صدر في جمهورية طاجكستان بتاريخ 29 نيسان ابريل من هذا العام 2016 قانون بتوقيع رئيس الجمهورية ينص على الغاء الصيغة القواعدية الروسية بشأن تسجيل المواليد الجدد في طاجكستان . هذه الجمهورية كانت – كما هو معروف – واحدة من الجمهوريات السوفيتية ايام دولة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية ( 1917 – 1991 ) , وهي جزء من الامبراطورية الروسية قبل ذلك .
لقد أخضعت الامبراطورية الروسية كل الشعوب الاخرى فيها الى قواعد اللغة الروسية للاسماء باعتبار ان اللغة الرسمية الاولى والمشتركة لتلك الامبراطورية هي – اللغة الروسية , واستمر الحال هكذا فيما بعد في الاتحاد السوفيتي ايضا . والقاعدة الروسية للاسماء هذه دقيقة جدا, وواضحة جدا وهي كما يأتي – يحتفظ الاسم الاول تماما بكل خواصه , ويخضع اسم الاب لقواعد محددة تبعا لذلك الاسم ( مذكر او مؤنث) , ويخضع اللقب كذلك لنفس تلك الاحكام . وهكذا , فان اسم ايفان المذكر , ابن بيتر مثلا , يكون كما يأتي – (ايفان بيتروفيتش ايفانوف ), اي باضافة لاحقتين الى نهاية اسم ابيه و الى نهاية لقبه , اما بالنسبة للمؤنث , فان مارينا , اخت ايفان مثلا تصبح – ( مارينا ايفانوفنا ايفانوفا) , وهناك لواحق اخرى عديدة ومتنوعة ايضا بالنسبة للالقاب . لقد خضعت اسماء الشعوب غير الروسية في الامبراطورية الروسية الى نفس هذه الصيغة الروسية كما اشرنا اعلاه , وتم تحويرالاسماء التي تختلف كليا وجذريا عن الاسماء الروسية الى نفس الصيغة الروسية تلك . و هكذا تحول الاذربيجاني مثلا (محمد احمد حسين) في الوثائق الروسية بالامبراطورية
الروسية وفي الاتحاد السوفيتي ايضا الى ( محمد احمدوفيتش حسينوف ) , واصبحت اخته (فاطمة احمد حسين) – ( فاطمة احمدوفنا حسينوفا).
بقيت بعض الالقاب عصيٌة عن الخضوع لهذه التحويرات اللغوية القسرية , لانها لا تتقبل تلك اللواحق , ومنها الالقاب الارمنية مثلا , لانها يجب ان تنتهي ب – (..يان ) سواء للمذكر او للمؤنث مثل – خاجوتوريان كانيكانيان وارتانيان …الخ , وكذلك بعض الالقاب الجورجية التي غالبا ما تكون مشتركة للمذكر والمؤنث ايضا ولا تتقبل ايضا تلك اللواحق , مثل – روستافيلي شيفارنادزه…الخ , وهناك امثلة اخرى لشعوب اخرى من الامبراطورية الروسية والاتحاد السوفيتي لاحقا لم تتقبل لغاتها القومية هذه التغيرات والاضافات , ولكن رغم ذلك خضع اسم الاب الى تلك الصيغة الروسية دون اللقب , وهكذا اصبح والد الارمني او الجورجي المذكر ينتهي باللاحقة – ( ..يتش) ووالد الارمنية او الجورجية باللاحقة-(..نا).
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ظهرت 15 دولة جديدة , ولكن اسماء مواطنيها بقيت تحمل نفس تلك الصيغ و السمات اللغوية التي كانت موجودة سابقا . وهكذا بقي ( علييف ) رئيسا لجمهورية اذربيجان و( رحمانوف ) رئيسا لجمهورية طاجكستان و و و.
لقد جاء قرار طاجكستان المشار اليه اعلاه بعد الاستقرار النسبي لتلك الدول التي ظهرت قبل ربع قرن , وبدأت تعالج هذه المشكلة اللغوية والسياسية في آن, والتي تتطلب زمنا طويلا جدا بلا شك من الجهود لحلٌها, لان هذه الظاهرة ابتدأت منذ فترة طويلة . ان هذا القانون يؤكد على المواليد الجدد فقط, وهو قرار منطقي و عقلاني جدا , اذ ان علاج هذه المشكلة يجب ان يكون بشكل هادئ وبنفس طويل جدا . وهناك من يتوقع صدور قوانين مماثلة بشكل او بآخر في الجمهوريات الاخرى .
وعلى الرغم من ان هذا القانون ينطبق على تسجيل المواليد الجدد في طاجكستان , الا ان الرئيس الطاجيكي ( امامعلي رحمانوف) اصبح يسمي نفسه ( امام علي رحمن ) ومنذ فترة ليست قصيرة , اي قبل صدور هذا
القانون , الا ان هناك طبعا ملايين الناس في تلك الجمهوريات العديدة لا يستطيعون ببساطة العودة الى الاسماء السابقة , التي كانت سائدة قبل ظهور الامبراطورية الروسية .
لم تستوعب جماهير القراء الروسية الواسعة فحوى هذا القانون رأسا , وقد انعكس ذلك في مختلف وسائل الاعلام الروسية , اذ تم نشر الخبر تحت عنوان – ( طاجكستان تمنع الاسماء الروسية ) او باشكال مقاربة اخرى , وحتى نشرة اخبار ( روسيا اليوم) العربية طبعت الخبر تحت عنوان – ( منع الاسماء الروسية في طاجكستان) !!!, , بل اشارت بعض وسائل الاعلام الروسية الى ان هذا ليس قانونا وانما توصية ليس الا , وانها توصية اختيارية فقط , اي غير ملزمة. لقد اضطرت جمهورية طاجكستان – نتيجة لكل ذلك الارتباك – ان تنشر في اليوم التالي تعقيبا وتوضيحا لعدم التفهم الدقيق لهذا القانون, مشيرة الى انها لا تمنع الاسماء الروسية بتاتا , ولا علاقة لها بذلك , ولكنها تريد ايقاف الصيغة الروسية للاسماء ليس الا .