حركة 8 شباط (فبراير) 1963 التي أطاحت الزعيم عبد الكريم قاسم.
ـ حيث توجه رتل إلى معسكر الرشيد يتألف من دبابتين يعتليها كل من “العقيد المتقاعد طاهر يحيى والعقيد الركن المتقاعد رشيد مصلح والرائد المتقاعد أنور عبد القادر”.. وتخلف عن الالتحاق بهم دبابة الملازم عدنان خير الله بسبب عطلها لنقص الماء والوقود (استبدلها بأخرى صالحة).

ـ لم تتمكن الدبابات في البداية من دخول معسكر الرشيد بسبب إغلاق الباب النظامي (الرئيسي) بسيارتي حمل (لوري) من قبل منتسبي محطة كهرباء المعسكر (حرس قومي) الذين فتحوا النار على الدبابتين.

ـ مما اضطر الرائد أنور عبد القادر للرد على النار وقتل ثمانية منهم.. وانسحب البقية بعيداً (بسبب انعدام التنسيق بينهم) تمت إزالة العوائق ودخلت الدبابتان وفرضت السيطرة على مقر (ل مش 19 ناقص فوج).. ونجحوا في احتلال معسكر الرشيد.. ثم بعثوا ببرقية الى دار الإذاعة تأييداً للانقلاب.

يحيى.. لعبد الكريم قاسم (نريد رأسك):

ـ بعد ان أعدم الإنقلابيون عبد الكريم قاسم في مقر دار الإذاعة العراقية في الصالحية.. ظهر طاهر يحيى يوم 9 شباط 1963 معلناً أن الزعيم عبد الكريم قاسم اتصل به هاتفياً لمعرفة مطالب الانقلابيين فكان ردي عليه “أننا غير مستعدين للتفاوض ويجب عليك ان تستسلم من دون قيد أو شرط.. وإننا نريد رأسك”.

ـ مما اضطر الرائد أنور عبد القادر للرد على النار وقتل ثمانية منهم.. وانسحب البقية بعيداً (بسبب انعدام التنسيق بينهم) تمت إزالة العوائق ودخلت الدبابتان وفرضت السيطرة على مقر (ل مش 19 ناقص فوج).. ونجحوا في احتلال معسكر الرشيد.. ثم بعثوا ببرقية الى دار الإذاعة تأييداً للانقلاب.

يحيى.. لعبد الكريم قاسم (نريد رأسك):

مناصبه في انقلاب 8 شباط 1963:

ـ عين صبيحة انقلاب 8 شباط 1963.. رئيسا لأركان الجيش.

ـ كما عين عضواً في المجلس الوطني لقيادة (الثورة).

ـ ومنح رتبة فريق ركن.

يحيى.. وحركة حسن السريع:

ـ يذكر ان طاهر يحيى ركب دبابة كصاحبه عبد السلام محمد عارف وذهبوا إلى معسكر الرشيد يوم الثالث من تموز (يوليو) 1963.. كبقية قادة انقلاب شباط من مدنيين وعسكرين..
لمحاولة إحباط المحاولة الانقلابية التي قادها بعض العسكريين الشيوعيين داخل معسكر الرشيد بقيادة العسكري الشيوعي حسن سريع.

يحيى .. ومؤتمر البعث:

ـ خلال حكم البعث الأول (شباط 1963 – تشرين الثاني 1963) عقد هذا الحزب مؤتمره القطري في 11 تشرين الثاني / نوفمبر 1963.. وفي بداية المؤتمر اندفع إلى قاعة الاجتماعات عشرات الجنود والضباط المدججين بالسلاح يتقدمهم المقدم محمد حسين المهداوي وسيطروا على المؤتمر.. وأشار المهداوي إلى يحيى ان يصعد إلى المنصة ويترأس المؤتمر فضجت القاعة بالاجتماع والصياح والشتائم.

ـ المهم فرض يحيى رئيسا للقيادة القطرية.. لكن ذلك لم يستمر سوى خمسة أيام

رئاسته للوزارة:

ـ ساهم طاهر يحيى في حركة عبد السلام عارف في 18 تشرين الثاني 1963.. وكان له دور بارز في طرد الحرس القومي والبعث من السلطة.. فكافأه عبد السلام عارف بتشكيل الوزارة.

