19 ديسمبر، 2024 12:56 ص

طارق نجم الى الواجهة مجددا

طارق نجم الى الواجهة مجددا

نشرت صحيفة العالم في عدد الاربعاء (13شباط) ما مفاده ان المدير السابق لمكتب رئيس الوزراء قد ترأس وفدا لمفاوضات الجانب الكردي، مبينة ان “طارق نجم العبد الله” قد يعد خيارا بديلا عن المالكي في حال عدم التوصل الى اتفاق بشأن الاصلاحات المطلوبة، وفي حال تمسك الاطراف بمواقفها المناوئة لرئيس الوزراء نوري المالكي.

وبعيدا عن معطيات الخبر، التي ربطت وجود العبد الله بوجود جمال ابراهيم جعفر (ابو مهدي المهندس) والتي قالت انه كان ضمن وفد التفاوض المشار اليه، فان دلائل وجود العبد الله على الساحة السياسية مجددا  تعطي اكثر من خيار وتصور لطبيعة الازمة والحلول المقدمة لها.

لابد ان نتصور مقدمة، ان العبد الله ظل طوال الفترة الاولى لرئاسة المالكي يعد الكلمة الفصل في محيط الاخير وما تتبلور عنه من قرارات ورؤى وما تترشح عنه من ازمات، وان العبد الله كان عرابا خلال ازمة التيار الصدر التي دخل خلالها وسيطا مع الجانب الايراني، كما وانه المقرب من كيانات واحزاب عديدة ويحضى بدعمها المطلق.

رحيل العبد الله جاء مفاجئا للاوساط الاعلامية، لكنه لمن يدرس تفاصيل صناعة القرار في باحة مجلس الوزراء يعرف انه جاء محصلة لصراع طويل دفع المالكي اخيرا نجله الى استفزاز الاخير والاستحواذ على صلاحياته كمدير للمكتب، وتخييره بين الاقالة او الاستقالة التي رأى فيها العبد الله حفظا لكرامته وفضل البقاء في محل اقامته في لندن منذ ذلك الحين.

ما يهم في ذلك كله، ان خيار استبعاد العبد الله كان واحدا مما ترشحت عنه الصراعات داخل مجلس الوزراء خصوصا وان الازمة السابقة كانت تدار داخل اروقة الحزب الحاكم اكثر منها داخل مكون الاتئلاف الموحد، وهنا لابد من الاشارة الى ان سياسة المالكي اكتفت بتجميد عناصر الحزب الرئيسية وقيادات الرعيل المتقدم بمناصب تشريفية استشارية قبل ان يدخل بعضهم مجلس النواب ويصل اخرون الى الوزارات.

سياسة المالكي تمثلت بخلق قيادات جديدة وطرح وتهميش البعض الاخرين والتلويح عبر سلطة التحكم المالي والقرار بالاستبعاد والتقريب، وهو ما خلق سياسة عالية للتوازن في حزب الدعوة الذي طالما تحكم الرعيل الاول بسلطات القرار، لكن التجربة الاخيرة لمتتبع مسارات الحزب تشير ان التحكم بالسلطة السياسية اصبح يفرض وجوده على سياسية الحزب التي ارتبطت بنحو او اخر بوجوده في السلطة، ولا ادل على ذلك من حركات الانشقاق الاخير التي انقسم الحزب فيه بشكل اميبي.

وفي السياق، فان الصراعات التي نشبت داخل مكتب المالكي، كانت عبر معلومات بترشيح بدائل للمالكي في حال اصرار الكتل خلال ازمة توليه الفترة الرئاسية الثانية، وهو ما دفعته بعض القيادات داخل الدعوة نفسها، وكان اول ضحايا التنافس في ذلك هو العبد الله نفسه الذي جرت الاخبار وتواترت على كونه المرشح البديل الذي يحضى بقبول العديد من الاطراف من بينها الايرانية والامريكية والتي تقول المعلومات انه كان واحدة من عرابي الحوارات الثنائية بين الطرفين.

وعلى ضوء ما تقدم، فان عودة العبد الله الى المشهد من جديد، هو بحاجة الى اصلاح داخل البنية الحزبية ذاتها ورغبة بعض الاطراف فيها وفي طليعتهم عبد الحليم الرهيمي الى اعادة التوازن داخل الحزب الذي هيمن عليه المالكي ومجموعته الجديدة التي اطلق عليها فيما بعد قياديون في حزب الدعوة ومن ثم دولة القانون.

كما ان عودة العبد الله مشفوعا بجمال ابراهيم (ابو مهدي المهندس) وفي حال صحت اخبار طرحه كبديل عن المالكي، تعني ان الايرانيين نفسهم يأسوا من امكانية اصلاح المنظومة القائمة لادارة رئاسة الوزراء بما يمكنها من اجتياز الازمة، في وقت يجمع كثيرون ان المالكي لم يتعامل بحكمة مع تلك الازمة وقد ادار وجه للعديد من الشركاء الاستراتيجيين كالاكراد مثلا، ولم يكترث للقوى الدينية وتوجيهاتها، وهو ما ادخله حيز الازمة.

بيد ان عودة العبد الله قد تمثل في جانب اخر، طرح بدائل لابعاد المالكي خلال الفترة المقبلة عن دائرة الاضواء، لامكانية تأهيل دوره في الانتخابات القادمة، وهو ما لايمكن حسبانه بطريقة منطقية على وفق التجارب السابقة التي اطاحت بخيار الجعفري من قبل، بالاضافة الى ان العبد الله يمتلك من الرغبة ما يؤهله الى تصفية حساباته السابقة مع كثيرين كانوا ادوات لخروجه من منصبه.