الكتابة مسؤولية أخلاقية في المقام الأول والالتزام بها واجب مقدس خاصة من المثقفين حاملي راية التغير والاستنارة والنهضة. تلعب وسائل الإعلام دوراً محورياً في صناعة الوعي الاجتماعي وفق معايير وأنماط محددة. السلطة الرابعة التي هي منبر الفقراء والمساكين والضعفاء ومن لا حول ولا قوة لهم، وهي الوسيلة للكشف عن الحقيقة واستقصاء الواقع. أصبحت وسائل الإعلام من أهم صناع الوعي الاجتماعي وبناء الواقع من خلال استحواذها على نسبة كبيرة من وقت الفرد في المجتمع. هذه الوسائط أصبحت تفبرك الواقع وفق آليات معينة وأطر محددة لتحقيق أهداف مدروسة مسبقا. إن الصحافة تحولت من السلطة الرابعة إلى سلطة تزييف الواقع و تضليل الوعي وفبركة الأحداث والوقائع وفق ما تمليه عليها قوى المال والسياسة. فوسائل الإعلام اليوم, أصبحت تُكيف الأحداث والوقائع وفق القوى التي تتحكم بها، سواء كان ذلك محليا أو عالميا. ويحق للناس أن تتسال ماذا أصاب الأكاديمي وإعلامي و الطبقة المثقفة؟ حتى أصبح الأغلبية منهم مستعد لتغير أفكاره ومعتقداته بين ليلة و ضحاها منهم من يستطيع ذلك قبل أن يجف الحبر الذي سطر به أخر ما كتبه ! كتابة الشئ وضده ليست من صفات المثقف. الجمود الفكري و العقم الثقافي و حالة التشظي و التخبط التي يعيشها المثقفون و الإعلاميون والخلط المتعمد للقضايا. فقد الكاتب والمفكر و الاعلامي المصداقية والأمانة لتصبح كتاباته باهتة بلا طعم أو رائحة يصعبُ تذوقها. هنالك من يطربك منه حديث، فتسأله هل من مزيد؟ وآخر تستثقل منه حرفا يتيما ففي حديثه ترويع و هلاك، وفى صمته أمان للناس. الكتابةُ إما ناثرة للورود مرشدة للحق ناصر للعلم, وإما تكون مجرى، تمر من خلالها مياه الصرف الصحي، لتصنع في نهاية الطريق بركة تقبع فيها الضفادع، فيختارها البعوض بعد ذلك ملاذاً وسكنا. فالصحفي كمثقف في المجتمع أصبح يقرأ الواقع بعيون القوى السياسية والاقتصادية وليس بعيون الفقراء! إلاعلام مع الأسف الشديد أصبح يهدم ويحطم أكثر مما يبني ويهدف إلى الخير والبناء والتشييد. الحديث عن الحياد والشفافية المطلقة في الصحافة خدعة لا ينبغي أن تنطلي علينا، المال الآن يقول كلمته ويشتري الصحف والذمم معاً، ما أكثر الإعلاميين وأصحاب الأقلام من كتاب الذين تقاضوا ثمن كلمتهم، وتحولوا إلى جنود نظاميين، وأعضاء في ميليشيات إعلامية تنفذ مخططات محددة لصالح هذه الدولة أو تلك، حتى أصبح الحديث عن حقيقة في المشهد الإعلامي أحد الأوهام الكبيرة التي ينبغي أن نتنبه إليها. تمضي عقارب الساعة بطيئة وكئيبة وهي تمضي بنا نحو العام السادس عشر من الديمقراطية وهاهي البلاد تعايش واحدا من أكثر الحقب إظلاما وإيلاما في تاريخها الديمقراطي لا يقل إظلاما عن حقبة البعث العفلقي. وبدلا من التكاتف و الوقوف بصف واحد للدفع بعجلة البلاد إلى الإمام نرى خبثهم و ثقافة نشر الفتنة وشحن الأجواء وكيف يصبون الزيت على النار. فيما لم يكن أحد يتصور أن يؤول الحال إلى ما نحن عليه .