ـ يقول احمد الحبوبي في كتابه (أشخاص كما عرفتهم): (كان لابد أن يتولى طاهر يحيى رئاسة الوزارة بعد 18 تشرين الثاني 1963 فهو الأقرب إلى قلب وفكر عبد السلام محمد عارف فمسيرتهما العسكرية والسياسية تكاد تكون متشابهة.. وقد نجح طاهر يحيى في أن يحوز ثقة عبد السلام محمد عارف.. كما لم تكن عسكرية طاهر يحيى صارمة.. وكان يحاول أن يرضي الجميع.. رئيس الجمهورية وحاشيته ووزراءه والضباط والأصدقاء لكنه لم يستطع.. وأراد أن يحتفظ بمصب رئيس الوزراء لأطول فترة ممكنة لكنه اخفق في ذلك).

قراراته الاشتراكية:

ـ في الرابع عشر من تموز 1964 قام بتأميم البنوك والمصارف التجارية العراقية.. كما تم إصدار قانون المؤسسة الاقتصادية العراقية.. التي كانت تضم المنشآت والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها.. وكان طاهر يحيى يرى في هذه القرارات بداية التحول الوحدوي الاشتراكي.

بريطانيا تحتج:

ـ اصدرت حكومة الفريق طاهر يحيى القانون رقم 97 الذي اعاد إلى شركة النفط الوطنية العراقية جميع الاراضي المنتزعة من شركة اي بي سي البريطانية.. التي كان التصرف فيها مجمدًا حتى ذلك الوقت بانتظار تسوية بالمفاوضة بموجب هذا القانون الجديد ويصبح كل باطن الارض ملكًا للشركة الوطنية المفوضة.

ـ قدمت الحكومة البريطانية مذكرة احتجاج إلى حكومة الفريق يحيى بسبب صدور هذا القانون رقم 97 الذي يخول شركة النفط الوطنية العراقية حق استثمار النفط في الاراضي التي استعيدت من شركات النفط الاجنبية العاملة في العراق.. التي تبلغ 99 في المئة من الاراضي العراقية التي كانت تشملها امتيازات الشركات الاجنبية.

ـ كما يتيح القانون ايضًا نقل ملكية حقل الرميلة في جنوب العراق حيث يعتبر المراقبون هذا الحقل الذي اكتشف آنذاك بانه اكبر الحقول النفطية في العالم إلى شركة النفط الوطنية التي استولت بموجب القانون على جميع الاجهزة والآلات الموجودة في حقول نفط الرميلة غير المستثمرة التي تملكها شركة نفط العراق في جنوب البلاد.

ـ رفضت حكومة يحيى مذكرة الاحتجاج البريطاني باعتباره يتعارض مع القواعد والاعراف الدولية.. كما اوقفت المحادثات التي كانت تجريها مع شركتين اجنبيتين.. احداهما فرنسية والاخرى اميركية.. لاستثمار موجودات العراق من الكبريت.

ـ حيث كانت شركة بان أمريكان للكبريت التي تضم مجموعة المستثمرين الاميركيين يرأسهم روبرت اندرسون وزير المالية الاسبق قد دخلت في منافسة حادة مع شركة سوسيتي ناسيونال دي بترول الفرنسية للحصول على امتياز باستثمار الكبريت العراقي.

ـ كما رفض الفريق يحيى استقبال مورفي نائب وزير الخارجية الاميركي الذي زار العراق طالبا استثمار حقل كبريت المشراق من قبل الشركات الاميركية.. قائلًا: “نحن اعطينا كلامًا للبولونيين ونحن نحترم العقود والمواثيق”.. ومنذ ذلك الوقت غضب مورفي.. وبدأت معه آنذاك محاولات القيام بتغيير النظام.

تهم بالفساد:

ـ اعتبر حزب البعث إن عدوه الأول هو طاهر يحيى.. ولهذا عملوا على تسقيطه.. من خلال اتهامه بالفساد.. حتى لقبوه ب (أبو فرهود).

قصة أسهم مدينة الألعاب:

ـ تأسست شركة مدينة الألعاب في بغداد.. العام 1963.. كان للدولة حصة (50 % ) لأمانة العاصمة.. ومصلحة شهداء الجيش.. و(50 %) الأخرى للقطاع الخاص.. تعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط.. وكانت الدولة مهتمة بالقطاع المختلط.
ـ ساهم الكثير من الأشخاص العاديين وبعض المسؤولين بشراء أسهم من هذه الشركة.
ـ ساهم طاهر يحيى بشراء 375 سهم.. سعر السهم الواحد دينار واحد.. يدفع 25 % والبقية.. تسدد أقساطاً.. وسجلها باسم أولاده الثلاثة “زهير وغسان وجمال”.

