23 نوفمبر، 2024 1:06 ص
Search
Close this search box.

طائر الوقواق يشبه الكثير من ساسة العراق

طائر الوقواق يشبه الكثير من ساسة العراق

بينما كنت اهم في متابعة دروس ولدي مع بداية العام الدراسي الجديد، وتحديداً مادة العلوم، شدت انتباهي صورة لأحد الطيور، الا وهو طائر الوقواق، والذي كنت اظن ولفترة قريبة بأنه طائر خرافي وغير موجود، لكثرة القصص والحكايات حوله؛ لما يحمله هذا الطائر من صفات غريبة وعجيبة جاعلةً اياه من اخبث واحقر الطيور.
تتصف حياة الوقواق بالطفيلية، حيث يبحث الابوان عن عشق جاهز لأحد الطيور الاخرى، فتضع انثى الوقواق بيوضها فيه وتغادر، وتترك مهمة احتضان البيوض للطائر صاحب العش، محتضنا ً بيوضه وبيوض الوقواق، عادةً تفقس طيور الوقواق مبكرا ً قبل بيوض المضيف، فيأخذ الطير صاحب العش على عاتقه تغذية صغير الوقواق ظناً منه ان المولود احد بيوضه، ما ان يخرج صغير الوقواق من قشرته حتى يبدأ بمحاولة رمي البيوض الاخرى خارج العش، حتى لو كانت بيوض من نفس جنسه -بالعادة الوقواق يضع اكثر من بيضه في العش المضيف- فضلاً عن بيوض صاحب العش الاصلي، ما ان يتخلص الوقواق الصغير من جميع ما حوله، حتى يتسع العش له وحده، ويكون الطعام له بمفرده، ولكبر حجمه وضخامته يتناوب الزوجان في اطعامه، وهو لا يزال فاتحاً منقاره لمزيد من الطعام، ما ان يقوى جناحيه ويصبح قادر على الطيران، سرعان ما يترك العش مغادراً باحثاً عن ابويه الحقيقين، واللذان بالعادة يكونان مرابطين قرب العش، يأخذانه ويطيران بعيداً حتى من دون كلمة شكراً على حسن الضيافة.

تذكرني حياة الوقواق بحياة الكثير من السياسيين العراقيين، من الذين جاءوا من وراء الحدود، مدعين انهم اصحاب نضال وجهاد، قد افضوا الكثير من سنين العمر في سبيل تخليص العراق من الظلم والظالم، فتحوا ابواب خزائنه على مصراعيها، ناهلين وناهبين كل نفيس وثمين، وكأن العراق ارث وتركه لأحد اجدادهم، نصبوا انفسهم ولاة امر مفترضين الطاعة، وما على الشعب الا السمع والطاعة، وصارت ثروات العراق ومقدراته بأيديهم، ولهم فقط دون سواهم، طاردين ابناء البلد الاصليين من العش كما يفعل الوقواق، بين مهاجر ومغترب، وبين شهيد ومعوق، وبين عاطل وكاسب.

تذكرت ايضاً قضية الاستفتاء في اقليم كوردستان، وتعاطي الشارع السياسي العراقي بين مؤيد ومطبل ورافض ومستنكر، تبادر لذهني صورة نكران الجميل التي جسدها الوقواق، وحياته الطفيلية التي قضى اوطارها متطفلاً على الغير حارما ً كل من يشاركه الموطن -العش- ابسط مقومات الحياة تاركاً إياه يلاقي مصيره، وعادةً ما يكون هذا المصير بين فكي حيوان مفترس او الموت الطبيعي بسبب الجوع والعطش، بعد ان عاش كل فترة نشأته وحياته على نفقات وخيرات الغير، رغم انه الدخيل وليس بصاحب الارض او المسكن، تسوق الجمل بما حمل وتأتي على الاخضر واليابس ويكون لك موطأ قدمين، احدهم في الحكومة والاخر في المعارضة، ان تكون في المركز عراقي وفي الاقليم كردي انفصالي؛ فقد تجاوزت حتى الوقواق قولاً وفعلاً.

رغم ان العراق كان سخياً مع جميع ابنائه الا ان نسيم الشمال العليل يترك ليلاه في القلب قبل العقل، وداً وحباً واخوة لجمال العراق بتنوعه وتعدد اطيافه ومكوناته، فكانت جبال كوردستان ووديانها هي ما تصبو اليها النفس وتتغنى بها، حتى باتت كل معضلات الوطن تُحل في اروقة وجدران اربيل، وكأن لبن اربيل هو ما ينتشي به القادة، ليوقعوا فيما بعد اتفاقيات شراكة وسلام وعمل.

كما ايقضت ذاكرتي اجواء التحالفات والتكتلات وهي تستعد لخوض غمار الانتخابات القادمة والتي ستجري في الثاني عشر من ايار لهذا العام وما يحصل الان من تفاهمات ومفاوضات بعيداً عن اربيل، رغم انها كانت حاضرة في الاحداث والمناسبات فالرسالة اليوم تقول ان جرح الاستفتاء وما تبعه عميق يصعب اندماله، رغم انه اوقف العراق على اعتاب مرحلة جديدة، حيث سيُرتهن مستقبل العراق بما تفضي اليه التفاهمات وربما الصفقات والتي قد تكون وقواقية او وطنية، ظاهرها حسن وباطنها ستفرزه الايام القادمة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات