18 ديسمبر، 2024 11:18 م

طارئـــــــــــون

طارئـــــــــــون

لم يدعِ أحدا أنه كان رجلا خارقا في زمن النظام السابق ولايستطيع أحد من أفراد جهاز الأمن الغاشم أن يقتله أو يعتقله أو على الأقل يبعده عن الوطن فيعيش مغضوبا عليه في المنافي البعيدة ،ولو صورت بعض سير المعارضين للنظام من أنهم كانوا أكثر طيرانا في فضاء المعارضة من (سوبر مان ) نفسه وهو لعمري تسويق رخيص هدفه الأساسي الحصول على المكاسب السياسية والمادية والوجائهية ايضا..!!
وهذا الامر لاينفي أو ينقص من شأن الكثير ممن  أعدم أوجاهد وناضل وأعتقل وذاق الامرين في محاربته من قبل النظام السابق في دراسته وعمله وعيشه ومحاصرة المجتمع له من خلال عزله أجتماعيا مخافة التقرب منه أو من أسرته حتى يبتعد عن مراقبات الجهات الامنية التي كانت تحسب الأنفاس على معارضيها وخصوصا في المناطق الشعبية والمكتظة بالسكان ومثل هولاء الفئة تجدهم يقفون في طوابير طويلة في دوائر ومؤسسات التي تعنى بشؤون الشهداء والسجناء السياسيين وهيأة التقاعد الوطنية بعد السقوط  و لايعنيهم ذلك التهافت واللهاث المحموم على المناصب والوجاهات السياسية التي اتخذت منهم (موديلا) وشعارا لحملاتها الانتخابية ..!!
كل تلك الاشكالات التي أفرزتها ظروف مابعد سقوط النظام السابق أبرزت وأظهرت فئة جاءت بالصدفة لتقف في الطابور الاول من طبقة السياسيين في غفلة من الزمن بل في غفلة من الشعب المغلوب على امره وهو يعيش في ضيق وفقدان أمن وغياب خدمات على كافة المستويات وتلك الفئة هي الطارئون ممن لم يعنيه ذلك الصراع الدموي أو تلك الممارسات القمعية التي كان تقوم بها الاجهزة الامنية في كتم أنفاس الناس وسلب أرواحهم ومحاربتهم في أرائهم وعباداتهم وطقوسهم بل كانت تلك الفئة كثيرا ماتصف من كان معارضا للنظام من أنه أحمقا  أو غبيا وفق سياسة (أكل أوصوص) كما يقال بالعامية العراقية وكانوا كثيرا مايستهزئون بالعوائل والآسر التي ضاع أبنائها مابين أعتقال وقتل وأعدام بل منهم من كان عيونا عليهم للامن ..!!
لكن المفاجاة الكبرى عندما تدخل الى أي مكتب أو مقر لحزب أو ندوة تجدهم في المقدمة ليطلوا بوجوههم الصفراء أمام وجهك وكأنهم يقولون لك (نحن هنا) رغم أنفك وجهادك ونضالك وحينها تتذكر قولهم عندما يصفوك بالأحمق محاولين أثبات تلك الصفة عليك تتراجع وانت تندب حظك العاثر الذي جعلهم معك في ميزان واحد وتقفل راجعا..!!
اولئك الطارئون الذين يتلبسون الاسماء والصفات بطريقة حاذقة خالية من الأخطاء فهم أسلاميون أكثر من الاسلاميين أنفسهم بزيهم واشكالهم وعلمانيون أكثر من العلمانيين بجدلهم واختلافهم في عراق لم يكتب له لحد الأن أن يلفظ أو يبعد كل تلك الزوائد والعاهات حتى يستطيع النهوض والمعافاة مستندا على كفاءة وتخصصات أبنائه من الذين كانوا معه في أشد الظروف صعوبة ووهبوه الغالي والنفيس لكي تبقى ساريته مرتفعة عزيزة مهابة..!!