ـ وجه بعض الضباط إلى الرئيس عبد الرحمن عارف اثر توقيع اتفاقية ايراب الفرنسية بعد انتشار اللغط عليها إنذاراً شديداً بضرورة إعفاء طاهر يحيى من منصبه كرئيس للوزراء ومحاكمة الوزراء أديب الجادر وعبد الستار علي الحسين وعبد الكريم فرحان وخير الدين حسيب وآخرين بلغ عددهم 22 مسؤولا بتهمة الإثراء غير المشروع على حساب الشعب العراقي.. إضافة إلى تشويه سمعة الحكم في العراق.

ـ فقد قبض هؤلاء وفق رواية هؤلاء الضباط ستة ملايين دينار حوالي (18 مليون دولار أميركي) رشاوى وعملات لقاء دفع الفريق طاهر يحيى على الموافقة على العقد شركة إيراب.. فأجابهم عارف يستحق الموضوع التحقيق والعقاب.. لكن عارف لم يقم بأي إجراء يذكر.

يحيى.. والمشكلة الكردية:

ـ عملت حكومة طاهر يحيى على حل المشكلة الكردية على أساس اللامركزية.. وبدأت مباحثات بين الطرفين وجرى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين الأكراد.. وقدمت الحكومة مذكرة قدمها السيد صبحي عبد الحميد وزير الداخلية إلى القيادة المركزية إثناء زيارته لكركوك في 7/2/1965 تكونت من 12 بنداً.. وكان الملا مصطفى البارزاني قد بعث برسالة إلى حكومة طاهر يحيى يقضي بإضافة وزارة باسم وزارة الشؤون الكردية ترتبط بها الألوية الشمالية من كافة الوجوه ويناط بها الإشراف على القضايا الإدارية والثقافية في المنطقة الكردية بدلا من وزارة أعمار الشمال.

ـ رفض طاهر يحيى هذا الاقتراح.. وقال: (هذا يعني استقلال ذاتي مبطن.. لكن المسألة الكردية ظلت على حالها (لا حرب ولا سلم).. حتى تشكيل وزارة طاهر يحيى الثالثة.. وفي اليوم الثاني لتشكيلها انتقد ملا مصطفى البارزاني هذه الوزارة في تصريح نشرته جريدة التآخي في 12/ 7 / 1967 جاء فيه: “إن الوزارة لا تمثل الأكراد وإنها وليدة ظروف غير ديمقراطية”.. كما طالب البارزاني بضرورة إحياء المؤسسات الاقتصادية خدمة للعراق والتعايش الكردي العربي.. وأضاف البارزاني: “إنني اعتقد إن أزمة صفوف الشعب العراقي.. وأزمة الحكمة ليست وليدة اليوم وإنما هي في الحقيقة نتيجة عوامل متعددة يأتي انعدام الحكم الديمقراطي في البلاد وإطالة فترة الانتقال وانعزال الحكم عن الشعب وعدم قدرته على التعامل معه.. لان تشكيل الحكومات المتعاقبة لم يكن طبيعياً أو مستنداً على قاعدة شعبية ولا انبثقت عن إرادة الشعب ورغبته عن طريق نظام حكم برلماني صحيح”.. ودافع البارازاني عن بيان 29 حزيران 1966 الذي أعلنته حكومة عبد الرحمن البزاز مؤكداً التزام الحكومة به أكثر من سنة وشهر غير إن ظهور تكتل للقوى العسكرية والمدنية ذوي التوجهات القومية والمستقلين يطالبون بضرورة إقامة حكومة ائتلافية تشارك بها القوى كافة لحل مشاكل الشعب العراقي.

وزارتيه.. الثانية والثالثة:

ـ لم تستطع حكومة طاهر يحيى الأولى.. إيجاد حل مناسب للقضية الكردية فلم يجد طاهر يحيى سوى تقديم استقالة وزارته في 14/11/1964.. فشكل وزارته الثانية مباشرة.. ويبدو إن حكم عبد السلام محمد عارف مرً بعدة مراحل.. وفي كل مرحلة كان يغير جلده.. فلم يكن عارف يقبل بمشاركة أي كان في السلطة معه.. فكان يعمل بكل الطرق للتخلص من أي شخص يحاول أن يشاركه في السلطة.. وهكذا أصبح في عزلة خاصة من الأكراد والشيوعيين والقوميين والناصريين والبعثيين الذين انقلب عليهم وأسقط حكمهم.. واشتدت الأزمة بينه وبين الناصريين.. فقدم الوزراء الناصريون استقالتهم الجماعية من حكومة طاهر يحيى في 10 تموز 1965 وهؤلاء الوزراء هم:

1 ـ صبحي عبد الحميد/ وزير الداخلية.
2 ـ عبد الكريم فرحان/ وزير الإرشاد.
3 ـ الدكتور أديب الجادر/ وزير الصناعة.
4 ـ الدكتور عزيز الحافظ / وزير الاقتصاد.
5 ـ عبد الستار علي الحسين/ وزير العدل.
6 ـ فؤاد ألركابي/ وزير الشؤون القروية.

ـ حاول طاهر يحيى ان يوفق بين الضباط ومطالبهم وبين الوزراء.. لكن فشل فلم يكن بالشخصية التي تستطيع تحقيق هذا الدور.. فقدم استقالة وزارته الثانية إلى الرئيس عبد السلام عارف في 3 أيلول / سبتمبر/ 1965.. ليشكل عبد الرحمن البزاز وزارته وهو أول مدني يشكل الوزارة في العهد الجمهوري.

ـ ظلت حكومة البزاز في الحكم حتى انتكاسة الخامس من حزيران 1967 اثر العدوان الإسرائيلي على الدولة العربية.. ويبدو إن الرئيس عبد الرحمن عارف وجد إن الأوضاع الجديدة تتطلب حكومة يرأسها عسكري.

ـ فكلف طاهر يحيى تشكيل حكومته الثالثة ولم يشترك في هذه الحكومة ممثلين عن الحركة الكردية بل شارك فيها مصلح النقشبندي وهو لا ينتمي إلى أية جماعة حزبية كردية.

ـ وقد صرح السيد مصطفى البارزاني في اليوم الثاني لتشكيل هذه الحكومة قائلاً: “إن الوزارة لا تمثل الأكراد وإنها وليدة ظروف غير ديمقراطية”.. كما طالب البارزاني بضرورة إحياء المؤسسات الاقتصادية خدمة للعراق والتعايش الكردي العربي.. وأضاف البارزاني: “لقد علمتنا التجارب المريرة إن الحكم الذي لا ينبثق من صفوف الشعب.. والذي لا يولد طبيعياً يبقى متخبطاً في مسيرته بعيداً عن التخطيط والرقابة الشعبية.. لذلك تستفحل الأزمات في ظله.. والحل الوحيد للخروج من الأزمات المستحكمة هو تأليف حكومة وطنية تضم مختلف فئات الشعب واتجاهاته”.

ـ حاول طاهر يحيى الحوار مع القوى السياسية المعارضة من بعثيين وشيوعيين وقوى القومية الأخرى والأكراد.. لكن العقبة التي واجهت يحيى إن الجميع يرفضون الحوار والجلوس معه على طاولة النقاش.. فطاهر يحيى غدر بأقرب حلفائه وان همه الوحيد يبقى بالسلطة ولا يشاركه احد كرئيسه عبد السلام عارف.

ـ بالمقابل ازدادت الدعوات لإقامة حكم ديمقراطي وأخرى إلى حكومة ائتلافية وطنية يشارك فيها الجميع للعمل على إقامة حكم ديمقراطي.. فيما كان الإنقلابيون يعملون في الخفاء.. وهكذا قام انقلاب 17 تموز 1968 وسقطت حكومة طاهر يحيى وعاد البعث العدو اللدود لطاهر يحيى إلى السلطة.

طاهر يحيى.. وانقلاب تموز 1968:

ـ ما أن تم الانقلاب في 17 تموز 1968 حتى طوقت ثلة من الجنود والمدرعات منزل طاهر يحيى في المنصور.. فاستسلم حرسه الخاص.. واعتقل طاهر يحيى ونقل إلى وزارة الدفاع ثم إلى سجن رقم واحد في معسكر الرشيد.. واعتقل عبد الواحد زكي المدير المفوض لشركة الكوكا كولا في بغداد بعد انقلاب تموز 1968.. وجرى تعذيب الأخير حتى الموت بهدف الاعتراف بأنه رشا طاهر يحيى من اجل تمشية معاملات شركة الكوكا كولا.. لكن الرجل لم يرشي أحداً فعلى من يعترف ؟

ـ صدر فوراً أمر بحجز موال طاهر يحيى المنقولة وغير المنقولة.. وتبين انه لا يملك لا أموال منقولة ولا غير منقولة.

