15 نوفمبر، 2024 2:53 م
Search
Close this search box.

طالب ياسين/67

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
ولد المناضل الشيوعي.. الشهيد طالب ياسين محمد .. إبن عمة والدتي .. في المجر الكبير / العمارة، سنة ١٩٤٠، متشبعا بريح فيافيها المفتوحة.. تَعِبٌّ نسيمها عليلا.
والشهيد.. رحمه الله.. أب لثلاثة اولاد وبنت، هم عادل وزكي ومشتاق وزكية، تيتموا باكرا؛ لأن أباهم نذر نفسه لقضية كبرى، تعدو الأسرة، الى صنع قدر الشعب.
 
زكي
رهن إمتدادات إنتمائه العائلي بالحزب الشيوعي؛ إذ أطلق أسم “زكي” على نجله الثاني، تيمنا بإبن عمته المناضل زكي خيري وإستقى إسم إبنته زكية، من “زكية خيري” و”عادل” إجلالا لتاريخ الشهيد الماركسي الخالد سلام عادل.
تلك المتوالية، في الأسماء المشيرة الى يساريين مشهورين.. عالميا ومحليا؛ واضعا نفسه نصب أعين نظام حزب “البعث” وذئبه المسعور بالدم.. صدام حسين.
 
نجارة
إستعار طالب مهنة السيد المسيح.. عليه السلام.. إذ يعمل نجارا؛ من دون ان تلهيه لقمة العيش عن مواصلته التثقيف الذاتي، معوضا الدراسة الأكاديمية بتفوق؛ لما تحلى به من منهجية في التفكير، خدمت الحيز الذي كلفه الحزب بأن يشغله، في تنظيمات الجناح العمالي.
 
شخصيا
عرفته رجلا طيب القلب، نعم القريب ونعم الصديق والمثقف والسياسي والوجيه الاجتماعي؛ إذ يحب الوطن، مجسدا الولاء من خلال تفانيه المخلص، في خدمة الناس، من دون تفرقة.. يحب الجميع.. أبناء وطنه كلهم.
تتصف بنيته الجسدية بقصر القامة.. لكنه ذو طول عملاق، يتسامى الى النجوم يتألق مع لألائها؛ ثاقبا ظلام الليل، مع الشهب والنيازك الهائمة في الفضاء اللانهائي، بخلقه الرصين وشرفه الأصيل وعفته الرفيعة.
 
تلاشٍ
مزاحا.. تطالبه والدتي.. بنت عمته، بترك السياسة ملتفتا الى معيشة عياله؛ فيجيبها، تناغما في المزاح:
–          لو صعدت على منبر الجامع؛ واعلنت براءتي لن يصدقني البعثيون.
وفعلا إعتقله العفالقة الصداميون، مرات عدة، آخرها في العام ١٩٧٩، ومنها إختفى متسربا الى غيابات الأمن العامة، طوته سدف ظلامها المتراكبة، مثل جبال تسحق أديم الارض.
لم يظهر لطالب ياسين أي ما أثر حتى سقطت ديكتاتورية الطاغية المقبور صدام حسين؛ فعثر المنقبون على رفاته الطاهرة، ضمن المقابر الجماعية، التي نشرها حزب البعث تحت ثرى العراق.. تخز ضلعه بمخايط من أبنائه النجباء، الذي سفحوا أرواحهم قرابين لحرية السني والكردي والشيعي والمسيحي والصابئي والتركماني، وألوان طيف العراق كافة.
رحمك الله ابا عادل، وحشرنا في ظلك يوم يوم القيامة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات