لقد دعا السيد نوري المالكي ” القنوات الفضائية العراقية إلى الرد على وسائل الاعلام الاخرى ” التي وصفها بانها ” تثير الفتنة من خلال تناولها ملفات الفساد وتنتقد الفشل في الملف الامني واعتبرها شتيمة ضده وضد الاجهزة الامنية والعسكرية ” لقد اثارت هذه الدعوة قلق الكثيرين من المراقبين والاعلاميين والسياسيين واعتبرها البعض بمثابة اعلان حرب اعلامية بين وسائل الاعلام المختلفة , وفوضى اضافية تشعل التوتر اكثر ولاتساهم في تهدئة الاوضاع , في وقت كان الاجدر برئيس السلطة التنفيذية في العراق ان يلجأ الى دعوة للتهدئة والاصلاح بدل دعوته لضرب الاعلام ببعضه .وجاء كلام المالكي في يوم الثلاثاء 17 ايلول في العاصمة العراقية بغداد، وبحضور شخصيات سياسية واعلامية واجتماعية مختلفة في مؤتمر تاسيس اتحاد الاذاعات والفضائيات العراقية .
لقد تغيير حال وسائل الاعلام في العقد الاخير من الزمن من ناحية العدد والنوعية والاداء, ولقد كانت قناة تلفزيونيه واحدة واذاعة في كل دولة وبضع صحف اخرى هي كل ما موجود .
بينما نجد اليوم قد تأسست مئات الفضائيات والاذاعات والصحف في كل دولة واضيفت اليها مواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي الذي لاسيطرة للحكومات عليها وهي زهيدة الاثمان والتكاليف من ناحية الانشاء والادارة .امراء المليشيات , اصحاب الشركات , رؤساء الاحزاب , والحركات المتشددة , اغلبهم اصبحوا يمتلكون فضائيات ووسائل اعلام.
ولقد دخل الكثيرين من الناس ليعملوا فيها ليس بدوافع مهنية بل لدوافع معيشية لا اكثر واصبح جزءا من الاجندات الداعية التي تفتيت المجتمعات ومعاداة ابناء الدين الواحد والوطن الواحد لبعضهم , ولقد اتخد البعض الاخر ذريعة التمويل من جهات خارجية تبريراً لنشر الافكار والسموم بين الناس , وان الكثير من الادارات والتشغيل اصبح بيد اشخاص ليست لهم علاقة بمهنة الاعلام .
الطرق العملية التي ممكن اتباعها للخروج من التوتر الاعلامي :
اولاً : الاصلاح السياسي
1. وهذا يعني ان اصلاح الاداء السياسي والحكومي سيسكت كل الاصوات الاعلامية المعارضة والناقدة للسلبيات لانها موجودة في الواقع .
2. الابتعاد عن تسييس الاعلام والحفظ على استقلاليته لغرض الاستفادة منه في تقويم مسيرة العملية السياسية والاداء الحكومي .
3. تثقيف السياسيين على عدم استخدام الالفاظ النابية والهابطة والسب والشتم كي لا تتناقلها وسائل الاعلام .
ثانياً : الاصلاح الاعلامي
1. تقديم الدعم المالي للمحطات الفضائية والاذاعات الغير تابعة الى اي حزب سياسي على اعتبار انها منظمات مجتمع مدني لغرض فسح المجال امامها واعطائها فرصة لممارسة دورها الاعلامي بشكل مهني وطني دون الحاجة الى الجهات غير الوطنية وغير العراقية لتقديم دعم مالي لها واستخدامها ضد العملية السياسية وتغير خطابها .
2. تغيير خطاب الفضائيات والاذاعات التابعة الى الحكومة والاحزاب بحيث ان تمارس النقد الاعلامي الوطني البناء وتفويت الفرصة على الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى للعب دور الاعلام الضاغط وطرح السلبيات طالما ان السلبيات موجودة يعني لافائدة من اخفائها بل العكس عندما نتكلم عن السلبيات في الفضائية الحكومية سننتزع عامل السبق الاعلامي من سواها من الفضائيات .
3. يبقى الافضل دائما في مهنة الاعلام هو تناول الموضوعات بكل شفافية وصراحة والاستفادة من النقد والراي الاخر للاصلاح وعلينا فقط ان نتناولها بطريقة تختلف عن الطريقة التي تستخدمها وسائل الاعلام المضادة وبهذا نكون قد اخذنا المتلقي المشاهد منهم واصبح يسمع ويشاهد فضائياتنا لاننا سنكون نحن من يمتلك السبق الاعلامي والاثارة والمصداقية ونحن من يمثل صوت المواطن ومعاناته .
4. ان عامل الامن المعيشي وضمان المستقبل الكريم للاعلاميين يشكل الهاجس الاول الذي يرافقهم في المهنة ولذلك اذا قامت الحكومة بتحقيق المستقبل الامن من الاجور والسكن ولكل وسائل الاعلام العراقية وعدم ربط ولاء الاعلاميين وانتمائهم السياسي بمعيشتهم هم وعوائلهم سيجعل من الاعلام الوطني اعلاما مهنيا صادقا نافعا وليس ضارا .
5. اصلاح قانون حماية الاعلاميين والصحفيين بالشكل الذي يوفر حصانة وحماية حقيقية لهم في عملهم, لان الاعلام هو السلطة الرابعة التي من واجبها مراقبة ومتابعة عمل السلطات الثلاثة وبدون دور اعلامي حقيقي سوف لن تستقيم الامور .
لهذا فان مسيرة الاصلاح السياسي والحكومي والاعلامي لابد ان تسير بخطوط متوازية وفق المعايير الوطنية والمهنية اذا اريد لها ان تنجح وان ضرب وسائل الاعلام ببعضها لايمكن ابداً ان يكون بديلا عن الاصلاح .