ـ أما عن أسهم شركة مدينة الألعاب.. يقول وزير الإرشاد آنذاك عبد الكريم فرحان: انه إثناء التحقيق معه خلال اعتقاله بعد الانقلاب بصفته عضو اللجنة العليا للتموين إن الحكومة أرجأت إغلاق معمل الكوكا كولا.. وموضوع رشوة طاهر يحيى دعاية مغرضة لا أساس لها.. وعن امتلاك يحيى أسهما كثيرة في الشركة.. قلتُ حتى الرئيس عبد السلام عارف يملك أسهماً.. فلماذا طاهر يحيى؟ وأضاف عبد الكريم فرحان: إن بوسع أي شخص أن يشتري أسهم أية شركة مساهمة تعرض اسمها في السوق.

ـ حاولت الشخصية الكردية المعروفة فؤاد عارف التوسط لأكثر من مرة لدى احمد حسن البكر ونائبه صدام حسين.. للعفو عن رئيس الوزراء السابق طاهر يحيى.

ـ إلا أن تلك المحاولات لم تنجح أزاء إصرار البكر على معاقبة طاهر يحيى والانتقام منه.

ـ وكان فؤاد عارف على اتصال مستمر بطاهر وبعائلته.. وزاره مرات عدة بعد إطلاق سراحه.. ويذكر فؤاد عارف إن كل ما تعرض له طاهر يحيى.. كان سببه عثور الانقلابين على ورقة في درج مكتبه.. موجهه الى عبد الرحمن عارف تحذره من وجود معلومات تؤكد إن البكر وعدداً من الضباط ينوون الإطاحة به.

ـ فيما يتحدث الشخصية القومية المعروفة أحمد الحبوبي.. في كتابه “شخصيات كما عرفتهم” قائلاً: اعتقل يحيى في معتقل الفضيلية في بغداد.. وضيق عليه في المعتقل وعومل معاملة سيئة.. وكان معه في المعتقل مجموعة كبيرة من السياسيين ومن اتجاهات مختلفة”.

ـ يضيف الحبوبي قائلاً: “إن طاهر يحيى غضبً غضباً شديداً عندما بلغه إن أسرته تتوسط له عند احمد حسن البكر.. فمنعها من الاتصال بالبكر في ذلك.. كما ذكر رحيم الكبيسي إن يحيى ذكر له نبوءة عبد السلام عارف من انه سيأتي يوم يعتقلهم البكر.. وذلك عندما ذهب يحيى وبعض الضباط للتوسط الى عبد السلام عارف من اجل إطلاق سراح احمد حسن البكر عندما اعتقل بعد فشل المحاولة الانقلابية الثانية للبعث في 5/9/1964.

ـ يقول طاهر يحيى: وتحققت نبوءة عارف وها هو البكر يعتقلنا.. ويضيف الحبوبي قائلاً: “تم نقل يحيى إلى معتقل قصر النهاية وهناك كانوا يعتقدون جلسات للتسلية من قبل المحققين مع المعتقلين.. فعذب يحيى تعذيباً شديداً”.

ـ المهم ساءت صحته وزادت شكواه من عينيه حتى كاد يفقد بصره.. فأطلق سراحه فاعتكف بداره لا يبرحها.. وكانت مراقبات الأمن على داره شديدة.. وعندما تضطره الضرورة للخروج تتبعه سيارة إلى حيث يذهب.. وعندما طلب أن يعالج عينه خارج العراق منع من السفر.. فعلق على هذا المنع قائلاً: “سبحان الله حتى ـ الشراميط ـ تسافر خارج العراق.. وأنا ممنوع من السفر من اجل العراق”.. وانطوى يكابد عللته حتى فارق الحياة يوم 19 / 5 / 1986.. ودفن في مدينة تكريت.

نزاهته:

ـ لم يسجل على طاهر يحيى أية مخالفة مالية خلال مسيرته العسكرية.. أو خلال مسؤوليته المدنية منذ ثورة14 تموز 1958 حتى وفاته.

