الأمة تعاني من إستلاب طاقتها الشبابية عبر أجيال وأجيال , وهذا الإستلاب يتسبب بإحتقانات وإنبعاجات تكون مؤهلة للإنصباب في أي قالب يمكنه أن يستوعبها ويسخرها لغايات ما.
فالأمة فيها طاقات وفيرة وتعجز عن توظيفها وإستثمارها لتأمين مصالحها وتعزيز قوتها وتنمية قدراتها , فطاقات الشباب كثروات النفط التي تم هدرها فيما لا ينفع الأمة.
فالأزمة الجوهرية التي علينا أن نستوعبها ونتصدى لها بعلمية وعملية هي طاقات الشباب التائهة , التي تبحث عن مسار تنطلق فيه وتتأكد إرادتها من خلاله , ولعجز الأمة عن توفير المنافذ , فأن آفات الإنحراف تتقدم لإلتهام طاقاتهم , وتأهيلهم ليكونوا أدوات فاعلة في الدمار والخراب الدنيوي على أمل الفوز بالنعيم الآخروي , لأن الأمة قد أترعت أيامهم باليأس والحرمان والإبلاس المرير.
لم يتحدث المفكرون عن هذا التحدي الحضاري الكبير , وتاهوا في مطاردة النتائج الناجمة عنه , فأغفلوا الأسباب العضوية وتورطوا بالظن في مداواة النتائج , وما أفلحوا بل تمكنت النتائج من التطور والتراكم حتى تسببت بإختناقات وتداعيات مروعة.
إن التفاعل الصائب يجب أن يكون في الجد والإجتهاد لإبتكار المنافذ العملية النافعة لتوظيف الطاقات الشبابية وإستثمارها لصالح الأمة , عبر مشاريع متنوعة ومتطورة , تستوعبها وتفاعلها لبناء الحاضر والمستقبل.
فما يجري في واقع الأمة هو طاقات شبابية منحرفة أو منفلته عن مسارها الصحيح , ومستغلة من محاور الشر والعدوان للنيل من الأمة وسحق وجودها.
فالإجراءات القمعية والترهيبية لن تعالج المشكلة , وإنما المشاريع الإقتصادية هي التي ستوجه الطاقات الشبابية نحو ما هو إيجابي وتبعدهم عما هو سلبي , وتساعدهم على تذوق طعم الحياة والشعور بالبهجة والسرور , بعيدا عن السأم والضجر الذي يواجههم في بلدان الأمة الغافلة عن مقومات بناء الدولة , وتأمين الحاجات الأساسية من حقوق الإنسان.
فهل من إقتراب مغاير , ونظرة موضوعية للأزمات المتراكمة على صدور الأجيال؟!!