ـ رفض بشدة أن يسجل رئيس الوزراء أبناؤه في المدارس الخاصة والأهلية.. مردداً إن المدارس الحكومية موجودة وهي ترقى لمستوى المدارس الخاصة والأهلية.

ـ لم يمتلك طاهر يحيى دار سكن ملك له.. وفي العام 1961 أشترى “رشيد النعمان ” قطعة أرض بحي دراغ في المنصور لإسكان عائلته وإخوانه بعد أن تعرضت دورهم في منطقة الكرخ الى التهديم.. واشترى قطعة ارض في نفس المنطقة ليتسنى لطاهر يحيى المتزوج من ابنة رشيد النعمان.

ـ كان طاهر منذ العام 1957 برتبة عقيد ومحال على التقاعد.. وفعلا بناها طاهر وسكن هو وعائلته بها.. حيث كان طاهر وعائلته يسكنون بالإيجار في منطقة كرادة مريم.

ـ بعد ثورة 14تموز 1958.. عينت الثورة طاهر مديراً للشرطة العام.. وانتقل للسكن في أحد دور السكك الحكومية في الشالجية.

ـ العام 1959 أحيل طاهر على التقاعد.. وترك الدار الحكومية.. وانتقل للسكن إيجاراً في كردة مريم حتى العام 1961.. حيث انتقل وعائلته الى البيت في الشارع الموازي حي دراغ بعد أن اكتمل بناء دارهم بإسلوب البناء القديم “عكادة).. بقيً في هذه الدار حتى العام1974.

ـ العام 1974.. وبسبب ضيق هذه البيت وِقِدَمِه تم بيعه ب (17000 ألف دينار).. تم بناء دار لهم في نفس المنطقة على قطعة الأرض التي ورثتها زوجته :أمينة رشيد النعمان.. وهي دار عادية وسكنوا بلا أثاث.

ـ خصصت له قطعة أرض في مدينة اليرموك أسوةً ببقية الضباط .. وبقيت القطعة فارغة حتى العام 1983.. حيث قرر ابنه البكر “زهير” الذي كان يعمل في أبو ظبي.. وأخيه “غسان” الذي حصل على الماجستير في الاقتصاد.. بناء لهما دارين صغيرين على هذه القطعة.. لكن تم تأجيرهما لتسديد ديون التي ترتبت على بنائهما.

ـ مات الرجل.. ولا يمتلك لا هو ولا زوجته سوى بيتهم الذي يسكنوه.

ـ ليس له أو لزوجته أو أبنائه وبناته أية عقارات.. أو أملاك.. أو بساتين.. داخل العراق أو خارجه.

ـ ليس له حساب مصرفي لا داخل العراق ولا خارجه.

ـ فتح زوجته حساب في مصرف الرافدين فرع السوق المركزي كل ما جمعت فيه هو 500 دينار عراقي فقط.. الهدف منه.. تغطية مصاريف البيت.. بعد وفاة المرحوم زوجها العام 1986.

ـ ليس لهم أي مورد آخر سوى راتبه التقاعدي الذي يسد رمق معيشة عائلة من 9 أنفار.

نموذج من نزاهته:
ـ العام 1964 أصدر طاهر يحيى رئيس الوزراء أمراً تحريرياً بصرف مبلغ (50) خمسون ديناراً عن قيمة نثرية لمكتب رئيس الوزراء لتدارك نفقات شراء القهوة والشاي لضيوف مكتب رئيس الوزراء.

ـ وحين وصلت المعاملة الى الخزينة المركزية فقد رفضها احد موظفي التدقيق ويدعى (كريم عبد الله) وهو موظف من الدرجة السابعة (كاتب تدقيق حسابات) يحمل شهادة الدراسة المتوسطة.. فرفض الموافقة على صرف المبلغ.. وكتب على ظهر مذكرة مستند الصرف (إنها دائرة حكومية وليست مقهى ومن أراد أن يضيّف الآخرين عليه أن يضَيّفهم من جيبه الخاص وليس من أموال الخزينة العامة التي هي مال الشعب).

ـ بعد يومين أرسل رئيس الوزراء طاهر يحيى شخصياً (اعتذاراً) للموظف وطلب من وزير المالية منحه قِدَماَ لمدة ستة أشهر تقديراً لنزاهته وحرصه على المال العام.. وتم تعميم الكتاب وصورة مطالعة الموظف على ظهر مذكرة مستند طلب الصرف على جميع دوائر الدولة في العراق.

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات